ترجمة – إبراهيم سمعان
وصفت فيفيان ماتيس بون -الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية في الشرق الأوسط بجامعة أمستردام- النظام السياسي في مصر، بطنجرة ضغط ستنفجر في أي وقت في وجوه الجميع، مضيفة أن السؤال هو: متى وكيف؟، والأهم من ذلك بأي ثمن؟ وكم من الدماء ستراق؟.
وأوضحت في مقال بموقع “أوبن ديمكراسي” البريطاني، أن نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية كانت صادمة، مشيرة إلى أن الأكثر سخافة أن ذلك تم في ضوء الافتقار الكبير للمحتوى السياسي وعدم وجود خيار انتخابي وغياب حرية التعبير.
وأضافت: “حتى العاصمة القاهرة الصاخبة دائمًا باتت هادئة بشكل مخيف، لا يوجد صوت سياسي، ولا تسمع حتى همسًا، بدلًا من ذلك، يتخلل الصمت السياسي القمعي شوارع مصر المزدحمة بطريقة خانقة”.
ولفتت الأستاذة الجامعية إلى أنه تم القبض على القادة السياسيين ومرشحي الانتخابات، ووضعوا تحت الإقامة الجبرية أو اختفوا ببساطة، بينما هرب العديد من النشطاء السياسيين من البلاد، والبعض الآخر تغشاهم سحابة مظلمة، ولديهم سؤال مقلق: متى سيكون دوري؟ متى سيتم القبض علي وأتعرض للتعذيب؟ متى سأختفي؟!.
وأشارت إلى أن انتقاد الجيش المصري بات الآن شكلًا من أشكال الخيانة العظمى، يعاقب عليه بالإعدام، كما يتم الآن تطبيق عقوبة الإعدام كأداة للعقاب الجماعي، ويمكن احتجاز أي شخص في أية لحظة، لأنه لا يوجد خط أحمر فيما يتعلق بما هو مسموح به وغير مسموح به في ظل النظام الاستبدادي.
ولفتت إلى أن حلم التغيير الاجتماعي والاقتصادي، ووضع حد لسوء استخدام الدولة للأمن الذي كانت تتبناه ثورة يناير 2011، مدفون الآن تحت كومة من الأنقاض السياسية، التي يبنى عليها البيت غير المستقر في السياسة المصرية الحالية.
وأوضحت أن التفاوت الاقتصادي وانتهاكات الدولة الأمنية أكبر من أي وقت مضى، حيث اختفى آلاف الأشخاص وتعرضوا للتعذيب والاغتصاب والقتل، كما أن الاحتجاجات أو المظاهرات ممنوعة، وحتى أصغر انتقاد للحكومة أو الجيش يُنظر إليه على أنه تهديد مباشر للأمن القومي.
ومضت “فيفيان” قائلة: “الصمت والموت منتشران في سيناء، التي لم تعد أقل من ثقب أسود عسكري، لن نعرف أبدًا ما الذي يحدث حقًّا في سيناء، بخلاف المقتطفات المشوهة للمنافذ الإخبارية الموالية للدولة”.
وتابعت: “في هذه الأثناء، تتم مراقبة الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية بمساعدة أجهزة الاستخبارات الألمانية، بموجب الاتفاق المصري الألماني الجديد، الذي وقعته المستشارة أنجيلا ميركل، ويشمل هذا بالطبع جميع أنشطة حقوق الإنسان التي تلحق الضرر بصورة الأمة المصرية والنظام”.
وأضافت: “علاوة على ذلك، تم إغلاق المجتمع المدني بالكامل بموجب قانون المنظمات غير الحكومية الذي أغلق أكثر من 47000 منظمة، كما تم إغلاق حوالي إلكتروني”.
وأردفت: “في الوقت نفسه، تقوم فرنسا بشحن أطنان من المعدات العسكرية إلى مصر، وتتعاون الشركات الهولندية في مشروع قناة السويس، الذي يعاني من الخسارة، لاسيما في دعم صورة وشرعية النظام،كما ارتفع الهولنديون إلى المرتبة السابعة في تجارة الأسلحة إلى مصر، تليها ألمانيا، لكن يسبقها بالطبع فرنسا، كما تضاعفت تجارة الأسلحة البريطانية مع مصر منذ عام 2013، بعد أن لقي السيسي أفضل استقبال خلال زيارته إلى المملكة المتحدة في عام 2015”.
ومضت الكاتبة تقول: “بشكل عام، ارتفعت صادرات الأسلحة المصرح بها إلى مصر من 3 مليار يورو في عام 2013، إلى 19.5 مليار يورو في عام 2015، وكل ذلك لأن القادة السياسيين الدوليين يعتقدون أن دعم القادة السلطويين، مثل السيسي، سيجلب لهم المزيد من الاستقرار في المنطقة”.
وأضافت: “كما يؤمن صندوق النقد الدولي بهذا بوضوح، عندما أشادت كريستين لاجارد مؤخرًا، بإصلاحات الحكومة المصرية، لاسيما جهودها الجادة لحماية الفقراء والضعفاء، بينما في الوقت نفسه دفعت هؤلاء السكان بالتحديد إلى مزيد من الفقر، من خلال تخفيض قيمة الجنيه المصري، ورفع الدعم الحكومي، حتى إن عائلة متوسطة من الطبقة المتوسطة لا تستطيع تحمل ثمن عبوة بسيطة من عصير البرتقال، وقد أصبحت تكلفة قطعة الشوكولاتة تعادل أجر أسبوع”.
واختتمت: “مصر عبارة عن طنجرة ضغط، حيث يتم ترك الشعب المصري يتعفن في كفاحه من أجل البقاء – سواء اجتماعيًّا أو اقتصاديًّا أو في سجون مصر، هذا الانتخاب في استعراض الرجل الواحد لن يزيل أو يخفف من هذه الضغوط، وفي الوقت نفسه، لن يؤدي الأسلوب الأمني المصري إلى الاستقرار، بل إلى المزيد من عدم الاستقرار، سوف تنفجر هذه الضغوط في نقطةٍ ما في وجوه الجميع، السؤال هو: متى وكيف؟ والأهم من ذلك، بأي ثمن؟ كم من الدم سيراق؟”.
اضف تعليقا