في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018 قُتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بعد فترة وجيزة من دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول. كانت خطيبته التركية خديجة جنكيز تنتظره في الخارج لكنه لم يخرج، وبعد أيام تم الإعلان عن وفاته وتقطيع أوصاله التي لا تزال مخفية في مكان مجهول حتى الآن.
في لقاء مصور قالت جنكيز “ما زلت أتذكر تلك اللحظة، قبل ثلاث سنوات، انتابني القلق وأنا أنتظر جمال خارج القنصلية السعودية في اسطنبول. كان شعوراً تقشعر له الأبدان، آلام في معدتي، لا زلت أعاني منها إلى اليوم…
إن حقيقة أن قاتله أفلت من العدالة أمر مروع، بتركه يفلت من العقاب، منح العالم محمد بن سلمان تصريحاً لارتكاب ما يحلو له ضد معارضيه ومنتقديه.
ربما تكون إدارة بايدن قد رفعت السرية عن تقرير استخباراتي قال إن محمد بن سلمان وافق على اغتيال جمال، لكنها رفضت فرض أي عقوبات مباشرة عليه، ما جعله أكثر جرأة وأكثر خطورة.
على الرغم من الدعوة إلى “إعادة تقويم” العلاقات الأمريكية السعودية، لم تفرض واشنطن أي عقوبة مباشرة، ما دفع العديد من قادة وحكومات العالم تقليد إدارة بايدن وتجاهل انتهاكات بن سلمان.
الأسبوع الماضي وقف القادة في الجمعية العامة للأمم المتحدة وتحدثوا عن حقوق الإنسان والديمقراطية، لكن لم يقم أي منهم بالدفاع عن النشطاء والكتاب السعوديين الذين يقبعون في السجون بسبب شجاعتهم على تحدي النظام الاستبدادي في السعودية. البعض استنكر مقتل جمال حين قُتل لكنهم لم يفعلوا أي شيء لتحقيق العدالة له. أقول لهم الآن: لا تصرحون بأن قتل شخص صالح بسبب دفاعه عن الديمقراطية والحرية يُعتبر جريمة طالما ليس لديك نية للانتصاف له… لا فائدة من القول إنكم تدافعون عن الديمقراطية في وقت لا تقدمون أي حماية لها أو لأولئك الذين يقاتلون من أجلها في المملكة العربية السعودية وحول العالم.
إن انعدام العدالة في جريمة قتل جمال له تأثير حقيقي ودائم… أولئك الذين يجرؤون على السير على خطاه يعيشون في خوف شديد، ولديهم سبب منطقي لذلك، خاصة وأن المملكة العربية السعودية تواصل استهداف أي شخص يعارض النظام داخل حدودها وخارجها.
هناك عدد لا يحصى من الأشخاص خلف القضبان، يواجهون أحكاماً قاسية بالسجن لارتكابهم “جرائم” يعتبرها النظام شنيعة، مثل التغريد لدعم حقوق المرأة.
أولئك الذين قرروا التغاضي عن مقتل جمال بسبب المصالح الاقتصادية وغيرها يرسلون أولاً رسالة واضحة: يمكن للطغيان أن يعمل بحرية إذا كان لديه الشركاء المناسبين.
من الواضح أن الطريقة الوحشية التي قُتل بها الصحفي والناشط الذي أراد بالفعل تحسين حياة شعبه لن تغير الحسابات الباردة لمن هم في السلطة.
كيف نتوقع من المدافعين عن حقوق الإنسان أن يتقدموا إلى الأمام في حين أن أولئك الذين يمارسون الأذى ضدهم يضمنون الإفلات من العقاب؟ محمد بن سلمان ينجح – إنه يعلم أنه في أروقة السلطة في الأمم المتحدة والبيت الأبيض وأماكن أخرى، لن يجرؤ أحد على تحدي أفعاله الإجرامية.
فيما يصرخ المعارضون السعوديون من أجل التضامن، تدير الدول ظهورها وتعمق علاقاتها الاقتصادية مع قاتل خاشقجي.
في فبراير/شباط، عندما رفعت إدارة بايدن السرية عن تقرير المخابرات حول تورط محمد بن سلمان في مقتل جمال، أعلنت وزارة الخارجية أيضاً أنها فرضت ما أسمته “حظر خاشقجي”، وهي قيود على منح التأشيرات ضد أي شخص يتبين أنه “يتصرف نيابة عن حكومة أجنبية” في”ارتكاب انتهاكات خطيرة خارج الحدود الإقليمية ضد المعارضين “.
حتى لو كانت تلك الآلية تحمل اسم جمال، فإنها فشلت في تحقيق العدالة له، طالما لا يزال القاتل حراً، بل تمت تبرئته من الجريمة، فما فائدة أي إجراء يتم اتخاذه؟
بدلاً من الكلمات التي تدعم المثل العليا، والشعارات الكاذبة، نحتاج إلى سياسات جادة تدعم المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين داخل وخارج المملكة العربية السعودية.
مناشدتي الصادقة اليوم لمن يملك القوة والنفوذ هي: أوقفوا هذه الخدعة. علينا الوقوف بشجاعة وقوة ضد القتلة بدم بارد الذين يسحقون الديمقراطية والإنسانية.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا