العدسة – معتز أشرف

نرصد المؤشرات التي تتحدث عن تقدم حزب الله من زاوية خسارة بن سلمان رهاناته وملياراته التي صرفها في الفترة الأخيرة

 

الصدمة والانتصار

الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من جانبه استخدم عبارة انتصار المقاومة للتعبير عن النتائج، مؤكدًا أن تركيبة المجلس السياسي الجديد  تشكل انتصارًا كبيرًا للمقاومة ولبيئة المقاومة التي تحمي سيادة البلد وحمايته، وجمهور المقاومة أسقط المؤامرات التي حِيكت ضدها، وتحت عنوان الصدمة والانتصار بثّ موقع العهد الإخباري أحد أهم منابر حزب الله في لبنان تقاريره صورًا لسعد الحريري، وهو في قمة حزنه على النتيجة، ووصفه بأنَّه كلاعب قمار هاوٍ وضع كل ما لديه على الطاولة.. وخسر كل شيء، فجلس متهالكًا على مقعده، بيده سيجاره الرفيع، وربما كأس مخفيّة في اليد الأخرى.. واستسلم لواقعه الأليم، قائلًا: “لقد خسر سعد، وخسر تياره الكثير، ليست الخسارة في عدد المقاعد فقط، وإنما في عدد الأصوات أيضًا، ليست الخسارة هي خسارة تكتل نيابي، وإنما خسارة زعامة وهيمنة وسيطرة على مقادير طائفة من الناس سلّمته قيادها خلال أكثر من عقد، فإذا به يفرّط بها، ما سمح لمن لديه القدرة أن يأخذ حصته من زعامتها، وفي المبدأ، هذا ليس أمرًا سيئًا للطائفة، وإن كان سيئًا لشخص الحريري. فأبناء المذهب السني في لبنان كانوا دائمًا يملكون روحًا تشاركية، تتعدد فيهم الزعامات، وتتعاقب فيهم القيادات، ضمن حدّ أدنى من التفاهم والتعاون والتنسيق، الذي أعطى لهذه الطائفة مكانتها على الساحة اللبنانية، وسمح لها بتبوء مواقع أساسية في الدولة والنظام في لبنان.

إيران تكسب!

وكالة رويترز وصفت نتيجة الانتخابات اللبنانية بأنها إبراز لنفوذ إيران، وقالت في تقرير بعنوان “في إبراز لنفوذ إيران.. حلفاء حزب الله يحققون مكاسب بانتخابات لبنان”: أظهرت النتائج الرسمية تحقيق حزب الله وحلفائه السياسيين مكاسب ملحوظة في الانتخابات البرلمانية اللبنانية مما يعطي دفعة للجماعة الشيعية المدعومة من إيران والمناهضة بشدة لإسرائيل كما يؤكّد على النفوذ الإقليمي المتزايد لطهران، حيث ظلت مقاعد حزب الله في البرلمان كما هي أو تغيرت قليلًا، لكن المرشحين الذين يدعمونه أو المتحالفين معه حققوا مكاسب في مدن كبرى، وأظهرت النتائج النهائية في جميع الدوائر الانتخابية الخمس عشرة باستثناء واحدة أن حزب الله وحلفاءه السياسيين فازوا بما يزيد قليلًا عن نصف مقاعد البرلمان، وازدادت قوة الجماعة المدججة فيما أظهرت النتائج أن رئيس الوزراء سعد الحريري المدعوم من الغرب فقد نحو ثلث مقاعده ما وصفته بأنّه يشكل “صفعة للحريري”، الذي ألقى باللائمة على قانون جديد معقد أعاد رسم حدود الدوائر الانتخابية ومثل تحولًا من نظام الأكثرية إلى نظام التصويت النسبي، كما أشار إلى ثغرات في أداء حزبه فيما توقعت “رويترز” أنّ الأداء القوي للأحزاب والساسة الذين يدعمون حزب الله بتعقيد السياسة الغربية تجاه لبنان المتلقي الكبير للدعم العسكري الأمريكي والمعتمد على مليارات الدولارات من المساعدات والقروض لإنعاش اقتصاده الهش.

وفي افتتاحية موقع القدس العربي البارز كتب تحت عنوان “انتخابات لبنان: كلهم خاضوا الغمار والرابح إيران” مؤكدًا أنّه رغم بعض المفاجآت المحدودة، والتقدم أو التراجع الطفيفين في حصيلة الكتل النيابية الرئيسية، تشير نتائج الانتخابات التشريعية اللبنانية إلى تراجع كتلة «المستقبل» بالقياس إلى عدد النوّاب، لكنّ رئيسها سعد الحريري بقي الأوفر حظًا للتكليف بتشكيل الحكومة المقبلة، فيما خسر «حزب الله» مرشحًا شيعيًا في جبيل، لكنه اكتسب مرشحين جددًا من صفوف السنّة ليسوا حلفاء للحزب فحسب، بل هم أقرب منه إلى النظام السوري، وإذا كانت المجموعات المسيحية قد خسرت هنا أو ربحت هناك، فإنَّ التحالف القديم الذي جمع «القوات» مع «الوطني الحرّ» سوف يُستأنف سريعًا بعد إحالة صناديق الاقتراع إلى المستودعات، ولعل كبرى المفاجآت لم تكن نجاح «المجتمع المدني» في اختراق الأسوار الحصينة التقليدية، وانتخاب نائبتين آتيتين أصلًا من صفوف الإعلام والصحافة تحديدًا، ومن قلب الأقليات الأدنى سطوة، رغم ما انطوى عليه هذا التطور من مغزى هام.

الملمح الأبرز بحسب القدس العربي إقليمي يتجاوز لبنان ويتصل بما تشهده المنطقة من محاور وإعادة توزيع للأوراق والمواقف، وهو أنّ جميع القوى اللبنانية خاضت غمار الانتخابات، فكسبت أو خسرت أو راوحت في مكانها، ولكن الرابح الأكبر كان طهران ومحورها الذي تتوطد حلقاته من العراق إلى اليمن، مرورًا بسوريا ولبنان، خاصة وأنّ معطيات الانتخابات التشريعية المقبلة في العراق تشير إلى جولة فوز ثانية لصالح إيران، فضلًا عن أن شرائح واسعة من أبناء الطائفة الشيعية ما تزال ملتفة حول «حزب الله»، رغم أن خياراته في التدخل العسكري إلى جانب نظام بشار الأسد وتحويل «بندقية المقاومة» نحو الداخل السوري بدل المواجهة مع إسرائيل، التي كان يُنتظر منها أن تتسبب في تآكل بعض شعبيته في الوسط الشيعي على الأقل.

إيران من جانبها لم تخفِ سعادتها بالنتائج، وأشاد مسؤول إيراني رفيع بـ«انتصار» حزب الله وحلفائه في الانتخابات النيابية في لبنان والتي حققت نتائج «خلافًا لمزاعم الصهاينة ومؤامرات»، بحسب ما أورد التلفزيون الرسمي الثلاثاء، وصرح علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية أنّ «هذا الانتصار وتصويت الشعب اللبناني للائحة المقاومة… ناتج عن تأثير السياسات اللبنانية في الحفاظ على استقلال ودعم سوريا أمام الإرهابيين» وفق ما قال.

وصدقت توقعاتنا

وفي تقرير تحليلي لموقعنا العدسة بعنوان “اقتراع شبه محسوم.. من ينتصر في صناديق لبنان طهران أم “بن سلمان”؟!” نشر في 28 مارس الماضي، قال الموقع: “التي تتجه فيها المؤشرات إلى تقدم واضح لجبهة إيران على تحالفات محمد بن سلمان ولي عهد السعودية الذي يحاصره الفشل في أكثر من مكان” حيث كان الصراع الإيراني- السعودي حاضرًا بقوة في هذه الانتخابات التي تجري وسط صراعات حادة في الإقليم، فالسعودية حاولت تجميع كل حلفائها في لبنان، في إطار قوائم محددة وموحدة، وحزب الله في المقابل حاول تجميع كل حلفائه”.

ورصد “العدسة” الحرب الكلامية بين الفريقين التي تتحدث عن تدخل كل من طهران والرياض في الانتخابات، ظهر فيها بوضوح دفاتر الشيكات، ففي الجانب الموالي للأمير الطائش محمد بن سلمان قال محمد على الحسيني، أمين عام المجلس الإسلامي العربي، إنّ “حزب الله” يتصدر الانتخابات بالمال الإيراني، فيما أكد موقع العهد الإخباري المحسوب على “حزب الله” أنَّ السعودية دفعت مليارات الدولارات لحلفائها للسيطرة على المقاعد الانتخابية، وخلص” العدسة ” في تقريره إلى التأكيد علي أن النتائج في صورتها العامة، تبدو إلى الآن لصالح «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) بالدرجة الأولى وعلى حساب «تيار المستقبل» بالدرجة الثانية، ما يعني تقدم إيران على السعودية في موقعة الانتخابات“.