خلافات متزايدة ورؤي متباينة بين دول الحصار الـ 4

دول الحصار

دول الحصار

رغم ما يظهر في العلن من وجود حلف إمارتي متماسك يضم في دفته كلاً من السعودية ومصر والبحرين، إلا أن الفترة المقبلة قد تشهد خلافاً
متصاعدأً بين هذه الأطراف، حيث بدأت تظهر في الأفق ملامح تفكك هذا التيار، نظراً لتباين الرؤي تجاه المتغيرات السياسية، وبحث كل دولة عن مصلحتها بالمقام الأول.


بوادر تفكك

وفي تطور لافت، أبرز موقع (Middle East Eye) البريطاني وجود بوادر تفكك أصابت تيار دولة الإمارات وحلفائها في السعودية ومصر والبحرين.

وقال رئيس تحرير الموقع ديفيد هيرست في مقال له، إن بوادر التفكك ظهرت جلية في إعلان المصالحة الخليجية مؤخرا.

وذكر هيرست أنه “مما يثير الاهتمام أن نلاحظ من غاب عن إظهار الحب الأخوي في قمة دول مجلس التعاون الخليجي”.

وأشار إلى تغيب ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وملك البحرين حمد بن خليفة  وعبدالفتاح السيسي عن القمة.

وأبرز” هيرست” وجود مواقف متناقضة بين دول حصار قطر، إذ مضت السعودية قدما في إعلان المصالحة فيما عارضت الإمارات ذلك.

وأشار إلى أن البحرين في خضم نزاع حدودي مرير بشكل متزايد مع قطر، ولا تزال مصر متشككة في المشروع برمته.

وصرحت مصادر حكومية مصرية أن القاهرة لا ترى أساسًا قويًا بما يكفي لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع الدوحة.

وزعمت المصادر أن قطر ما زالت تشن “حملة منهجية تستهدف القاهرة” وأنه لم يتم تلبية أي من مطالب دول الحصار.

وبحسب هيرست فقد أدت سنوات الأزمة الخليجية إلى تعزيز موقف قطر وتحالفاتها الخارجية، حيث لم يتم تلبية أي من المطالب الثلاثة عشر لدول الحصار فيما أصبحت قطر تتمتع بالاكتفاء الذاتي والثقة أكثر.

وأشار إلى تصريح الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله لصحيفة فاينانشيال تايمز: “يمكنك القول إن قطر قد انتصرت”.

كذلك أبرز هيرست تصاعد الصدام بين محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما يخص ملف الحرب على اليمن، إذ سيطرت ميليشيات أبوظبي على جنوب البلاد، تاركة للسعوديين حرباً لم تُحسم مع الحوثيين في الشمال.

والملف الثاني يتعلق بقيادة التطبيع مع إسرائيل، بعد أن نصب الإماراتيون أنفسهم بوضوح على أنهم الشريك الخليجي الرئيسي لتل أبيب.

وأشار هيرست إلى أثار تفاخر الإمارات بأنها وإسرائيل لديهما أقوى قوتين عسكريتين في المنطقة وهو ما أثار دهشة الرياض.

وخلص هيرست إلى أنه بينما حل الأزمة مع قطر مرحب به، فإن الدوافع للقيام بذلك قد تؤدي للمزيد من الاضطرابات بالعالم العربي.


خلافات في ليبيا

في سياق متصل، كشفت تقارير متطابقة عن خلافات متصاعدة بين كلاً من مصر والإمارات فيما يخص الأزمة الليبية، حيث قالت مصادر ليبية إن مصر تبذل جهوداً واسعة في الوقت الراهن، لمنع خليفة حفتر من تنفيذ عملية عسكرية واسعة في الجنوب الليبي، بدعم من الإمارات التي تسعى لتصعيد التوتر في ليبيا.

وشددت المصادر على أن القاهرة ترفض بشدة انزلاق الوضع في ليبيا إلى المواجهات العسكرية مجدداً، وذلك لقطع الطريق أمام أي أطراف للتدخل مجدداً، أو جرّ القاهرة إلى سجال عسكري في الوقت الراهن.

وبحسب المصادر، فإن الإمارات سعت أخيراً لفتح قنوات اتصال رسمية مع أطراف في غرب ليبيا، لتطوير العلاقات العلنية معها، ولمنافسة نفوذ أطراف إقليمية في هذا القسم من البلد، إلا أنها فوجئت بموقف رافض، في ظل اتهامات بالتورط في عمليات قتل داخل الأراضي الليبية، وفي مقدمتها قصف الكلّية الحربية في مصراتة العامة الماضي، والذي راح ضحيته العشرات من الشباب الليبي.

وقالت المصادر إن أبوظبي تدفع حفتر لشنّ هجوم، لفرض نفسها كطرف يتم السعي نحوه للتدخل لوقف الهجوم العسكري حال تنفيذه، ولكي تعود أبوظبي كطرف أصيل على طاولة المفاوضات المعنية بالشأن الليبي، بعدما تم تهميشها من روسيا وتحرك مصر بعيداً عنها.

وتحدثت المصادر عن توتر بالعلاقات بين الإمارات وروسيا بشأن ما يجري بليبيا، نظراً للتنسيق الروسي ــ التركي، بعيداً عن أبوظبي.

ويشهد الموقف المصري إزاء ملف ليبيا انقلابا كبيرا بعد سنوات من تحالف القاهرة مع مؤامرات الإمارات، إذ كشفت مصادر مصرية عن ترتيبات لزيارة مزمعة لوزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة عباس كامل، إلى طرابلس خلال الفترة القريبة المقبلة.

وأوضحت المصادر أن الزيارة المرتقبة ستأخذ طابعاً رسمياً علنياً، لتدشين العمل مجدداً بالسفارة المصرية في طرابلس.

وأصبحت مصر في مواجهة للإمارات التي مازالت تدعم حفتر، في الوقت الذي اختارت فيه القاهرة سلك طرق الحياد، وخطب ود حكومة السراج، المعترف بها أممياً.

وتحاول مصر لعب دور الوسيط بين طرابلس وبنغازي، في ظل استمرار عجز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن مواجهة التشابك الليبي.


صدام في اليمن

ويعد من أبرز ما يهدد بتصدع الحلف الإماراتي من الداخل هو الموقف من أطراف النزاع في اليمن، حيث شهدت الساحة اليمنية تبايناً واضحاً في المواقف بين السعودية والإمارات علي مدار السنوات الست الماضية.

فبينما أعلنت السعودية منذ اليوم الأول لتدخلها في اليمن، في نيسان/ أبريل 2015، أنها تدعم الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه هادي منصور، وتعارض أي مشروع انفصالي، أعلنت الإمارات دعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي لا يخفي نواياه الانفصالية، وكذلك هاجمت الحكومة الشرعية عدة مرات، متهمة بأنها مخترقة من قبل حزب الإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.

 وما زاد من التكهنات حول نشوب خلاف بين الطرفين، هو انقلاب المجلس الانتقالي على اتفاق الرياض عدة مرات خلال الشهور السابقة، علماً أن مجلس قيادته يقيم في أبو ظبي، ولا ينفي أنه يتبع سياسيا لها.

ويري مراقبون، أن الخلاف في الأهداف كان مبكرا، إذ أعلنت الإمارات عبر قائد قواتها التي شاركت بحرب اليمن، عيسى المزروعي، أن الهدف من التدخل هو محاربة “الحوثي، والإخوان، والقاعدة، وداعش”، وهو تصريح أطلق في وقت لا تزال السعودية تستضيف فيه قادة حزب الإصلاح.

إحدى الخطوات المتباينة بين الطرفين، كانت في تموز/ يوليو 2019، حينما أعلنت الإمارات سحب جزء كبير من قواتها في اليمن، في إعلان أحادي لم تشاركها السعودية فيه، رغم أنهما يشكلان ثقل قوات تحالف دعم الشرعية.

وفسّرت إذاعة “مونتي كارلو” هذا القرار حينها بأنه ناجم عن احتمالين، الأول أنه مراوغة إماراتية؛ لإعادة انتشار أوسع باليمن، عبر سحب قواتها الرسمية مقابل إحلال قوات يمنية قامت طيلة السنوات الماضية بتدريبها، وشراء ولائها، والثاني أنه قفزة على التحالف مع السعودية مقابل تقارب مع طهران، إذ استقبلت الإمارات في نهاية الشهر ذاته وفدا إيرانيا، هو الأول منذ 2013.

وتابعت بأن الإمارات بسطت سيطرتها على المنافذ الاستراتيجية التي تمر منها حركة التجارة العالمية، بينها ميناء عدن. أما بالنسبة للسعودية، فالأمر يتعلق قبل كل شيء بمنع إيران من إقامة قاعدة استراتيجية على حدودها الجنوبية، وهو خطر لا يزال قائما في ظل استمرار وجود الحوثيين بالقرب من حدودها.

وبحسب خبراء، قد يصعب التنسيق بين المجموعات المسلحة، المختلفة في عقيدتها وتنظيمها عن الجيوش النظامية، وهو ما يجعل الأمر يبدو وكأن خلافات عميقة تشوب مشيج التحالف السعودي-الإماراتي، حيث يلاحظ أنه ومع كل خطوة متباينة يقوم بها أحد الطرفين، ينتقل التوتر بشكل مضاعف إلى مواقع التواصل الاجتماعي، مع تبادل للاتهامات بالخيانة من قبل مغردين سعوديين وإماراتيين.