العدسة – بشير أبو معلا

على الرغم  من محاولة ولي العهد السعودي تقديم نفسه للغرب فى ثوب الإصلاحي مكافح الفساد، الذي يسعي إلى عمل نهضة شاملة في المملكة، اجتماعية واقتصادية، لكن بتسليط الضوء على الجانب الحقوقي في المملكة يتكشف زيف هذه الإصلاحات، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالإعدامات التي زادت وتيرتها منذ جلوس الأمير الشاب على مقعد ولاية العهد.

فقد كشفت أرقام وإحصائيات- قال موقع “بازفيد” الأمريكي إنه حصل عليها بشكل حصري من مجموعات حقوقية عالمية- عن أن نهج المملكة تجاه عقوبة الإعدام لم يتغير، حيث يسير عدد عمليات الإعدام التي نفذت حتى الآن في هذا العام في الطريق لكي يضاهي، أو ربما يتجاوز عدد عقوبات الإعدام في كل من العامين الماضيين.

ووفقا للأرقام التي حصل عليها موقع “بازفيد نيوز”، من منظمة (ريبريف) الحقوقية البريطانية، فقد تم إعدام 137 شخصا هذا العام في المملكة، 11 منهم خلال التسعة أيام الماضية، فيما أعدمت المملكة 158 شخصا في عام 2015، و154 شخصا خلال عام 2016، وكان أعلى رقم منذ عقدين هو 192 شخصا في عام 1995 .

وقالت “مايا فوا” مديرة منظمة ريبريف،عبر البريد الالكتروني للموقع الأمريكي: إن هذه الأرقام تظهر في ظل قيادة محمد بن سلمان للمملكة، حيث لا يبدو أن الحكومة السعودية تعتزم إنهاء توظيف عمليات الإعدام كأداة لسحق المعارضين.

وإلى جانب الصين وإيران وباكستان، يقول الموقع الأمريكي، تعتبر السعودية من بين أبرز الدول الأكثر تنفيذا لعقوبة الإعدام في العالم، وكثيرا ما يستخدمونها كأداة للقمع السياسي، بل وحتى ضد المتهمين في جرائم لا تتعلق بالعنف.

“مجتبى السويكت” كان يبلغ من العمر 17 عاما، عندما شارك في احتجاج ضد حكومة المملكة في صيف 2012، وفى ديسمبر وبينما كان في طريقة لزيارة جامعة “ويسترن ميشجان”، حيث كان يدرس الإنجليزية والتمويل.

ألقت السلطات السعودية القبض على “السويكت” في مطار مدينة الدَّمام بالمنطقة الشرقية، وتم اقتياده وإدانته في محاكمة سرية بتهم تضمنت الإشراف على صفحة فيسبوك متمردة، وتصوير مظاهرات مناهضة للحكومة، وتم الحكم عليه بالإعدام، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم خلال الصيف.

 

ولي العهد و”ترامب”

أثار صعود ولي العهد السعودي الجديد الأمير محمد بن سلمان الآمال في التغيير داخل وخارج المملكة ذات المنهج المحافظ والغنية بالنفط، وقد أعلن الأمير الشاب عن إصلاحات اجتماعية جذرية، شملت منح المرأة مزيدًا من الحقوق، ولكن عندما يتعلق الأمر بعقوبة الإعدام، فلا تزال المملكة العربية السعودية متمسكة بنهجها القديم.

وهذا العام، صعد محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد، ووعد “إم بي إس”- كما يلقب هو في أوساط الدبلوماسيين والمستثمرين والصحفيين- بوعود بإصلاح القواعد الدينية المتحفظة في البلاد، وتخليص البلاد من الفساد، وإنهاء الاعتماد على النفط في الاقتصاد.

لكن أكثر من ثلثي عمليات الإعدام التي نفذت في المملكة في عام 2017 ، وقعت في الأشهر الخمسة الأول، منذ تعيين محمد بن سلمان، الذي درس القانون في المملكة، وليا للعهد.

وبموجب التفسير الصارم للشريعة الإسلامية فإنه تطبق عقوبة الإعدام كعقوبة على جرائم تتراوح من القتل إلى ترك الدين، وفقا للموقع.

وقال علي الشهابي، المدير التنفيذي لمؤسسة العربية، وهي منظمة بحثية في واشنطن، قريبة من الحكومة السعودية، عبر البريد الإلكتروني: عقوبة الإعدام منصوص عليها في الشريعة الإسلامية، ومن الصعب جدا تغييرها، ولم أسمع أن قال محمد بن سلمان شيئا ضدها.

وقد تم تنفيذ ما يقرب من ثلاثة أرباع عمليات الإعدام لـ2017 بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض في مايو الماضي، وفقا لمنظمة “ريبريف”، ويبدو أنه تم تسريع عملية الإعدام بعد الزيارة، وفقا للموقع.

فبعد وقت قصير من زيارة “ترامب”، أعدم أربعة أشخاص، لمشاركتهم في احتجاجات سياسية، بينما تم تأييد عقوبة الإعدام بحق 14 صدرت ضدهم أحكام مماثلة.

وبعد الزيارة أشار وزير خزانة “ترامب” “ويلبر روس” إلى أن عدم وجود احتجاجات في السعودية خلال  زيارة “ترامب” تعد دليلا على الرضا على نطاق واسع من الشعب السعودي.

وقالت “فو”: يبدو أن السلطات السعودية أصبحت أكثر جرأة بعد زيارة “ترامب”، حيث فشلت بشكل ملحوظ في رفع مستوى حقوق الإنسان.

وكان ما لا يقل عن 54 من الأجانب أعدموا لاتهامهم في قضايا مخدرات، بينهم 10 أشخاص اتهموا بتهريب المخدرات في بطونهم.

وعلى نحو متزايد تم إعدام العديد من المدانين في نفس اليوم، وهو اتجاه جديد في المملكة أزعج مراقبي حقوق الإنسان، وفي 28 نوفمبر أعدم سبعة أشخاص.

وقالت “فو”: إن هذا أمر غير اعتيادي، ففي الماضي كانت عمليات الإعدام تميل إلى أن تكون بشكل فردي، وبواسطة مختلف المحافظات وتحت إشرافها.

ومن بين الذين يُنتظَر تنفيذ حكم الإعدام فيهم شباب مثل ” السويكت”، متهمون بمحاولة تنظيم أحداث سياسية عبر فيسبوك، واتهمت منظمات حقوقية، مثل منظمة العفو، المملكة باستخدام عقوبة الإعدام كسلاح سياسي ضد الأقلية الشيعية المضطربة في البلاد.

وأشارت “فو” إلى أنه في الوقت الذي يتحدث فيه “بن سلمان” عن جلب إصلاحات في المملكة ودعم الشباب، فإنه في الواقع وتحت قيادته، حكم على عشرات الشباب بالإعدام لممارستهم حقوقهم الديمقراطية، ولهذا من الصعب وصف ولي العهد بالمصلح، عندما يهدد بإعدام عشرات الشباب الذين كانت جرائمهم الوحيدة المشاركة في احتجاجات تطالب بالإصلاح.