بعد أن كانت السعودية دولة منبوذة بسبب اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي على يد عملاء تابعين للحكومة، أصبحت المملكة اليوم أكثر بروزًا على الساحة العالمية بفضل حملات العلاقات العامة التي يشنها النظام… كيف يواصل النشطاء السعوديون النضال في وقت يتجاهل العالم فيه معاناتهم؟
العملية حدثت بمعرفة ولي العهد
تمسكت السعودية برفضها تورطها في عملية اغتيال خاشقجي، لكن الكثيرون اختلفوا مع الرواية السعودية للأحداث، بما في ذلك وكالات المخابرات الأمريكية والتركية والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بعمليات القتل خارج نطاق القانون.
وقال مدير المخابرات الوطنية الأمريكية في بيان عام 2021: “نقدر أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية في إسطنبول بتركيا للقبض على الصحفي السعودي جمال خاشقجي أو قتله… ومن المستبعد إلى حد كبير أن يكون المسؤولون السعوديون قد نفذوا عملية من هذا النوع دون إذن ولي العهد.”
قوبلت المحاكمة المغلقة في المملكة العربية السعودية بالاستخفاف على نطاق واسع، لكن كانت هناك محاولات أخرى لتحقيق بعض العدالة لخاشقجي.
في عام 2020، قدمت تركيا محاكمة غيابية لـ 26 مواطنًا سعوديًا – رفض السعوديون تسليمهم إلى إسطنبول – ولكن في أوائل عام 2022، تم إيقاف القضية، وقالت السلطات التركية إنه من المستحيل استمرار القضية لأن المتهمين لم يكونوا هناك شخصياً، ومع ذلك، زعمت منظمات حقوق الإنسان أن القرار كان سياسيا، نتيجة للمصالحة بين تركيا والمملكة العربية السعودية بعد جريمة القتل.
منظمة خاشقجي التي يقع مقرها في الولايات المتحدة في تأسيس منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن DAWN ساعدت خديجة جنكيز في رفع قضية مدنية في الولايات المتحدة، لكن هذه القضية رُفضت نهاية عام 2022، عندما قضت الحكومة الأمريكية بأن بن سلمان يتمتع بالحصانة من الملاحقة القضائية لأنه رئيس وزراء السعودية، وقد تم تعيينه في هذا المنصب في سبتمبر/أيلول 2022 قبل قرار الإدارة الأمريكية بمنحه حصانة سيادية بشهرين تقريبًا.
زوجة خاشقجي الأخرى هي المصرية حنان العتر، والتي كان قد تزوجها في وقت سابق من عام 2018، قد تعرضت لعملية تجسس بواسطة برنامج بيغاسوس، قبل وبعد وفاة خاشقجي، والجدير بالذكر أنها رفعت دعوى مدنية شركة برامج التجسس الإسرائيلية، مجموعة NSOفي يونيو/حزيران لهذا العام.
واتهمت حنان الشركة بمساعدة النظام السعودي في اختراق هاتفها وتعقب كل خطوات خاشقجي في الفترة التي كان فيها معها.
كما تعرضت عائلة خاشقجي في الداخل لضغوطات من أجل عدم المطالبة بمحاكمة القتلة والإعلان عن “العفو” عنهم، وبالتالي تمكن النظام السعودي بشكل أو بآخر محو ذكرى هذه الجريمة الشنعاء من ذاكرة العالم، الذي بدأ بالفعل في الاستجابة لهذه المغريات السعودية وقلت واختفت المطالبات الدولية بتحقيق العدالة لخاشقجي.
في عام 2020، هدد الرئيس الأمريكي جو بايدن بتحويل المملكة العربية السعودية إلى “منبوذة عالميًا” بسبب جريمة القتل البارزة، لكن قبل عشر أيام تقريبًا، أصدر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بياناً بمناسبة اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، أعرب فيه عن تقدير الولايات المتحدة ” للعلاقة الدائمة التي كانت لدينا مع المملكة العربية السعودية على مدى العقود الثمانية الماضية”.
ويقول المحللون إن القادة الغربيين وغيرهم يتجاهلون بشكل متعمد انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية ويضعون مصالحهم الداخلية في المقام الأول، وعلى وجه الخصوص، يشكل النفط السعودي عنصراً أساسياً، وكذلك النفوذ المالي الذي تتمتع به البلاد ومحاولاتها المتعمدة لتصبح لاعباً دبلوماسياً مهماً.
إذًا كيف يستمر نضال النشطاء السعوديون في الخارج رغم تغير الموقف العالمي؟
الدكتاتوريون لا يجلبون الاستقرار
وقالت لينا الهذلول الهذلول: “سنواصل النضال في كل الأحوال… باعتباري مواطنة سعودية، أعتقد أن النضال من أجل جمال سيحقق العدالة له ولعائلته ولتاريخ على المدى الطويل”، وأشارت إلى الأحكام الصارمة الأخيرة التي صدرت بحق المواطنين السعوديين لمجرد التعبير عن رأيهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
أما عبد الله العودة المقيم في واشنطن يحاول باستمرار إقناع المسؤولين الأميركيين العاملين في مجال السياسة الخارجية بإعادة تقييم ما يصفه بالانقسام الزائف بين الواقع السياسي وحقوق الإنسان والإطاحة بفكرة أن الطغاة يجلبون الاستقرار.
وقال: “الإدارة الأمريكية تخسر الجميع بهذه العقلية… لأنك ترسل إشارة خاطئة إلى العالم وإلى كل دكتاتور مفادها أنه طالما أنك تجلس على قمة بئر نفط، يمكنك حرفياً أن تفلت من جريمة القتل”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا