شهدت السجون العراقية بعد الاحتلال الأميركي عام 2003 تزايداً ملحوظاً في أعداد السجينات، لا سيما من المحافظات الشمالية والغربية التي شهدت حركات مقاومة ضد الأميركيين بعد عام 2004، ما دفع سكان هذه المناطق للخروج في تظاهرات احتجاجية متكررة للمطالبة بإطلاق سراحهن، قبل أن يحتل تنظيم “داعش” الإرهابي مناطق شمال وغربي البلاد منتصف عام 2014، ما تسبب في تغييب هذا الملف طيلة السنوات الخمس الماضية.
وعلى الرغم من وجود مطالبات سابقة لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” بإنهاء ممارسات العنف ضد النساء في السجون، وإطلاق سراح البريئات منهن، إلا أن أوضاع السجينات لم تتغير.
وبيّن مصدر في وزارة العدل العراقية، أن السجن الرئيسي للنساء يقع في منطقة الكاظمية شمال بغداد، مشيرا في حديث لـ”العربي الجديد” إلى وجود سجون أخرى تضم نساء منذ عدة سنوات.
وأوضح للعربي الجديد أن جرائم سجن النساء متفاوتة، ومنها الجرائم الجنائية كالقتل والسرقة والنصب. وتابع “إلا أن السجون لا تخلو من نساء اعتقلن خلال حقبة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006 – 2014) بناءً على وشايات من المخبرين السريين”، مبينا أن تلك الفترة شهدت اعتقال كثير من النساء بجريرة أقارب لهن كانوا متهمين بالانتماء إلى تنظيم “القاعدة”، أو فصائل مسلحة أخرى، أو نتيجة لبلاغات كيدية وكاذبة.
من جهته قال أحد أقارب السجينة (ش – م)، إنّ قريبته اعتقلت بتهمة كيدية عام 2012، موضحا لـ”العربي الجديد” أنها ما تزال تقبع في السجن.
وأكد أنها تتعرض لمعاملة سيئة جدّا حالها حال بقية السجينات، لافتا إلى وجود مضايقات تتعلق بقاعات السجون، ونوعية الطعام، وتقليل عدد الزيارات، دون الحديث عن المعاملة السيئة من قبل بعض حراس السجون.
أما المحامي فراس العبيدي فيؤكد أن سجون النساء فيها عدد غير قليل من البريئات، كما أن فيها أعدادا أخرى من المجرمات، مبينا في حديث لـ”العربي الجديد” أن الجميع مقتنع بالأحكام التي تصدر في حق نساء ارتكبن جرائم، كالقتل، والسرقة، والاشتراك في عمليات الخطف، إلا أن المأساة تكمن في أعداد مهمة من النساء اللائي تعرضن للاعتقال خلال حقبة المالكي، وتم إجبارهن على الاعتراف تحت الضغط، للتخلص من رقابة المنظمات الدولية”، موضحا أن الأصوات المطالبة بإخراج النساء البريئات من السجون اختفت منذ الاعتصامات التي انطلقت شمال وغرب العراق عام 2013 للمطالبة بحسم هذا الملف.
وفي السياق، قال الزعيم القبلي بمحافظة صلاح الدين (شمالا)، حماد الجبوري، إن لا أحد يجرؤ على الخروج مجددا للتظاهر من أجل إطلاق سراح النساء البريئات من السجون، موضحا لـ”العربي الجديد” أن تظاهرات 2013 التي طالبت بذلك فسحت المجال لحكومة المالكي لاتهام المناطق التي خرجت فيها تظاهرات بدعم الإرهاب.
وتابع “للأسف، خروج داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى من مناطق شمال وغرب العراق تسبب في تغييب أي محاولة للتظاهر مجددا، حتى وإن كانت من أجل سجينات بريئات”.
واندلعت عام 2013 موجة احتجاجات واسعة في محافظات شمال وغرب العراق (السنية) للمطالبة بإطلاق سراح السجينات البريئات، وإنهاء الإقصاء والتهميش، إلا أن تنظيم “داعش” استغل الفوضى في ذلك الحين ليتغلغل ويسيطر على أجزاء واسعة من تلك المحافظات.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد أكدت في تقارير سابقة، أن القوات العراقية اعتقلت عددا كبيرا من النساء بطرق غير قانونية، استخدمت هذه الطريقة كوسيلة للضغط على الأهالي.
اضف تعليقا