ربى الطاهر
طيلة عقود ماضية كان الفقر يتصدَّر قائمة الأسباب التي تؤدّي للطلاق و”خراب البيوت” إلا أنَّ تغيرًا ملحوظًا طرأ على خارطة الطلاق وأبحاثه على مستوى العالم.. لتتصدر مواقع التواصل الاجتماعي- وعلى رأسها مواقع فيسبوك وتويتر- قائمة أسباب الطلاق، يليها بعد ذلك الفقر الذي احتلَّ المركز الثاني.
فقد ساهمت تلك المواقع في انتشار الخيانة الإلكترونية التي جعلت من الخلافات والمنازعات الزوجية أمرًا اعتياديًا في كثير من بيوت الزوجية، وكثيرًا ما تنتهي بالطلاق، أو قد تنتهي بارتكاب جرائم الشرف.
وأكدت دراسة نشرها موقع الديلي ميل البريطانية تزايد نسبة الطلاق حول العالم، وأرجعت النسبة الأكبر في وقوع هذه الانفصالات إلى ظاهرة الخيانة الزوجية، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها فيسبوك وتويتر.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه المواقع أصبحت خطرًا يهدّد الحياة الزوجية للكثيرين، حيث وصلت النسبة إلى حالة من بين كل سبع حالات طلاق يكون سببها مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تأكيد الزوجات للباحثين أنهن تَيقّن من خيانة أزواجهن لهنّ عبر تلك المواقع.
وأكّد الخبراء الباحثون في تلك الدراسات أنَّ هذه الظاهرة لم تكن موجودة قبل خمس سنوات، ولكنها تصاعدت مع إدمان الرجال لهذه المواقع التي تزيد من فرصة الخيانة من خلال إقامة علاقات غير شرعية، وأن خطر تلك المواقع يتزايد على الأزواج الذين مرَّ على زواجهم أقل من 3 سنوات، بينما يقل خطرها نسبيًا على الأزواج الذين مرَّ على زواجهم أكثر من 3 سنوات؛ نظرًا لنضج علاقتهم وتوافر الثقة بينهم، وأكد الخبراء أن ترشيد استخدام تلك المواقع وعدم الإفراط فيها من شأنه أن يحافظ على استقرار العلاقات الأسرية والعاطفية بين الزوجين.
هجر شريك الزوجية
كما أظهرت نتائج دراسة أجريت بجامعة بوسطن الأمريكية أنَّ 32 % من المستخدمين الشَّرِهِين لمواقع التواصل الاجتماعي يفكرون فعليًا في هجر شريك حياتهم والانفصال عنه، وأوضحت الدراسة أنَّ موقع فيسبوك يرتفع مؤشِّره ليسبق كل المواقع التي تعتبر سببًا رئيسيًا للطلاق ولتفجير الخلافات الزوجية.
وكشفت كذلك دراسة أجراها جهاز التعبئة والإحصاء أنّ مواقع التواصل الاجتماعي هي أول أسباب الطلاق في مصر، يليها مباشرة الفقر وأن 75 ألف حالة طلاق شهدتها مصر خلال العام الماضي، 40 ألف حالة منهم كان سببها الخيانة الإلكترونية، وكان أول شرارت هذه الخلافات هى انشغال الأزواج عن زوجاتهم وإقامتهم علاقات عاطفية عبر تلك المواقع.
وفي السعودية بيَّنت الدراسات ارتفاع نسبة الطلاق في المدن الكبرى مثل العاصمة الرياض، وأن 24 % من حالات الطلاق كانت بسبب استعمال أحد الزوجين للإنترنت ولمواقع التواصل الاجتماعي بشكل سيئ، ويتسبب إدمان أحد الزوجين لهذه المواقع في انعدام التواصل الصحي مع الزوج أو الزوجة، وظهور النزاعات الأسرية التي تصل في النهاية للطلاق.
أما الكويت فقد أوضحت الإحصاءات الرسمية، أنَّ هناك تزايدًا ملحوظًا في نسبة الطلاق وأنَّ الدردشة ومواقع التواصل أحد أهم الأسباب في ذلك، وأنَّ 63 % من الكويتيين يدمنون الإنترنت ومواقع التواصل ويقضون ساعات طويلة لهذا الغرض وينعزلون عمن حولهم، ويستخدمون هذه المواقع بشكل سيئ.
وفي الأردنّ بلغت نسبة الطلاق وفق الإحصاءات الرسمية 25 %، وأرجع الخبراء ذلك لانتشار العلاقات العاطفية التي تهدّد استقرار الأسر عبر الإنترنت.
دعاوى الطلاق
وقد شهد الكثير من دول العالم رفع دعاوى طلاق من قبل أزواج وزوجاتهم، وأكدوا في صحيفة دعواهم أنهم تأكدوا من خيانة شريكهم لهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ ففي مصر وصل عدد دعاوى الزنا بسبب الخيانة عبر الإنترنت إلى 7 آلاف دعوى في الفترة من عامي 2013 – 2015 وأنَّ الأزواج والزوجات ومحاميهم قدَّموا للقضاة أدلة مصورة وتسجيلات تدلّ على تورط الطرف الآخر في الخيانة الإلكترونية.
وكشفت أبحاث أجريت من خلال مركز البحوث الاجتماعية والجنائية أن 21 ألف دعوى طلاق تم رفعها أمام محاكم الأسرة في الفترة من 2011 – 2013 كانت بسبب انشغال أحد الزوجين بمواقع التواصل، وإقامة علاقات غير مشروعة من خلالها ، وأشارت إلى تزايد نسبة جرائم الشرف، بسبب وسائل الخيانة الإلكترونية الحديثة لتصل إلى 10234 في الفترة من عامي 2010 إلى 2014.
وفي بريطانيا أوضح موقع مختص بدراسة ظاهرة الطلاق أنَّ 33 % من دعاوى الطلاق التي تمّ رفعها أمام المحاكم البريطانية في عام 2011 كان سببها خيانة الزوج أو الشريك للآخر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كما أجرى موقع طلاق أون لاين في فرنسا استفتاءً شارك فيه 5 آلاف رجل وامرأة أظهرت نتائجه أن حالة من بين ثلاث حالات طلاق كان سببها خيانة الزوج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالذات موقع فيسبوك.
بينما ارتفعت نِسَب الطلاق بين الإيطاليين بسبب الخيانة عبر وسائل التواصل، وبيَّنت الإحصاءات أن 70 % من مستخدمي تلك المواقع من النساء، وأن 3 ملايين إيطالي يستخدمون تلك المواقع مدة لا تقل عن ساعتين يوميًا.
ويختلف الأمر في أمريكا؛ فهناك اهتمام ملحوظ من قبل الباحثين والمختصين بدراسة تنامي ظاهرة الطلاق لديهم بسبب إدمان الإنترنت، وحيث يصنف إدمان الإنترنت ضمن الأمراض النفسية التي تحتاج لعلاج نفسي.
وفي دراسة أخرى أجرتها مجلة تايم الأمريكية أكّدت أن 11.4 % من الأزواج الذين قرروا غلق حساباتهم باتوا يتمتعون باستقرار أسري وعائلي مقارنة بمن يستخدمون تلك المواقع، وأشارت الدراسة أنَّ الرجال والنساء الذين يعانون مشاكل وخلافات زوجية يلجاؤن لتلك المواقع بحثًا عن الدعم والإشباع العاطفي.
اضف تعليقا