تواصل دولة الإمارات المتحدة تمويل وتدريب المرتزقة الأجانب وإرسالهم إلي الدول التي تستهدفها تنفيذا لمشاريعها التخريبية بالمنطقة، ومؤخرا تكشف الدور الحقيقي الذي لعبته الإمارات في تجنيد المرتزقة وإرسالهم إلى ليبيا في إطار دعمها للانقلابي خليفة حفتر وميليشياته في قتالهم ضد حكومة الوفاق الليبية خلال السنوات الماضية.


التعاقد مع فاجنر

وفي تطور لافت، كشفت وزارة الدفاع الأمريكية، عن التعاون بين دولة الإمارات وشركة “فاجنر” الروسية التي تقدم خدمات أمنية ومقاتلين.

فاجنر

فاجنر

 

ونشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا ، قالت فيه إن المفتش العام لعمليات مكافحة الإرهاب في البنتاغون كشف في تقرير عن هذا التعاون، بشكل قد يعقد علاقات الولايات المتحدة مع هذه الدولة الخليجية.

وقالت المجلة إن الخبراء ظلوا يشكون في استخدام الإمارات لشركة التعهدات الأمنية الخاصة للتعتيم على دورها في النزاع، إلا أن تقرير وزارة الدفاع هو أول تقييم رسمي عن ترتيب الإمارات مع الشركة الروسية.

وكان المسؤولون العسكريون صريحين في تقييمهم للدور المزعزع للاستقرار لشركة فاجنر، وسط مخاوف من محاولة الكرملين استخدام النزاع من أجل بناء حضور عسكري له على الحدود الجنوبية لأوروبا.

وفي يوليو/تموز، اتهمت القيادة المركزية الأمريكية في أفريقيا “فاجنر” بوضع ألغام حول العاصمة الليبية طرابلس، وتعريض حياة المدنيين للخطر  إلا أن الكشف عن دور واحدة من أهم حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، وهي الإمارات، سيعقد حسابات واشنطن، ويأتي في وقت يقوم فيه الكونغرس بحملة لمنع الصفقة التي اقترحتها إدارة دونالد ترامب، وتقضي ببيع أبو ظبي مقاتلات أف-35 وغيرها من الأسلحة المتقدمة.

وعقدت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ جلسة بهذا الشأن ليلة الإثنين. ونقلت المجلة عن باتريك ويهري، الزميل ببرنامج الشرق الأوسط في وقفية كارنيغي: “يبدو الآن أن هناك وجودا دائما لروسيا على أطراف الناتو، وتساعد به حليفة للولايات المتحدة”.

وقالت الصحيفة: “قدمت تسع دول مساعدات لأطراف النزاع في ليبيا وحوالي 10 آلاف مرتزق ومقاتل أجنبي. ودعمت تركيا حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. أما الإمارات، فقد دعمت الجنرال المتمرد، خليفة حفتر، الذي يسيطر على مناطق في الشرق”.

وقال دوغلاس وايز، الذي عمل نائبا لمدير وكالة الاستخبارات الدفاعية في الفترة ما بين 2014- 2016: “أتخيل أن لدى وكالة الاستخبارات الدفاعية معلومات جيدة عن دعم الإمارات لفاجنر”. و”ترك وكالة الاستخبارات الدفاعية التعامل مع هذا الأمر هو أقل رسمية، وأقل إحراجا لتوبيخ الإمارات على سلوكها بدلا من مذكرة دبلوماسية أو بيان صحافي من وزارة الدفاع أو البيت الأبيض، ويجعل الإمارات تعرف أننا نعرف”.

وقالت المجلة إن الخبراء الذين يتابعون النزاع في ليبيا أثناء 2020 لاحظوا أشكالا تؤشر لعلاقات قوية بين الإمارات وروسيا.

 

خداع واستدراج

وفي سياق متصل، كشف تحقيق أجرته منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، عن قيام شركة أمن إماراتية خاصة بخداع مئات العمال السودانيين، عبر إرسالهم للحراسة في ليبيا، إسنادا لقوات الانقلابي خليفة حفتر، بعدما استدرجتهم للعمل داخل الإمارات.

وروت المنظمة الحقوقية في تحقيقها، قصص عمال سوادنيين كانوا ضحايا خداع شركة “بلاك شيلد للخدمات الأمنية”، وهي ذات صلات غير سرية بوزارة الدفاع الإماراتية.

ونقلت عن أحد العمال، ويدعى “عامر” يبلغ من العمر (29 عاما)، أنه تفاجأ بنقله للحراسة في إحدى القواعد العسكرية بليبيا، بعدما أُخذ جواز سفره وهاتفه من قبل الشركة، وخضع قبلها لتدريب عسكري، برفقة مئات المجندين السودانيين الآخرين.

وأرسلت الشركة الإماراتية عامر وحوالي 270 عاملا سودانيا إلى قاعدة عسكرية في ليبيا، فيما كانوا يظنون أنهم سيعملون في أبوظبي.

وقالت المنظمة منذ وصول عامر إلى القاعدة العسكرية في أيلول/سبتمبر 2019: “أصبح قلقا بشكل متزايد بشأن شركة الخدمات الأمنية الإماراتية، ولم يكن يتخيل أنها سترسله إلى ليبيا، التي تشهد نزاعا بين حكومة الوفاق وقوات خليفة حفتر”.

وبحسب التحقيق، فإن عامر والرجال السودانيين الآخرين تعرضوا للعديد من ممارسات التوظيف الاستغلالية وانتهاكات العمالة الوافدة التي يواجهها عادة العمال الوافدون في الإمارات ومنطقة الخليج بشكل عام.

وأضاف: “لكن ما يميّز قضيتهم هو الخداع الذي تعرضوا له والذي عرضهم في النهاية لخطر أن يصبحوا أهدافا عسكرية محتملة في بلد غارق في حرب أهلية مستمرة منذ سنوات، فيما يمكن أن يرقى إلى انتهاك للقانون الإنساني الدولي”. 

وقالت المنظمة: “تحقيقنا عن محنة هؤلاء الرجال يُسلّط الضوء على مثال واحد فقط عن التورط الخبيث للإمارات في النزاعات الخارجية، والذي يتضمن تحويل كميات هائلة من الأموال والأسلحة إلى الجماعات المسلحة المحلية المسيئة في اليمن وليبيا وتوظيف مقاتلين أجانب للمساعدة في شن حروب بالوكالة في المنطقة”.

وبحسب عقود عمل راجعتها هيومن رايتس ووتش، تعود ملكية الشركة إلى ديين سيف معضد الكعبي، وهو رجل إماراتي وصفه مقال إخباري محلي عام 2012 بأنه عقيد في القوات المسلحة.

كذلك، تعرّف العمال الوافدون السودانيون على شخص آخر قد يكون متورطا، وهو العميد مسعود المزروعي الذي ورد ذكره في الصحف اليمنية عامي 2017 و2018 كنائب لقائد القوات الإماراتية وقائد عمليات التحالف بعدن.

ملاحقة قضائية

وفي ذات السياق، يجهز مواطنون سودانيون رفع دعوى قضائية في المحكمة الجنائية الدولية، ضد ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، واللواء الانقلابي خليفة حفتر، ومسؤولين آخرين بينهم سودانيون.

وأعلن عمر العبيد، المستشار القانوني للضحايا السودانيين لشركة “بلاك شيلد” الإماراتية، عن بدء استعدادات لرفع دعاوى قضائية إقليمية ودولية بحق 10 شخصيات إماراتية وسودانية وليبية، بتهمة الاتجار بالبشر.

ويقول شباب سودانيون إن الشركة وعدتهم بتوفير فرص عمل في دولة الإمارات، ثم تم نقلهم إلى ليبيا، للقتال بجانب مليشيات الانقلابي خليفة حفتر، الذي ينازع الحكومة الليبية على الشرعية والسلطة، في البلد الغني بالنفط.

وقال العبيد، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة الخرطوم: “خاطبنا منظمة هيومن رايتس ووتش بخصوص خداع السودانيين من قبل شركة بلاك شيلد الإماراتية، وتلقينا اتصالات من لجنة الخبراء في الأمم المتحدة المعنية بالحالة الليبية، ووعدتنا بتضمين هذه القضية ضمن تقريرها، في 10 يناير المقبل”.

وأوضح أن المتهمين هم 10 شخصيات إماراتية وسودانية وليبية، أبرزهم محمد بن زايد وخليفة حفتر وضباط من البلدان الثلاثة، وأصحاب شركة “بلاك شيلد” الإماراتية ووكالة سفر سودانية.

وتابع: “لم تُقَم أي دعاوى جنائية في المحاكم السودانية، ونحن في إطار تجهيز دعاوى قضائية إقليمية ودولية، فهذه الجريمة منظمة وعابرة للحدود، وتخالف مواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والدول العربية بخصوص مكافحة الاتجار بالبشر”.

وأردف: “من المفترض أن ترفع الحكومة السودانية الدعاوى القضائية، لكن موقفها سلبي، وأنا أمثل حق الضحايا”، وأفاد بأنهم بصدد اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وكان محامون سودانيون أعلنوا، في 2 مارس الماضي، اتخاذ إجراءات قانونية بحق وكالات سفر ساهمت في خداع شباب سودانيين بعقود عمل مع “بلاك شيلد”، ثم جرى نقلهم إلى ليبيا.

وبحث مجلس الوزراء السوداني، في 29 يناير الماضي، أزمة هؤلاء المتعاقدين السودانيين مع الشركة الإماراتية، عقب احتجاجات متواصلة لأسرهم في الخرطوم.

وقالت “بلاك شيلد” الإماراتية، عبر بيان في يناير الماضي، إنها شركة حراسات أمنية خاصة،  ونفت صحة ما وصفتها بادعاءات متعلقة بخداع العاملين لديها بخصوص طبيعة العمل أو نظامه أو موقعه.

أقرا أيضاً:  ميديا بارت: قطر تحرج الإمارات بمقاضاة بنك أبوظبي في نيويورك