العدسة – ياسين وجدي

معركة جديدة طرقتها كتائب عزالدين القسام الحمساوية لاستجلاب الدعم المادي عبر بوابة العملات الرقمية ، أثارت اهتماماً ولفتت الانتباه بشكل كثيف إلى عملة “بيتكوين” الرقمية الافتراضية.

نتوقف عند هذه الخطوة وآثارها وعواقبها ، والتي تذهب مؤشرات متواترة إلى أنها خطوة مبدعة وموفقة لكن قد تعترضها عراقيل محتملة من الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية ، وهو ما ينقل الصراع إلى موقع آخر تدق فيها نواقيس المواجهة بكثافة.

توجه جديد!

توجه جديد من كتائب القسام في البعد الاقتصادي ، ترجمتها في نداء لدعمها ماليا عبر العملة الرقمية، في مؤشر إلى صعوبات تواجهها في التمويل، وهو ما ترجمه أبو عبيدة الناطق باسم القسام في تغريدة له أرجع فيها التوجه إلى أن العدو الصهيوني يحارب المقاومة من خلال محاولة قطع الدعم عنها بكل السبل، وهو ما يتطلب من محبي المقاومة في كل العالم، محاربة المحاولات الصهيونية لإيجاد كافة سبل الدعم الممكنة.

الناشط الفلسطيني أدهم أبو سلمية  أكد أن هذه أول مرة تخرج المقاومة تصريحا كهذا، موضحا أن المقاومة الفلسطينية وجدت نفسها مضطرة لأن تكشف أنها تعيش في أزمة مالية خانقة تهدد حتى قدراتها في الدفاع عن شعبنا وعن قبلة المسلمين الأولى المسجد الأقصى المبارك.

ويبدو أن “القسام” مهدت لذلك مبكرا، حيث يشهد قطاع غزة في الآونة الأخيرة إقبال كبير على هذه العملات، وبالأخص عملة البيتكوين، ووفق موقع “ميدل ايست أون لاين” فإن أموال الخارج “شحت ” فلجأت كتائب القسام إلى العملة المشفرة “بيتكوين”.

ويرى البعض أن القسام استبقت البعض في قراءة المشهد المالي للحفاظ على مستوى الدعم للمقاومة ، خاصة أن  الإمارات والسعودية أطلقا بعدها مشروعاً جديداً يدعى “عابر” من أجل إصدار عملة رقمية موحدة بينهم في محاولة منهما لاستخدام أبعاد التقنيات الحديثة.

ميزات متعددة !

وبحسب خبراء ومحللين فقد تفوقت كتائب القسام، من خلال عرضها لدعم المقاومة بعملة “البتكوين”، وأثبتت أنها قادرة على تغيير البوصلة في الاتجاه الذي تريد، وإفشال مخططات الاحتلال.

وتستهدف المقاومة في هذا الإطار رفع ما يعرف بالملاحقة وتكوين حصانة لكل من يريد أن يدعم المقاومة بغزة، وتدويل دعم المقاومة؛ ما يعني أن مواطنا يمكن أن يشتري ما يعرف بحبة البتكوين، والتي يبلغ سعرها الآن 3460 دولار، ويقوم بعملية التحويل لمنصة القسام.

ميزة التوجه الجديد بحسب مراقبين أن “البتكوين”لا تخضع لتحكم جهة معينة، و تتداول عبر الإنترنت فقط، حيث أنها تستخدم تقنية البلوك تشين الشهيرة في التشفير، حيث تعد أهم الطرق الآمنة لنقل القيمة المالية في العالم، وهو ما يشكل تحدي للاحتلال بطرق جديدة.

ومن أبرز الميزات كذلك التحرر من قيود النظام العالمي، حيث يوجد صعوبة في تتبع المصدر، بجانب عدم قدرة أي حكومة أو نظام في العالم على حجب أو التدخل في أي عملية تحويل من أي مكان.

ووفق محللين فقد جمع كثيرون من حول العالم ثروات في السنوات الأخيرة بفضل العملات الافتراضية التي تشهد إقبالاً متنامياً وأشهرها البيتكوين، على الرغم من التقلّبات في أسعارها خلال العامين الأخيرين، فيما تزداد التوقعات بارتفاع قيمتها خلال الأشهر المقبلة حيث تراجعت قيمة “بيتكوين” خلال الشهور الأخيرة لتصل إلى نحو 3500 دولار بعد أن وصلت إلى أعلى سعر لها “20 ألف دولار” في ديسمبر 2017.

في ظل هذه الأوضاع تشهد العملات الرقمية صعود متدرج في أنحاء العالم يعزز من شرعيتها، ورغم أن ألمانيا تعد الدولة الوحيدة التي اعترفت رسميا بالبتكوين وعرَّفتها بأنها نوع من النقود الإلكترونية، إلا أن هناك دول أخرى تقبل التعامل بها وهي الدنمارك و إستونيا و السويد و كوريا الجنوبية و كندا و فنلندا و هولندا و المملكة المتحدة هي من الدول الصديقة لهذه العملة سواء بشكل مباشر من خلال اعتراف حكومي بها أو من خلال ترك الشركات والأفراد يتعاملون بها دون الإعلان الرسمي عن ذلك، فضلا عن إقرار قاضٍ فيدرالي في الولايات المتحدة مؤخرا بأن بتكوين هي عملة ونوع من أنواع النقد، ويمكن أن تخضع للتنظيم الحكومي.

الحملة تأتي كذلك بحسب مطلعين كانتصار جديد للمقاومة ضمن “صراع الأدمغة” و”حرب العقول” تحت بند “وحدات الإرباك المالي”، التي ستضاف إلى باقي الوحدات التي أعادت غزة للظهور مجدداً على الساحتين العربية والدولية بعد النجاح الذي حققته مسيرات العودة الكبرى.

ويرى الخبير في العملات الرقمية والتشفير الإلكتروني رائد رشيد  فإن دولاً كبيرة حاولت إيقاف هذه العملة إلا أنّها فشلت بذلك، مرجعاً ذلك إلى أن نظام التعامل فيها لا يوجد فيه وسيط “من مرسل إلى مستقبل” كما هو الحال في العملات الورقية وغيرها.

وأضاف أن نجاح هذه العملة عالمياً بات يؤرق دولا كثيرة وبعض المصارف المركزية، سيما أنّ إيقافها أصبح صعباً، وبعد انعدام الثقة في البنوك والمصارف، باتت بديلاً يمكن الاستغناء من خلاله عن العملات الورقية.

عراقيل محتملة !

يشكل تمويل الإرهاب هاجسا عالميا ، وهو ما قد يؤثر على نداء القسام بحسب مراقبين في ظل وضعها على قوائم للإرهاب في دول عدة، حيث أقيمت أمام المحاكم الأميركية دعاوى عدة بتهمة تمويل الإرهاب بحق أشخاص وكيانات عديدة للاشتباه في قيامهم بتسهيل نقل الأموال إلى المقاومة.

لجنة البيت الأميركي للخدمات المالية بحسب قناة سكاي نيوز الأمريكية أكدت في تقرير حديث  أن العملة الرقمية المشفرة قد تصبح الطريقة التي يتعامل بها في المستقبل، ولكنها قد تعد جزءا من أدوات تمويل المجموعات الإرهابية، موضحة أنه رغم أنه يبقى استخدام الإرهابيين للعملة الافتراضية ذا طابع سردي في الوقت الحالي، لكن ذلك لا يعني التغافل عن التهديد الاستراتيجي الذي يمكن أن يمثله استخدام التنظيمات الإرهابية لهذه التكنولوجيا.

في هذا الإطار يتجه الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق حزمة من الإجراءات على العملات الافتراضية مثل بتكوين في محاولة لوضع حد لتمويل الإرهاب، عبر تدابير “لتعزيز الرقابة على وسائل الدفع غير المصرفية كالعملات الافتراضية.

التدابير تحولت فعليا إلى ساحات الملاحقة ، حيث اعترفت الشابة زوبيا شاهناز التي تقيم في الولايات المتحدة الأميركية بالمساعدة في تمويل تنظيم داعش الإرهابي، من خلال عملات رقمية مثل “بتكوين” مؤخرا ، وتواجه عقوبة بالسجن تصل إلى 20 عاما، إذا تم الحكم عليها بتهمة تقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية أجنبية.

ولكن يبقى التحدي الأبرز بعد تخطي كل تلك العراقيل ، بحسب الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب ، في تحويل هذه العملة إلى أموال تصل إلى المقاومة في غزة.