جلال إدريس

ليلة سعيدة عاشتها المحافظات والمدن التركية، مساء الرابع والعشرين من يونيو الجاري، احتفالًا بفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية ثانية، وتقدم حزبه “العدالة والتنمية” على باقي الأحزاب السياسية في نتائج الانتخابات البرلمانية.

وكما هو الحال في الداخل التركي، كان الحال أيضًا خارج الحدود التركية، حيث غمرت السعادة البالغة الكثير من العواصم والمدن العربية والإسلامية فرحًا بفوزه، في حين سيطر الحزن والغضب العارم على عواصم ومدن أخرى.

وبحسب مراقبين، فإن الحزن والغضب من فوز أردوغان، لدى بعض العواصم العربية والعالمية، ليس مبعثه خلافات سياسية أو أيديولوجية وفقط، لكن الأمر يرتبط كذلك بحسرة العديد من الدول على أموالها التي أنفقتها في سبيل أردوغان وحزبه، والتي ضاعت هباءً وذهبت في مهب الريح بعد فوزه.

(العدسة) ومن خلال التقرير التالي تسلط الضوء على أبرز الدول السعيدة والحزينة بفوز أردوغان بفترة رئاسية جديدة:

قائمة الدول السعيدة بفوز أردوغان

قطر أول الفرحين

دولة “قطر” وأميرها الأمير “تميم بن حمد” يُعَدَّان أحد أبرز الفرحين بفوز أردوغان بفترة رئاسية جديدة، حيث إن “تركيا” في عهد أردوغان باتت حليفًا إستراتيجيًّا هامًّا لـ”قطر”، خصوصًا بعدما وقفت “تركيا” في صف قطر، خلال الأزمة الخليجية الأخيرة.

وفي بداية الأزمة الخليجية، حاول “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان” لعب دور الوسيط في مصالحة خليجية، كالتي يقوم بها أمير الكويت، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، واضطر للقيام بجولة خليجية شملت الكويت والسعودية وقطر، إلا أنها لم تُفضِ إلى شيء أيضًا، فسرعان ما أعلن وقوفه في صف قطر تجاه تلك الأزمة.

وساندت تركيا قطر بعد أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر كل العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية معها في 5 يونيو من العام الماضي، متهمة إياها بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة.

وخلال السنوات الماضية، تم توقيع عدد من الاتفاقيات التجارية ومذكرات التفاهم بين الدوحة وأنقرة، لتعزيز التعاون الاقتصادي والفني وتوفير الحماية المتبادلة للاستثمارات، وبلغت استثمارت قطر ما مجموعه 18 مليار دولار، في قطاعات مختلفة في تركيا حتى الآن.

كما سارع كل من قطر وتركيا عقب الأزمة الخليجية، بتوقيع اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة، والتي شملت إرسال قوات تركية إلى قطر وإقامة قاعدة عسكرية في قطر، والقيام بتعاون مشترك في مجال التصنيع الحربي، وتدريبات عسكرية للجيش والدرك القطري، والسماح لتركيا باستخدام كافة المطارات، الموانئ والأجواء القطرية للدفاع عن الدوحة في حال حصول أي اعتداء خارجي، والعكس صحيح.

كل تلك الدوافع جعلت قطر تنظر لتركيا على أنها حليف إستراتيجي هام لـها، ودفعت الأمير القطري “تميم بن حمد” ليكون أول المهنئين لأردوغان عقب فوزه بانتخابات الرئاسة.

فلسطين وتحديدًا غزة

دولة فلسطين المحتلة تعد أيضًا أحد أكثر الدول فرحًا بفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خصوصًا وأن “أردوغان” يولي اهتمامًا خاصًّا بالقضية الفلسطينية.

وظهرت علامات الفرح واضحة على وجوه الفلسطينيين في قطاع غزة، إثر إعلان نتائج الانتخابات التركية، وفوز الرئيس رجب طيب أردوغان.

وعلى المستوى الرسمي، فإنه وبرغم الخلاف الواضح في التوجهات بين الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” وبين الرئيس التركي “أردوغان”، إلا أن “أبو مازن” كان أول المهنيئين له بفوزه بالرئاسة، نظرًا لحاجته الشديدة لأردوغان في تلك الفترة، خصوصًا وأن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت بوضوح قرب الإعلان عن “صفقة القرن”، والتي ربما لن يجد “أبو مازن” لنفسه مكانًا بها.

أما في قطاع غزة، فإن قادة “حماس” والشعب الغزاوي يُكِنّون احترامًا كبيرًا لتركيا، نظرًا لدعمها لقضيتهم ودفاعها عنها، كما يحظى الرئيس أردوغان بشعبية كبيرة في صفوفهم، لمواقفه الداعمة لهم والرافضة للاعتداءات الإسرائيلية عليهم.

السودان

النظام السوداني هو الآخر استقبل فوز الرئيس التركي بحالة من الارتياح، وذلك نظرًا لحالة التقارب الشديدة التي باتت تربط النظامين التركي والسوداني خلال السنوات الأخيرة.

وجاء التقارب التركي السوداني عقب كشف السودان عن تدبير الانقلاب على “البشير”، بعد أن شكل التقارب التركي السوداني باتفاقية “سواكن” إزعاجًا للإمارات التي تسعى للسيطرة على كل الموانئ الموجودة على البحر الأحمر.

كما أن الموقف المحايد للسودان من الأزمة الخليجية دفع بالسودان للاصطفاف إلى جانب “تركيا” في تلك الأزمة، وجعل تقاربها مع كل من السعودية والإمارات يتراجع بشكل كبير.

قائمة الدول الحزينة

في المقابل، فإن “تركيا”- خاصة بعد تولي الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية زمام الحكم فيها- تواجه عدة خصوم وأعداء، يحاولون إيقاف تقدمها وانطلاقتها، ويسعون لوضع العقبات والعراقيل في طريقها، بل وإسقاط الرئيس والحكومة إن تطلّب الأمر، كما حصل في محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة.

أمريكا أول الغاضبين

وفقًا لمراقبين، فإن أمريكا تأتي في مقدمة هؤلاء الأعداء؛ فأمريكا لا تريد أن ترى رئيسًا أو حكومة إسلامية خارجة عن وصايتها.

أمريكا يقلقها ويزعجها أن ترى رئيسًا أو قائدًا يطالب بحقوق المسلمين، كما فعل الرئيس “أردوغان” بمطالبته بأن يكون للمسلمين مقعد دائم في مجلس الأمن، ومطالبته بألا تتحكم الدول الخمس التي تملك حق الفيتو بمصير العالم.

لذلك كانت أصابع الاتهام تتجه إلى أمريكا في التخطيط والتدبير لمحاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا، وهو ما لمّح به بعض القيادات التركية دون تصريح.

كما أن أمريكا تعد الداعم الرئيسي للكيان الموازي والذي يقوده “فتح الله جولن”، والذي يعد أحد أبرز أعداء أردوغان؛ لأنه يقوم على تحقيق مصالح خاصة، وتنفيذ أجندات غربية تضر بسيادة الحكومة والشعب التركي.

الكيان الصهيوني “إسرائيل”

الكيان الصهيوني هو العدو الآخر لتركيا، الذي بات قادته ليلة حزينة أمس، عقب فوز أردوغان رئيسًا لفترة جديدة في تركيا.

فالحكومة التركية بقيادة “أردوغان” هي الوحيدة من بين الدول العربية والإسلامية التي استطاعت أن تجبر الصهاينة على تقديم الاعتذار – بعد حادثة الاعتداء على أسطول الحرية واستشهاد مجموعة من الأتراك.

والرئيس “أردوغان” هو الذي وقف في وجه “بيريز” في مؤتمر دافوس، ووجه له نقدًا مباشرًا على الجرائم التي ترتكبها حكومته ضد الشعب الفلسطيني في غزة.

كما أن تركيا من أكثر الدول الإسلامية المطالبة برفع الحصار الظالم عن قطاع غزة، والاتفاق الأخير مع إسرائيل ألزم الصهاينة بالسماح بإدخال مساعدات إنسانية ومواد أساسية لقطاع غزة.

عدد من الدول الأوروبية

دول أوروبية، كـ”ألمانيا وفرنسا والنمسا وهولندا”، ليست سعيدة على الإطلاق بفوز أردوغان، وتناصب تركيا العداء، ولعل بعض هذا العداء يأتي من أحقاد تاريخية قديمة، ناتجة عن سيطرة تركيا على أراضٍ شاسعة من القارة الأوروبية إبّان الحكم العثماني.

وبعض الأوروبيين يعتقد أن تركيا هي “حصان طروادة” الذي سيُمكّن المسلمين من اقتحام أوروبا؛ ولذلك تجد كثيرًا منهم يعارض وبشدة دخول تركيا في الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتهم “فرنسا والنمسا”.

دول الحصار العربي

حكام “السعودية والإمارات والبحرين ومصر”، رباعي الحصار الخليجي، يعدون من أكثر حكام العالم حسرة وكمدًا بفوز أردوغان بفترة رئاسية جديدة، حيث إن العداء بينهم وبين تركيا عداء كبير زادت هوته خلال السنوات القليلة الماضية.

ويأتي عداء دول الحصار العربي لتركيا، من كون الحكومة التركية يتولى قيادتها حزب ذو مرجعية إسلامية، وهذه الدول بطبيعة الحال تعادي كل ما هو إسلامي، وتسعى لإفشال أي نجاح يقوم به حزب أو تيار إسلامي، وقد كان لها أدوار مشبوهة في عملية الانقلاب الفاشلة الأخيرة.

ولم تكن الإمارات بعيدة أيضًا عن الانقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته تركيا في 15 يونيو 2016، والذي أفشله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد مناصرة واسعة له من الشارع التركي، لتسجل تركيا أسرع انقلاب فاشل في تاريخها.

كما أن الشبهات تدور حول قيام الإمارات بصرف عشرات المليارات من الدولارات على معارضين أتراك بهدف إسقاط أردوغان وإرباك المشهد التركي، كما سلطت وسائل إعلام عربية لمهاجمة أردوغان بشكل دائم، غير أن كل هذا ذهب في مهب الريح بعد نجاح أردوغان.

“السعودية” لا تخفي عداءها لتركيا أيضًا، حيث إن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” صرح بشكل واضح قبل عدة أسابيع أنه يعتبر “تركيا” أحد محاور الشر في المنطقة، واعتبر أن الحكم فيها حكم متطرف، وأن تركيا تساند الإرهاب.

النظام المصري أيضًا لا يخفي عداءه الشديد لتركيا، حيث تشن وسائل إعلامه ليل نهار هجومًا شديدًا على تركيا، ويعتبر أن قطر وتركيا هما عدوتا النظام المصري الأول، وذلك بسبب موقف تركيا الرافض للانقلاب العسكري الذي وقع في مصر في الثالث من يوليو 2013، على أول رئيس مدني منتخب.

وتسير البحرين في نفس ركاب دول الحصار العربي، حيث إنها باتت تناصب العداء لتركيا ولنظامها، في حين أنها تواصل مساعيها للتقرب من دولة الاحتلال الإسرائيلي!.

النظام السوري

النظام السوري بقيادة بشار الأسد، استقبل هو الآخر خبر فوز “أردوغان ” بحزن شديد، إذ كان يعول “الأسد” على تلك الانتخابات في أن يتخلص فيها من أردوغان، الذي فتح بلاده لاستقباله اللاجئين السوريين، والفارين من نيران قصف بشار والقوات الروسية.