إبراهيم سمعان
أكد الخبير الاقتصادي “ديزموند لاكمان” أن الأزمة الاقتصادية التركية يمكن أن تقدم الدروس للرئيس الأمريكي دونالد ترامب واقتصاد بلاده.
وحذر “لاكمان، الزميل المقيم في معهد أميركان إنتربرايز ونائب مدير سابق لإدارة تطوير السياسة ومراجعة صندوق النقد الدولي ، والخبير الاستراتيجي الأول في الأسواق الناشئة في “سالومون سميث بارني”، في مقال بموقع “ذي هيل” الأمريكي، من عدم أخذ العبرة من الأخطاء التركية.
قال “لاكمان” إن الأزمة الاقتصادية في أي بلد بشكل عام تقدم دروسا تحذيرية لبلدان أخرى، مشيرا إلى أن كارثة الأسواق الاقتصادية والمالية التركية الحالية ليست استثناء من تلك القاعدة.
ولفت إلى أن استخلاص الدروس الصحيحة من تلك الأزمة قد يمنع دولا أخرى ، بما في ذلك الولايات المتحدة ، من تكرار بعض الأخطاء في السياسة، على الأقل التي دفعت تركيا إلى وضعها الاقتصادي الحالي البائس.
وأوضح أن المصدر الأساسي لانهيار سوق المال الحالي في تركيا ، والذي يبدو أنه ينتقل من سيئ إلى أسوأ على أساس يومي ، هو أن حكومتها ، طوال سنوات كثيرة ، سمحت للبلاد بالعيش بطريقة تفوق إمكانياتها.
ومضى يقول “لقد فعلت ذلك من خلال تبني سياسات نقدية ومالية شديدة التكيف في محاولة لتحقيق وتيرة سريعة غير مستدامة للنمو الاقتصادي قد تحظى بتأييد قصير المدى من جانب الجمهور في صناديق الاقتراع. كما فعلت ذلك بإهمال كبح الاقتراض المفرط ، خاصة بالدولار الأمريكي ، من خلال قطاع الشركات”.
ونوه بأن سياسة الاقتصاد الكلي المفرطة تجلت على مدى سنوات عديدة في توسيع خطير في عجز الحساب الجاري الخارجي لتركيا، موضحا أن ذلك نتج عنه تراكم لا مبرر له في الاقتراض في قطاع الشركات وانتعاش ملحوظ في التضخم.
ومضى يقول “لم تتسبب الاختلالات الاقتصادية المتزايدة في تركيا في حدوث مشاكل في البلاد خلال السنوات التي كانت فيها البنوك المركزية الكبرى في العالم تغمر العالم بالسيولة من خلال سياساتها النقدية غير التقليدية والجريئة”.
وتابع “ومع ذلك ، عندما بدأت الموسيقى تتوقف ، وبمجرد أن بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة وخفض حجم ميزانيته العمومية المتضخمة ، بدأت الليرة التركية في التأرجح”.
وأضاف “لقد فعل ذلك بينما رأس المال الأجنبي يتجه للخروج بحثاً عن ملاذات أكثر أماناً للاستثمار”.
وأشار إلى أن ما أضاف أزمة إلى الأزمة هو حقيقة أن رجب طيب أردوغان ، رئيس تركيا القوي، ينظر إليه على نطاق واسع في الأسواق على أنه شخص يعتقد أن الاقتصاد التركي لا يخضع لقوانين الاقتصاد المعتادة.
وتابع “لم يساعد ذلك في أمور مثل انهيار الليرة التركية. ومع تسارع التضخم ، استمر أردوغان في الإصرار على أن أسعار الفائدة المرتفعة تسبب التضخم وليس علاجه”.
ومضى يقول ” ولم يساعد ذلك في الوقت الذي كانت الأسواق تبحث فيه عن دلائل على أن تركيا ستقوم بشيء جدي لخفض الخلل في التوازن الخارجي ، حيث استمر أردوغان في الترويج لمشاريع الإنفاق الحكومية الطموحة”.
وأردف الكاتب “من بين الدروس الأكثر أهمية التي يمكن تعلمها من الأزمة الاقتصادية والمالية التركية المتعمقة باستمرار أن سنوات من السياسات النقدية السهلة للغاية من قبل البنوك المركزية الكبرى في العالم يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة خطيرة”.
وأضاف “لو لم تكن ظروف السيولة العالمية كافية كما كانت على مدى السنوات العديدة الماضية ، لكانت تركيا لم تكن قادرة على إدارة الاختلالات الخارجية الضخمة التي تمكنت من خوضها ، كما أن قطاع شركاتها لم يكن قادراً على تحمل أكبر حجم ممكن من الديون المقومة بالدولار الأمريكي مع نمو قطاع شركاتها”.
وتابع “قد يكون الوضع الاقتصادي الحالي لتركيا ، إلى جانب الوضع في الأرجنتين ، بمثابة تحذير للبنوك المركزية الكبرى في العالم من مخاطر التسرع في رغبتهم في تطبيع السياسة النقدية”.
وأشار إلى أنه من المرجح أن تكون كل من تركيا والأرجنتين هي أسرى الاقتراض المفرط من قبل اقتصادات الأسواق الناشئة الرئيسية الأخرى ، مثل البرازيل ، التي تعاني من اختلالات اقتصادية كبيرة.
وتابع “قد تذكرنا كارثة تركيا الاقتصادية الحالية أن هناك يوم الحساب لسياسات الاقتصاد الكلي المتهورة.”
وأردف قائلا “قد يبدو هذا مناسبا بشكل خاص في السياق الحالي للولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن يؤدي الخفض الكبير في الضرائب غير الممولة إلى جانب زيادات الإنفاق العام، إلى عجز في الميزانية يزيد عن 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي بقدر يمكن للعين أن تراه”.
ومضى يقول “سيكون من العجيب أن نفكر أن عجز الميزانية هذا لن يؤدي إلى اتساع العجز في الحساب الجاري الخارجي للولايات المتحدة، أو أن هذه العجز يمكن تمويله لأجل غير مسمى دون أزمة دولار في مرحلة ما”.
وتابع “لكن الدرس التحذيري الآخر من أن تجربة تركيا المؤلمة يمكن أن تمتد إلى إدارة ترامب، هو أنه من الخطر الضغط على البنك المركزي للحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة بشكل مصطنع”.
وأردف “من خلال تقويض ثقة المستثمرين في أن السياسة يتم تنفيذها بطريقة مسؤولة، فإن مثل هذا التدخل مع استقلال البنك المركزي يمكن أن يؤدي إلى عواقب غير متوقعة في الأسواق المالية”.
وأعرب الكاتب عن أمله في أن يكون بصيص الأمل في الأزمة الاقتصادية الحالية في تركيا هو أن الآخرين قد يستفيدون من الدروس الصحيحة ولا يكررون نفس الأخطاء التي ارتكبتها تركيا.
وتابع “لكن من المحزن أن التجربة تشير إلى أن كل دولة تعتقد أنها مختلفة وأن ما يحدث في تركيا لا يمكن أن يحدث في الداخل”.
اضف تعليقا