لم يمر وقت طويل على توليها المنصب الجديد حتى قررت ليز تروس -رئيسة وزراء بريطانيا- الإفصاح بشكل واضح عن مسار سياستها الخارجية، إذ أعربت عن تحمسها لنقل السفارة البريطانية من تل أبيب إلى القدس في خطوة بالتأكيد ستزعج الفلسطينيين وستسبب في موجة غضب عارمة.

هذه الخطوة، إن تمت، من شأنها التأثير على خط سياسة المملكة المتحدة الخارجية، وتجعلها تضم لمعسكر ترامب الذي سبق وأخذ مثل هذه الخطوة التي بالطبع واجهت انتهاكات دولية شديدة، إذ لا يزال جزء كبير من العالم يعتبر القدس جزءً من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

إن رفض إقامة سفارة في القدس قبل سلام عادل بين إسرائيل والفلسطينيين يتماشى مع القانون الدولي وكل قرار للأمم المتحدة على مدى خمسة عقود يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، التي تم ضمها، من وجهة نظر العالم بشكل غير قانوني، إلى إسرائيل في أعقاب حرب 1967، ومنذ ذلك الحين، تعتبر كل دولة أوروبية – بما في ذلك بريطانيا حتى الآن – عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية.

أشاد جو بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد (وهاجمته المعارضة اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو) الأسبوع الماضي للترويج لحل الدولتين في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع ذلك، يريد لابيد سيادة إسرائيلية على القدس الشرقية المحتلة وغور الأردن، وهي شروط أقل بكثير مما يمكن أن يقبله الفلسطينيون في أي مفاوضات.

إذا تم المضي قدمًا في مسألة نقل السفارة من تل أبيب للقدس، فسيساعد ذلك على وأد أي حل للقضية الفلسطينية، سواء التي يقبلها القادة الفلسطينيين أو الإسرائيليين.

علاوة على ذلك، فإن نقل السفارة سيساعد بشكل مباشر على تعزيز خطط اليمين الإسرائيلي في توسيعه المستمر للمستوطنات غير القانونية، ليس فقط في القدس الشرقية، ولكن عبر الضفة الغربية، وهي مستوطنات لا تزاحم الفلسطينيين في أراضيهم وحسب، بل تطردهم منها قسرًا.

 تحب تروس أن تصور نفسها على أنها وريثة مارجريت تاتشر، لكن من المستحيل أن نتخيل أن تاتشر، بكل تاريخها وآرائها، كان من الممكن أن تتخذ مثل هذه الخطوة.

دور بريطانيا التاريخي في الشرق الأوسط – وليس فقط عضويتها الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – يمنحها التزامًا فريدًا بالسعي لتحقيق العدالة للفلسطينيين، بخاصة وأن الشعب الفلسطيني ينتقد دور المملكة المتحدة فيما يعرف بوعد بلفور لعام 1917 الذي يعد “بوطن قومي للشعب اليهودي”، ويحملها مسؤولية ما يعانيه في الوقت الحاضر.

إن سبب اعتزام تروس نقل السفارة إلى القدس هو على الأرجح تمهيدًا لإبرام صفقة تجارية مبكرة مع إسرائيل أو لتعزيز فرص صديقها لبيد للفوز بالانتخابات الإسرائيلية في تشرين الثاني /نوفمبر.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا