قال الرئيس الباكستاني عارف علوي، إن الهند تنتهج سياسات قمعية ضد الأقليات الموجودة بالبلاد، معربا عن ثقته أنه في نهاية المطاف سيجري استفتاء تقرير مصير سكان كشمير عاجلا أم آجلا.
وفي مقابلة مع الأناضول، أعرب علوي عن القلق بلاده بسبب قرب حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، من “فلسفة منظمة المتطوعين الوطنية المعروفة اختصارا “RSS” (إحدى رموز التيار الهندوسي المتطرف)، التي تعتنق أفكارا مشابهة للأفكار التي اعتنقها (الزعيم النازي الراحل أدولف) هتلر، مثل التطهير العرقي، وقمع الأقليات والسيطرة عليها”، مشيرا إلى أنها تسعى إلى جعل 4 ملايين مسلم اليوم، في جامو كشمير وآسام (شمال شرق) دون وطن.
وتحدث علوي خلال المقابلة، عن العلاقات الثنائية بين باكستان وتركيا، وعن مقترح رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، حول التعاون الباكستاني التركي الماليزي.
وإلى المقابلة:
1ـ ما الهدف وراء قيام الهند بإلغاء الوضعية الدستورية الخاصة لـ”جامو كشمير”؟ وإذا كانت الهند غير مستعدة لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي من أجل حل هذه القضية المستمرة منذ سنوات، فما هي الطرق التي يمكن اللجوء إليها لحل المشكلة؟
في البداية، أود أن أعبر عن شكري للشعب وللحكومة في تركيا، لوقوفهما إلى جانب باكستان في كل لحظة احتجنا إليهم فيها، ولتبنيها موقفا شجاعا بخصوص أزمة كشمير، وتذكيرها بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
توجه رئيس الوزراء الهندي الأسبق جواهر لال نهرو، إلى الأمم المتحدة، ووعد بإجراء استفتاء شعبي في الستينيات، يمكّن شعب كشمير من تقرير مصيره بنفسه، إلا أنه تراجع عن وعده بعد ذلك، ورفض مناقشة الموضوع في كل المحافل الدولية.
تصنف الهند حركات الاستقلال في كشمير، أنشطة إرهابية، وتسعى إلى إعلان هذا الكفاح من أجل الاستقلال حركة إرهابية، رغم اعتراف الأمم المتحدة به. ومع هذا لم تعقد الهند اجتماعا واحدا حول كشمير منذ اتفاقية “سيملا” عام 1972 (بشأن العلاقات الثنائية بين الهند وباكستان) وحتى اليوم، وتزعم أن كشمير جزء لا يتجزأ من الهند.
الأمر الآخر الذي يشعرنا بالقلق، هو قرب حكومة مودي، من فلسفة منظمة “RSS”، والتي تعتنق أفكارا مشابهة للأفكار التي اعتنقها هتلر، مثل التطهير العرقي وقمع الأقليات والسيطرة عليها. وسعيها لجعل 4 ملايين مسلم في جامو كشمير وآسام دون وطن.
ورغم أن الأمم المتحدة صرحت أنه لا يمكن ترك أي شخص دون وطن، إلا أن مودي يسير في طريق خطرة ويواصل استهداف الأقليات.
أجدد شكري للحكومة التركية وللرئيس رجب طيب أردوغان. لقد اتصل بي الرئيس أردوغان حينما اندلعت أزمة هجوم بولواما، وفي الأيام التي شنت فيها الهند هجماتها وأعرب لي عن تفهمه لموقف باكستان.
2ـ لماذا لا تبدي الأمم المتحدة ولا الدول الكبرى اهتماما بحل قضية كشمير رغم مرور 71 عاما؟ هل تعتقد أنه يمكن نشوب حرب بين الهند وباكستان إذا لم تعدل نيودلهي عن قرارها الأخير؟
أُحيلت مسألة كشمير إلى الأمم المتحدة آخر مرة عام 1965، وأرى أن مودي، قد صعّد الأزمة إلى درجة تسببت في ردود فعل من كل دول العالم.
بالأمس كان اليوم الـ 45 للعزلة المفروضة على المنطقة، حيث تم قطع الاتصالات بكشمير، ولا يعلم أحد ماذا يجري هناك الآن.
هل تتخيلون كيف يمكن للإنسان أن يعيش في مناخ مثل هذا؟ 8 ملايين شخص يعيشون حياة السجن في منطقة مفروض فيها حظر التجول، والهند متوهمة أنها سيمكنها قمع سكان كشمير.
وأنا أقول إنه لا يمكن لأحد أن يقمع أهل كشمير. إذا نظرنا إلى فلسطين فسنرى أنه لم يتمكن أحد من قمع الفلسطينيين، وأؤمن بأن استفتاء تقرير المصير سيُجرى عاجلا أم آجلا.
باكستان تريد السلام، وكما تعلمون فإن رئيس الوزراء عمران خان، حين تولى المنصب عرض على الهند عقد لقاءات أكثر من مرة، وقال إننا مقابل كل خطوة للهند سنخطو اثنتين.
ولكن كانت الهند ترفض كل مرة، ما دفعنا إلى التفكير في أن الهند ترى اقتراحاتنا حول عقد لقاءات على أنه ضعف منا، نحن لا نرغب في إحلال السلام لأننا ضعفاء، بل لأن السلام بين باكستان والهند سيحسن الحالة الاقتصادية لشعبي البلدين، فالهند تعاني ارتفاعا في معدلات الفقر، ولو تم إحلال السلام فستنفق الأموال على الشعب بدلا من إنفاقها في الحرب، إلا أن الهند تواصل اتخاذ مواقف عدائية تجاه جيرانها ومنهم باكستان.
3ـ في تصريح لكم قلتم “المسلمون لا يرغبون في الحرب، ولكنهم لا يترددون فيها إذا دعتهم الضرورة”. هل تقصدون بذلك التصريح أن باكستان لن تكون الطرف الذي يبدأ الحرب مع الهند؟
كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم (ما معناه)ـ فإن المسلم لا يتمنى لقاء العدو، ولكن إذا لقيتموه فاثبتوا امتثالا لأمر الله تعالى، ويكون ذلك جهادا.
أولا، نحن لا نرغب في خوض حرب. ثانيا، كلانا يمتلك قوة نووية.
نظام مودي الفاشي أصبعه دائما فوق “زناد السلاح النووي”، وهم دائما متوترون، في شهر فبراير/ شباط الماضي، أسقطت باكستان طائرة هندية، إلا أنهم أسقطوا مروحيتهم بأنفسهم عن طريق الخطأ، وهذا يدل على أن “تلك الأصابع التي على زناد السلاح النووي” خطيرة للغاية، وذلك لأن الهند دولة تتصرف بعدم مسؤولية.
على الجانب الآخر، فإن باكستان أيضا قوة نووية، ولذلك فالسلام بالمنطقة أمر مهم، علاوة على ذلك باكستان دولة مسؤولة، وقد قمنا بتسليمهم قائد الطائرة التي أسقطناها.
نحن نرغب في السلام، ولكن إذا اعتدت الهند علينا فسنرد، لا أعتقد أنه يمكنها تخيل كيف يمكن للأشخاص المؤمنين تحمل الهجوم على أراضيهم.
4ـ الشهر الماضي، اقترح رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، مبادرة تركية ماليزية باكستانية مشتركة من أجل توحيد العالم الإسلامي. كيف يمكنكم لعب دور من أجل تنفيذ هذا المقترح بصفتكم رئيس جمهورية باكستان؟
كان ذلك مهما للغاية. كنا أنا ورئيس الوزراء الحالي عمران خان، قد التقينا الرئيس أردوغان عامي 2011 و2012 قبل لقائنا الأخير. وأرى أن أردوغان زعيم صاحب رؤية.
رئيس الوزراء عمران خان، ونظيره الماليزي مهاتير محمد، كلاهما أصحاب رؤية أيضا، والدول الثلاث تمتلك قوة عددية كبيرة ونظاما ديمقراطيا قويا.
أرى أن اجتماع الدول الثلاث مهم جدا من الناحية الاقتصادية. تركيا تحمل على عاتقها دورا مهما بخصوص ما يحدث في الشرق الأوسط، وتسعى لإحلال السلام على طول حدودها مع سوريا.
ومع إحلال السلام، ستكون هناك عمليات كبيرة لإعادة الإعمار في الشرق الأوسط وأفغانستان، ولذلك أرى أن تركيا وباكستان وماليزيا يمكنها لعب دور مهم في هذه المبادرة المشتركة، ليس فقط من أجل السلام، ولكن أيضا من أجل نهضة العالم الإسلامي، فنحن أناس متسكون بمبادئنا، والتعاون بيننا مهم جدا من أجل العالم الإسلامي.
5ـ كيف ترون الروابط المستقبلية بين تركيا وباكستان؟ وأي المجالات ترون أنها يجب أن تحظى باهتمام أكثر من ناحية تعزيز العلاقات الثنائية؟
أرى أن العلاقات الثنائية بين باكستان وتركيا تشكل نموذجا يحتذى به، كون الدولتين تربطهما صداقة قوية جدا.
الصداقة والعلاقات المتينة بين البلدين لم تبدأ فقط منذ تأسيس باكستان وحتى اليوم، بل تمتد إلى حقبة الخلافة، أتذكر أن أبي الذي توفي في ثمانينيات القرن الماضي كان يتحدث دائما بشغف عن حقبة الخلافة التي لعب دورا فيها.
أعتقد أن بداية أواصر صداقتنا الفريدة من نوعها بدأت في تلك الفترة، وهي تتعدى الحكومات لتكون صداقة بين الشعوب، وأعتقد أنه يجب نقل تاريخ روابط الصداقة بيننا إلى الأجيال الشابة أيضا.
يمكن أن يتم إطلاق مبادرة اقتصادية جيدة بين تركيا وباكستان في المستقبل، كما يمكن القيام بتبادل ثقافي بين شعبي البلدين، وتأسيس تعاون جيد في قطاع الصناعات الدفاعية.
ويمكننا كذلك التعاون في البنى التحتية وفي إنتاج الطائرات، الشهر الماضي قمت بتدشين ناقلة نفط أنتجناها بمساعدة تركيا، وأرى أن هذا تعاون رائع بين دولتين شقيقتين، علينا أن نعمل وأن نفكر وأن نعيش سويا.
6ـ يقدر الشعب التركي دعم باكستان له في كفاحه ضد منظمة فتح الله غولن الإرهابية، هل تعتقدون أن المجتمع الدولي انتبه جيدا إلى خطر هذه المنظمة الإرهابية؟
أرى أن هذه القضية قد تم فهمها جيدا على الصعيد الدولي، وأرى أن باكستان وقفت إلى جوار تركيا، فقد اتخذت إسلام أباد عدة مبادرات سريعة فور تنبهها لما يحدث، وعندما زرت تركيا لحضور افتتاح مطار إسطنبول، طلب مني الرئيس أردوغان تسريع وتيرة محاكمات هؤلاء الإرهابيين في باكستان. ونحن قمنا بذلك وسرعنا من إجراءات المحاكمات، وسلمنا مدارس المنظمة الإرهابية إلى وقف المعارف التركي.
أعتقد أن تركيا تناولت هذه المسألة بطريقة جيد وبحكمة، وقد أسعدنا أيضا وقوف الشعب التركي وراء حكومته، وقدموا لنا مثالا جيدا مفاده أنه لا يمكن لأحد النيل منكم، طالما أنكم تحظون بدعم شعوبكم.
اضف تعليقا