العدسة – معتز أشرف
نرصد اهتمامًا بارزًا لمعهد واشنطن للدراسات في الشرق الأدنى والمعبر عن سياسات واشنطن، بذراع محمد بن سلمان الدكتور محمد العيسى الأمين العام لـ”رابطة العالم الإسلامي” والذي استضافه مؤخرًا للحديث عن السلام، نرصد ما دار في الاجتماع المتلفز، ونربطه بما قاله محمد بن سلمان.

 

السلام القريب!

في أوائل شهر مايو 2018 استضاف معهد واشنطن الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى الأمين العام لـ”رابطة العالم الإسلامي” في منتدى خاص عقده المعهد في فندق ريتز– كارلتون، وأدار الندوة رجل المعهد الأول الدكتور روبرت ساتلوف المدير التنفيذي للمعهد، وجاءت إجابات الدكتور العيسى على أسئلة الدكتور ساتلوف كاشفة وفاضحة؛ حيث تحدث عمّا أسماه “الإسلام الاكثر تسامحًا واعتدالًا “وعن السلام القريب مع “إسرائيل” القريب الذي يعطي للإسرائيليين والفلسطينيين حقوقهم وكرّر أزمته “الهولوكوست”.
وفي اللقاء الذي بثّه موقع معهد واشنطن كاملًا تحت عنوان ” نحو الإسلام الأكثر اعتدالًا وتسامحًا” تحدث العيسى المقرب من الأمير السعودي محمد بن سلمان عن السلام في الشرق الأوسط،، موضحًا أن هناك ” مشروعًا عربيًا مُقدَّمًا لحل القضية (بين إسرائيل والفلسطينيين) من جميع الأوجه، ووصفه بأنه حل عادل ومنصف للجميع، مؤكدًا أنه متى حصل هذا الحل سنذهب سوية لنبارك هذا السلام هناك، وسيكون سلامًا شاملاً.
وكرر العيسى عبارة “قريبًا” 3 مرات في إجابته عن تحقيق السلام قائلًا: نتطلع إليه جميعًا فهو ضروري للغاية وهو عادل للجميع، نتطلع أن يكون قريبًا، سيعطي الجميع حقوقه، الأمر مقدم من سنوات ونتوقع أن يتحقق قريبًا، لإيقاف الصدام والنزاع ” مضيفًا: “لن نكون إطلاقًا مرتاحين لقتل المدنيين الأبرياء “ولم يسمِّ المدنيين من أي جانب سواء الفلسطيني أو الصهيوني، وتابع قائلًا: “هذه القضية يمكن حلها عندما نضع بين أعيينا مصلحة الجميع ونقدم الحكمة ونبتعد عن أي طرح قد يسبب المزيد من الافتراق والصراع” ولم يحدد ما هي مصلحة الجميع إلا أن حديثه كان دائرًا عن الفلسطينيين والكيان الصهيوني منذ بدء الإجابة عن السؤال.
وأشار العيسي إلى أن امتداد هذه القضية دون حل يعطي الفرصة للمزايدين من الطرفين الذي يستفيد من إطالة هذه القضية ولم يسمِّ من المزايدين من الجانب الفلسطيني، مؤكدًا أن الضمائر الحية والحكماء يسعون دومًا إلى انهاء الأزمة ونرجو أن يكون ذلك قريبًا، بحسب قوله.
وفي السياق ذاته تحدث العيسى مرة أخرى عن “الهولوكوست” والذي أثار حديثه الأول عنها سخطًا واسعًا بين القوى العربية والإسلامية في المرة الأولى في يناير 2018؛ حيث وصف وقتها بأنه يقود انقلابًا في منظمة رابطة العالم الإسلامي لصالح أجندة محمد بن سلمان التطبيعية مع الكيان الصهيوني، وقال العيسى في إجابة علي أحد الأسئلة: “علمت عن هذه الذكرى المؤلمة وقمتُ بزيارة “متحف الهولوكوست” أثناء وجودي في واشنطن. درسنا عن الهولوكوست في الصغر. كانت عندنا حقائق تاريخية هزت الإنسانية. اطّلعت خلال زيارتي إلى المتحف على الكثير من الوثائق عن هذه الفاجعة الإنسانية، ومن ينكر “الهولوكوست” يحرّف التوصيف الجنائي لهذه الجريمة الإنسانية- ما عمله هتلر بجريمته النازية كانت امتدادًا لمحاولته إحراق العالم أجمع. لقد سجل التاريخ فواجع هتلر التي هزّت جرائمه الإنسانية، وعندما تحدثنا بمناسبة “الهولوكوست” ونشرنا خطابنا الموجه إلى رئيسة “متحف الهولوكوست” تلقتْ “رابطة العالم الإسلامي” العديد من الرسائل المؤيدة لذلك. إنّ محاربة الأفكار المرتبطة يعود بنا إلى حقيقة الإسلام. هذا الدين تعايش مع الجميع” وفق ما قال.

صفقة القرن!

حديث العيسى يتوازى مع أحاديث متواترة للأمير محمد بن سلمان في الفترة الأخيرة عن صفقة القرن، وهو ما يخيّم بظلال من الريبة عن كواليس الصفقة في ظل حديث العيسى عن الحل المنصف وحقوق الجميع والمزايدين من الجانبين وإعادة الحديث عن حقوق اليهود فيما يسمى الهولوكوست، وكشفت القناة العبرية العاشرة، مؤخرًا أن محمد بن سلمان، أخبر مسؤولين يهودًا أمريكيين بأن أمام الفلسطينيين خيارين؛ إما القبول بعملية السلام، التي باتت توصف بـ”صفقة القرن”، وإما “التوقف عن الشكوى”، وذلك بعد تصريحات بن سلمان المثيرة للجدل، مع رئيس تحرير مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، جيفري غولدبرغ والتي اعترف فيها بوطن لـ”إسرائيل”، خلال زيارته واشنطن في 20 مارس الماضي، مما فجر موجة غضب فلسطينية كبيرة، وسط اتهامات وتحذيرات من الدور “المشبوه” الذي تقوم به الرياض لتصفية القضية الفلسطينية وشرعنة الاحتلال ضمن مخطط “صفقة القرن، حيث قال بوضوح خلال المقابلة: إنه “ليس هناك أي اعتراض ديني على وجود دولة إسرائيل، وأعتقد أن لكل شعب الحق في أن يعيش بوطنه بسلام”.

وتشير تقارير دولية إلى أن الصفقة تقع في 35 صفحة، وعلِم بها الجانب الفلسطيني بالكامل، وعلّقت السلطة بقولها: “لن تجد فلسطينيًا واحدًا يقبل بها”، بحسب ما صرّح به مسؤول فلسطيني، رفض الكشف عن اسمه.

والشهر الماضي، كشف قيادي في السلطة لـ”الخليج أونلاين”، أن الرياض وجَّهت خلال الأيام الماضية، دعوة رسمية لعباس لزيارة أراضيها، في محاولة منها لتطويق الخلاف القائم مع الفلسطينيين، بسبب “صفقة القرن”.

وأضاف القيادي، الذي رفض كشف اسمه: “الرياض لم يعجبها كثيرًا حالة الرفض الفلسطيني القاطعة، لدورها في صفقة القرن المشبوهة، وعندما فشلت في إقناعنا بقبولها لجأت إلى طريق جديد؛ وهو اللقاء المباشر مع الرئيس أبو مازن”.

وتقضي الخطة، بحسب صحيفة “الحياة”، بدولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة تغطي نصف الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، من دون القدس، والبدء بإيجاد حلول لمسألة اللاجئين.

كما تقول الصفقة إنه على الفلسطينيين بناء “قدس جديدة” على أراضي القرى والتجمعات السكانية القريبة من المدينة، بحسب ما نشره الموقع.

وتقضي الصفقة ببقاء الملف الأمني والحدود بيد “إسرائيل”، في حين تبقى المستوطَنات هناك خاضعة لمفاوضات الحل النهائي، التي لم يحدَّد سقف زمني لها.

وعن المدينة القديمة في القدس التي فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، تقضي الخطة بإنشاء ممر من “الدولة الفلسطينية الجديدة” إلى القدس القديمة للعبور هناك لأداء الصلوات.