مع تصاعد الانتهاكات الصهيونية في مدينة القدس المحتلة وحي الشيخ جراح، ومع شن حرب قاسية على قطاع غزة المحاصر دامت 11 يومًا، وخلفت أكثر من 290 شهيدًا فلسطينيًا، يواصل قطار التطبيع الإماراتي مع دولة الاحتلال خطواته المتسارعة دون توقف.
وتتنوع أنشطة التطبيع الإماراتي، بين تجمعات سياسية، وأخرى اقتصادية، واتفاقيات شراكة في مختلف المجالات، وتوقيع مذكرات تبادل طلابي في الفترة بين 13 أبريل/نيسان الماضي والأول من يونيو/ حزيران الجاري.
ومنتصف إبريل/ نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في الداخل الفلسطيني إثر اعتداءات الصهاينة الوحشية في القدس، وامتد التصعيد في مايو/أيار إلى الضفة الغربية والمدن العربية داخل الأراضي المحتلة، ثم أعقب ذلك عدوان على قطاع غزة في 10 مايو/ آيار، انتهى بوقف لإطلاق النار، برعاية مصرية، فجر 21 من الشهر ذاته.
وأسفر العدوان الصهيوني على فلسطين عن 290 شهيدا؛ بينهم 69 طفلًا و40 سيدة و17 مسنا، فضلًا عن ما يزيد على 8900 مصابًا، مقابل مقتل 13 إسرائيليا وإصابة مئات، إثر رد فصائل المقاومة في غزة بإطلاق صواريخ على الكيان المحتل.
على كل الأصعدة..
مع كل ذلك التصعيد، يتصاعد التطبيع الإماراتي مع دولة الاحتلال، دون أدنى خجل أو وجل.
ففي 16 إبريل/ نيسان الماضي، شهدت قبرص الرومية لقاءً رباعيا ضم وزير خارجيتها نيكوس خريستوذوليديس، ونظيريه الإسرائيلي غابي أشكنازي، واليوناني نيكوس ديندياس، وفي حضور المستشار الدبلوماسي لرئيس إمارات الشر، أنور قرقاش، وفق ما أورده بيان الخارجية الصهيونية. وحينها، قال أشكنازي، إن “تل أبيب تعمل مع حلفائها من أجل التنفيذ السريع لاتفاقيات أبراهام (اتفاقيات التطبيع)”.
وبعدها بـ 4 أيام، أعلنت “مجموعة 42” الإماراتية، وشركة “رفائيل” للصناعات الدفاعية الصهيونية التابعة للحكومة عقد اتفاق لإقامة مشروع مشترك، لتسويق “تقنيات الذكاء الاصطناعي وحلول البيانات الضخمة”.
وفي بيان، قالت “مجموعة 42” الإماراتية، ومقرها أبوظبي، إن المشروع سيحمل اسم “بريسايت”، وقد تم توقيع الاتفاق في مدينة هرتسليا وسط الكيان المحتل، وبحضور سفير الإمارات لدى الصهاينة، محمد آل خاجة، وكذلك مسؤولين كبار من الشركتين.
وفي 21 إبريل/ نيسان، استقبل وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، مبعوث وزير خارجية دولة الاحتلال الخاص بدول الخليج، زفي حيفتس، وبحثا خلال لقائهما “سبل تعزيز التعاون المشترك”، وفق وكالة الأنباء الإماراتية.
أما في السادس والعشرين من ذات الشهر، فقد وقّعت فيه شركة “ديليك كيدوحيم”، صاحبة الامتياز في حقل تمار البحري الصهيوني للغاز الطبيعي، مذكرة تفاهم مع شركة “مبادلة” للبترول الدولية الإماراتية.
ومطلع الشهر الماضي، أعلنت مجموعة بورصة دبي للذهب والسلع، حصولها على موافقة من بورصة الأوراق المالية الصهيونية، تتيح للشركات الصهيونية التداول على منصة “دبي للسلع”.
وفي بيان صادر عن مجموعة بورصة دبي، جاء فيه إن الموافقة تسمح بانضمام الشركات الإسرائيلية المؤهلة إلى قاعدة أعضاء البورصة، كما تمكنها من الاستفادة من خدمات ومنصات التداول التي توفرها.
كما تتيح هذه الخطوة كذلك لبورصة دبي إمكانية تقديم خدماتها، بما يشمل ذلك العقود الآجلة وعقود الخيارات، وعقود المعادن الثمينة، والطاقة، وقطاعات العملات والأسهم، في دولة الاحتلال.
وفي السادس من ذات الشهر، كشف الصحفي الإماراتي، محمود العوضي، عن إطلاق منصة إعلامية عربية–عبرية داخل دولة الاحتلال، على أن يكون هو رئيس تحريرها، كأول خليجي يرأس وسيلة إعلام صهيونية، ويقوم على التمويل رجال أعمال صهاينة.
وفي الثلاثين من ذات الشهر، قال وزير مالية دولة الاحتلال الإسرائيلي، إسرائيل كاتز، إن بلاده وقعت مع دولة الإمارات اتفاقية ضريبية مشتركة، في إطار جهود الجانبين لتعزيز العلاقات التجارية المشتركة.
وكتب “كاتز” تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر: “لقد وقعت اتفاقية ضريبية مع عبيد حميد الطيار، وزير المالية الإماراتي. هذه اتفاقية تاريخية ستحفز تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين”. مضيفًا أن الاتفاقية ستوفر “اليقين والظروف المواتية لنشاط تجاري واسع النطاق. وستسهم في استمرار الازدهار الاقتصادي لدولة إسرائيل والإمارات والمنطقة بأسرها”.
ونهاية مايو/ آيار الماضي، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن سفينة شحن إماراتية ضخمة وصلت إلى ميناء إيلات، جنوبي الكيان الغاصب. وأوضحت الصحيفة، أن السفينة هي الأولى التي تصل الميناء من الخليج العربي منذ أكثر من 15 عاما، وتحمل نحو 4 آلاف طن من الحديد.
كما زار السفير الإماراتي لدى الاحتلال، آل خاجة، الزعيم الروحي لحركة “شاس” الدينية الصهيونية المتطرفة، الحاخام شلومو كوهين، في مدينة القدس المحتلة، وقدم الحاخام هدية لسفير دولة الخيانة، كما طلب السفير من الحاخام أن يمنحه مباركة الكهنة.
اتفقت دولة الاحتلال وإمارات الشر على إطلاق برامج لتبادل البعثات الطلابية في مجال التعليم، وذكر حساب “إسرائيل بالعربية” التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أن ذلك جاء في أول اجتماع بين وزير التعليم الصهيوني، يؤاف جالانت، بسفير الإمارات.
وفي مطلع يونيو/ حزيران الجاري، أعلنت إدارة التجارة الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد والصناعة في دولة الاحتلال، أنها ستفتتح خلال صيف العام الجاري مكتبا اقتصاديا جديدا في أبو ظبي. وقالت الوزارة إن “المكتب الذي سيفتتح هذا الصيف، سيكون مسؤولاً عن العلاقات بين إسرائيل والإمارات”.
وبدأ مسلسل الخيانة هذا منذ وقعت الإمارات اتفاق العمالة والتطبيع مع دولة الاحتلال في العاصمة الأمريكية واشنطن، في 15 أغسطس/ آب الماضي، سبتمبر/أيلول 2020، ومنذ ذلك الحين، وُقعت عشرات الاتفاقيات بين شركات ومؤسسات حكومية وخاصة إسرائيلية وإماراتية.
وأثار التطبيع الإماراتي الإسرائيلي غضبا شعبيا عربيا واسعا، في ظل استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية ورفضها قيام دولة فلسطينية مستقلة، فضلا عن اعتداءاتها المتواصلة على الشعب الفلسطيني.
اقرأ أيضاً : في مهب الريح.. ماذا جنت الإمارات من الهرولة نحو التطبيع؟
اضف تعليقا