العدسة – ربى الطاهر
ربما يأخذك خيالك إلى تصورات لمستويات هائلة من الراحة والترفيه، عندما تسمع عن المنازل الذكية، خاصة وأن تطورات التكنولوجيا أصبحت أسرع من ملاحقة تغيراتها، فكل ثانية نسمع عن إصدار جديد في هذا العالم، ولا تتوقف عند حد معين.
فقد تتخيل نفسك مستقبلا بعد أن تؤسس منزلك الذكي فتعود من عملك بعد يوم مرهق لتقترب من الباب الذي يفتح دون أي مجهود منك، وبعد خطوات يقفل وحده أيضا فتعطي أمرا صوتيا للإضاءة فتفتح الأنوار، وربما أمرا إضافيا بإدارة الموسيقى المفضلة لديك، وبعد استعدادك لتناول وجبة الغداء تذهب إلى المطبخ لتعطي أوامرك بالوجبة التي تفضلها فتخبرك الثلاجة بإصدار أصوات محددة بأن الفاكهة والخضروات قد أوشكت على النفاد وعليك مراجعة ما تريد الاستزادة منه، ثم تتوجه إلى الموقد لتعطي أمرا آخر بطهي ما تريده من طعام، وبعد انتهائك من الطعام تذهب لغرفة نومك لتخبر ساعتك بإيقاظك في الوقت المحدد صباحا، وبمجرد اللقاء جسدك إلى السرير يتم غلق الموسيقى وكذلك المصابيح بشكل تلقائي.
والأمر ليس بالبعيد أو المكلف، فقد أصبح متاحا الآن شراء هذا الجهاز لإدارة كل هذه الأنظمة الذكية لتفيذ أوامرك الصوتية، وبثمن زهيد لا يتجاوز الـ 50 دولار.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سننعم بكل هذه الرفاهية دون منغصات قياسا بتطبيقات الأجهزة الذكية الآن من حواسيب أو هواتف… للأسف ليس الأمر بهذه السهولة، فقد تكون كل خصوصياتك، ولاسيما بياناتك، عرضة للانتهاك.
وقد علق الخبير التقني الألماني توبياس آرنس، أن تنفيذ أفكار المنزل الذكي الذي يتيح للإنسان أن يقضي كل أوامره بلمسة واحدة على زر لم يعد أمرا مذهلا، فرفع الستائر وإنزالها أو تخفيض الإضاءة وتقويتها أو حتى تشغيل السينما أصبح كل ذلك متاحا للكثيرين الآن، بل لقد تطور الأمر عن ذلك، فقد تتمكن من التحكم ببعض الأجهزة الكهربائية مثل التلفاز عن طريق هاتفك الذكي أو حتى الحاسوب الخاص بك.
رغم الندرة ستنتشر قريبا
واعتبر آرنس أن هذه التطبيقات التي لم تصل إلى كثيرين أو غير متاحة بالنسبة لهم، لم تعد خيالا بل على العكس فإنها لن تستغرق وقتا حتى تنتشر وتصل إلى العامة في وقت قصير ربما لا يزيد عن عام من إصدارها.
ويتوقع هذا الخبير التقني آرنس أنه بحلول العام 2020، سيصل عدد الأجهزة المتصلة بغيرها من خلال الشبكات إلى ما يقارب 50 مليارًا .
بينما رأى ديرك تيمرمان، أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة روستوك الألمانية، أن البطء في انتشار هذه الأجهزة إلى الآن إنما يعود إلى استمرارية اختبارها وخضوعها للبحث بالإضافة إلى أن الكثير منها لم يتعرف على العديد من اللغات المختلفة.
وقد اتيح الآن استخدام شبكة لاسلكية “دبليو أل.آي.أن” يمكن من خلالها التحكم بالمقابس والمصابيح وبرمجتها من خلال شبكة الإنترنت.
ويوضح آرنس، أن بعض البرامج على الإنترنت وكذلك بعض تطبيقات الهواتف الذكية أو الحواسيب تتيح التحكم في جميع الأجهزة المتصلة بتلك المقابس أو المصابيح اللاسلكية سواء كان بتشغيلها أو إيقافها.
بينما تتيح مصابيح ليد المزودة بشبكة “دبليو أل.آي.أن” اللاسلكية إمكانيات للضبط أكثر تطورا فهي بجانب أنها مثلها مثل المصابيح الأخرى يمكن تشغيلها أو إيقافها عبر جداول زمنية محددة فإنها إضافة لذلك تتيح فرصة لضبط درجة الإضاءة من الخفوت أو الشدة بجانب لون الإضاءة أو حتى تحديد ضبطيات معينة تخصص للقراءة مناسبة للغرفة ولرغبة المستخدم عبر تطبيقات خاصة من خلال الهاتف الذكي.
ومن مميزات هذه الأجهزة اللاسلكية ليس ما توفره من راحة ورفاهية فحسب، ولكن الأهم من ذلك هو أنها تساهم في خفض تكاليف الطاقة إلى جانب أنها تحافظ على البيئة، فقد تعمل بعض هذه الأجهزة على إيقاف النظام المستخدم مثل التدفئة مثلا بمجرد مغادرة آخر آفراد المنزل.
مخاطر استخدام الأنظمة الذكية
بينما تبدي يوهانا كاردل الخبيرة لدى الاتحاد الألماني لمراكز حماية المستهلك التخوف من هذه الأنظمة رغم كل ما توفره من راحة ورفاهية فإن إمكانية انتهاك البيانات الخاصة بتلك المنازل واردة بنسبة كبيرة، حيث إنه بإمكان الشركات التي تطرح هذه الأنظمة باختراق كل المعلومات عن المستخدم للمنزل الذكي من خلال إنشاء “بروفايل” خاص به يشمل مواعيد عودته للمنزل وعاداته وما يفضله من موسيقى أو أطعمة أو… إلخ.
لهذا ينصح الخبراء التقنيون بالتعامل مع شركات ذات سمعة طيبة، وتحديدا فيما يخص بيانات المستخدم وإتاحة الاطلاع عليها، عند تطبيق تلك الأنظمة بمنزلك، والانتباه إلى هذا الجانب وعدم التغاضي عنه مقابل الرفاهية، وعدم استسهال اقتناء الأجهزة المجانية أو الزهيدة التكاليف لأن هذه المزايا المادية ربما تكون فخًّا لجمع تلك الأموال عن طريق آخر عبر تلك البيانات التي قد تستغلها لأغراض أخرى من الدعاية الموجهة.
وقد كشفت العديد من الدراسات عن تزايد الاقبال للحصول على منزل ذكي خاصة وان تكلفته بشكل كامل تتراوح ما بين 1500 إلى 3000 دولار ..إلا أن واقعيا الامر يتطلب اكثر من ذلك لكي تتمكن من جعل منزلك ذكيا بالمعنى الحقيقي للكلمة.
منازل ذكية من الماضي
وفعليا تعتبر فكرة المنزل الذكي كانت متاحة منذ عدة سنوات وان كانت ليست بالمعنى المتعارف عليه الآن إلا أن اجهزة عديدة مثل الابواب الالكترونية التي يتم التحكم فيها عن بعد من خلال جهاز يعمل بتكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء IR، أو فتح باب الجراج كذلك بضغطة واحدة على زر هو مثال على تطبيق ذلك مسبقا.
ولكن الوقت وحده هو من سمح باتاحة المزيد من التحكم في تلك الالكترونيات عن طريق الهاتف الذكي وم مسافة ابعد ربما تصل إلى عدة كيلومترات أو حتى ابعد من ذلك ربما في بلد اخر، وهذا يعنى أن ان فكرة انشاء منزل ذكي وان كانت الخطوات الاولي لانشاءه قد بدات مسبقا فان الخطوات اللاحقة لا تحتاج إلى اكثر من توافر التكنولوجيا لاستكمالها.
وقد يعتقد البعض أن تنفيذ هذه التكنولوجيا ربما يحتاج لاموال طائلة ولكن هناك شركات قامت بطرح أجهزة منخفضة الاسعار وذكية ايضا مثل: Amazon Echo Dot و Google Home Mini فهى لا تتخطى مبلغ الـ 50 دولار حتى تمكنك من التحكم عن طريق الصوت في الاشياء الموجودة بمنزلك كما تستطيع كذلك عرض مقاطع فيديو على شاشة المنزل أو حتى سماع موسيقي بعينها من خلال اطلاق اوامر صوتية،كما يتيح لك نظام Echo Dot البحث عن اى شىء واعطاءك كافة تفاصيله في اقل من ثوان.
اما درجة حرارة الغرفة فهى ايضا تخضع للتحكم من خلال جهاز Ecobee4التى تعمل بشكل تلقائي من خلال التشغيل أو الايقاف بمجرد دخول المنزل أو مغادرته.
كما تساعدك مصابيح Philips Hue التي لا يتجاوز سعرها الـ 20 دولار على ربط الاضاءة بمنزلك مع ذلك النظام الذكي حيث بإمكانك فتح أو غلق الاضاءة أو حتى تغيير لون الاضاءة.
بينما يوفر نظام الحرائق Nest Protect حماية من كافة الحرائق أو الادخنة حيث انه نظام يتميز بشدة الحساسية ويتم ربطه بالشبكة الكاملة لاجهزة المنزل الذكية كما يتم ربطها تحديدا بمصابيح Hue ليتغير لونها إلى الاحمر في حالة التونيه عن خطر.
واخيرا يربط جهاز Samsung SmartThings كافة تلك الاجهزة الذكية بعضها ببعض الذي يسهل عملية التحكم في كل تلك الاجهزة من خلاله ويتميز باستجابته السريعة إلى جانب مقدرته في التعرف على كافة الاجهزة المنزلية الذكية داخل المنزل.
اضف تعليقا