برزت الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، سفيرة المملكة العربية السعودية في واشنطن، كلاعب رئيسي في عملية التطبيع السعودي مع إسرائيل، والتي تشكل جزءاً من رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإعادة تشكيل التحالفات السياسية والاقتصادية في المنطقة.

في هذا التقرير، سنستعرض المحطات المهمة التي تعكس جهود الأميرة ريما في هذا السياق والتحديات التي تواجهها المملكة في تحقيق التوازن بين المصالح الداخلية والخارجية.

التقارب مع الاحتلال

في الثالث من أكتوبر عام 2019، وفي خطوة اعتُبرت غير مسبوقة، أرسلت الأميرة ريما بنت بندر تهنئة بمناسبة رأس السنة اليهودية للجالية اليهودية في الولايات المتحدة.

هذه الخطوة جاءت بعد أقل من أسبوع من تهنئة وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، للشعب السعودي عبر مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية. على الرغم من أن هذه التهنئة لم تُنشر عبر القنوات الرسمية للسفارة السعودية، إلا أن الصحفي اليهودي، جوش ليدرمان، شارك الرسالة على صفحته على “أكس” (المعروف سابقاً بتويتر)، وعلق قائلاً: “هذه سابقة من نوعها”.

هذا الحدث كان بمثابة إشارة مبكرة لبدء تحول محتمل في العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، حيث كانت المملكة تسعى لتحقيق توازن في سياستها الخارجية، مع الحفاظ على مكانتها في العالم الإسلامي، وفي الوقت ذاته الانفتاح على تحالفات جديدة تخدم مصالحها الاقتصادية والأمنية.

تعزيز التطبيع باسم التسامح

استمرت جهود الأميرة ريما بنت بندر في تعزيز الحوار بين الأديان وتقريب المسافات بين المملكة وإسرائيل من خلال لقاءاتها مع شخصيات دولية بارزة.

ففي يونيو 2022، أعلنت السفيرة الأمريكية لمكافحة معاداة السامية، ديبورا ليبستات، عن أول زيارة لها للسعودية ضمن جولة شملت إسرائيل والإمارات العربية المتحدة.

أعربت الأميرة ريما عبر تغريدة على حسابها الشخصي عن “سرورها” بلقاء ليبستات، مشيدة بالجهود التي تبذلها السعودية لتعزيز السلام والتسامح والحوار بين الأديان.

ما أثار الجدل حول هذا اللقاء هو تاريخ ليبستات المعروف بتصريحاتها المثيرة للجدل ضد الإسلام والمسلمين. في عام 2015، صرحت ليبستات بأن العنف مرتبط بشكل مباشر بالإسلام، وتحدثت عن الهجمات الإرهابية بوصفها “إرهاباً إسلامياً”.

كما أنها عارضت بشدة في عام 2016 الانتقادات الأمريكية للمستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. ورغم هذا التاريخ الحافل بالتصريحات العدائية ضد المسلمين، فإن لقاء ريما بليبستات جاء ليعكس السياسة السعودية الجديدة التي تسعى لتعزيز علاقاتها مع الشخصيات المؤثرة في الغرب، رغم التحديات التي قد تنشأ جراء تلك العلاقات.

الشراكات الاقتصادية مع إسرائيل

في 31 يوليو 2023، شهدت الأميرة ريما بنت بندر حدثًا آخر ذا دلالة كبيرة في مسار التطبيع، حيث شاركت مع وفد من الحكومة السعودية في توقيع اتفاقية تعاون بين شركة SolarEdge الإسرائيلية وشركة عجلان وإخوانه السعودية.

الاتفاقية جاءت بغطاء أمريكي، حيث قدّمت شركة SolarEdge نفسها كشركة أمريكية، في حين وقع الرئيس التنفيذي للشركة، تسفي لاندو، الذي درس في إسرائيل وعمل في كاليفورنيا، على الاتفاقية.

هذه الاتفاقية لم تكن سوى مقدمة لما يمكن أن يكون تعميقًا للعلاقات الاقتصادية بين السعودية وإسرائيل، حيث تهدف المملكة من خلال هذا التعاون إلى تطوير قطاع الطاقة المتجددة، في إطار رؤية 2030 التي يتبناها ولي العهد محمد بن سلمان. يشار إلى أن هذا التعاون قد يعزز التكامل الاقتصادي بين البلدين، ما يمثل خطوة كبيرة نحو التطبيع الرسمي.

بالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الأميرة ريما بنت بندر لتعزيز التطبيع مع إسرائيل، إلا أن هذه السياسة تواجه العديد من التحديات، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. ففي مارس 2024، اضطرت السفيرة لتقديم اعتذار رسمي للحاخام أبراهام كوبر، رئيس لجنة الحرية الدينية الأمريكية، بعد أن طُلب منه خلع “الكيباه” خلال زيارة له إلى السعودية.

هذا الحدث عكس الحساسيات الموجودة داخل المجتمع السعودي بشأن العلاقات مع إسرائيل، والتي لا تزال تواجه معارضة من قِبل قطاعات واسعة من الشعب السعودي الذي يرى في التطبيع تناقضًا مع دعم القضية الفلسطينية.

على الجانب الآخر، تواصلت الجهود السعودية لتحقيق توازن في علاقاتها الخارجية، خاصة في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة. ففي مايو 2024، نشرت صحيفة “إسرائيل هيوم” تقريرًا يشير إلى استمرار جهود التطبيع السعودي الإسرائيلي، رغم التوترات الإقليمية.

وأشارت الصحيفة إلى زيارة وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، إلى الولايات المتحدة، حيث كان من المقرر أن يلتقي الأميرة ريما في واشنطن، ما يؤكد أن السعودية تسعى لاستمرار الحوار مع إسرائيل رغم الانتقادات.

الخلاصة أنه من الواضح أن الأميرة ريما بنت بندر تلعب دوراً محورياً في تعزيز جهود التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وهو ما يأتي ضمن إطار رؤية ولي العهد محمد بن سلمان لبناء تحالفات جديدة تخدم مصالحه على حساب الشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضًا : فضيحة مشروع نيوم.. أين اختفى أكثر من 100 ألف عامل بالمملكة؟