استحواذ أغنى الملاك في العالم على النادي لا يعني بالضرورة الحصول على أكبر ميزانية.
لم يؤدِ وجود أغنى الملاك إلى نجاح فوري، وما ضاعف المخاوف أن النادي لم يعد أولوية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي!
قال أحد مشجعي نادي نيوكاسل يونايتد الانجليزي: “أتمنى أن يكون لناديي أغنى ملاك في العالم”، استجاب القدر، لكن كان رده قاسيًا، حيث تحققت الأمنية على هيئة “مخلب القرد”.
مصطلح “مخلب القرد” مستوحى من قصة قصيرة كتبها دبليو دبليو جاكوبس عام 1902، والتي تحذر من خطورة الأماني غير المدروسة – أو على الأقل تحث على الدقة في صياغة تلك الأماني. بالنسبة لنيوكاسل، نعم، امتلكه بعض أغنى الأشخاص والجهات في العالم، لكن ماذا حدث بعد ذلك؟ اتضح أن هذه الصفقة ما هي إلا نقمة على مستقبل النادي الذي كان يكافح من أجل البقاء.
عندما أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي استحواذه على نادي نيوكاسل يونايتد في أكتوبر/تشرين الأول 2021، استقبل هذا المشجع الخبر بحماس؛ فقد بدا أن أمنيته قد تحققت… لماذا إذًا عليه أن يخاف من العواقب؟
بغض النظر عن قضية انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية- وهي مسألة لم يبد مشجعو نيوكاسل أنها قد تشكل أي مشكلة بالنسبة لهم- فإن هذا الاستحواذ كان بمثابة قفزة كبيرة من حقبة مايك آشلي التي كانت تعاني من الازدراء والإهمال.
بالرغم من ذلك، يتضح الآن أن هذا ليس هو المستقبل الذي تخيله المشجعون عند إتمام الصفقة واستحواذ السعودية على النادي، حيث تغنى بعض المشجعين – لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي – عن كونهم “أغنى نادٍ في العالم”، وتحدثوا عن رونالدو ينظف الأحذية وميسي يبيع الفطائر، في إشارة إلى أن ناديهم سيحقق إنجازات وبطولات ستجعل بقية اللاعبين والأندية حول العالم بلا وزن أمامهم.
ما لم ينتبه إليه هؤلاء المشجعون، الذين تجاهلوا كل انتهاكات حقوق الإنسان والمطالبات الشعبية بعدم شرعنة جرائم السعودية، هو أن هناك واقع آخر كان يلوح في الأفق: استحواذ أغنى الملاك في العالم على النادي لا يعني بالضرورة الحصول على أكبر ميزانية.
كان لابد لهؤلاء المشجعون أن يتعلموا الدرس مما حدث مع مانشستر سيتي: لا يحتاج الأمر إلى الكثير لتتحول من كونك النادي الذي يستحق الأفضل بعد معاناة طويلة، إلى كيان مكروه بسبب ارتباطه بدولة ذات سياسات مثيرة للجدل، بل على الأقل حقق السيتي بطولات الدوري ودوري الأبطال كدليل على نجاحه، لكن نيوكاسل ارتبط بدولة ديكتاتورية ولم يحق أي نجاح يُذكر!
تمكن نيكاسل من الحفاظ على برونو غيماريش وألكسندر إيزاك رغم التوقعات بأن أحدهما قد يتم بيعه لتمويل التعاقدات الأخرى، ولكن ذلك جاء على حساب رحيل موهبتين واعدتين مثل إليوت أندرسون ويانكوبا مينته إلى نوتنغهام فورست وبرايتون.
بالإضافة إلى ذلك، تصاعدت مخاوف من أن نيوكاسل لم يعد أولوية لصندوق الاستثمارات العامة، الذي ينشغل بالعديد من المشاريع الرياضية الأخرى مثل الدوري السعودي للمحترفين، كأس العالم 2034، جولف LIV، والاستثمار في رياضات أخرى مثل الملاكمة، التنس، الكريكيت، سباقات السيارات، والرياضات الإلكترونية.
كان الانطباع السائد أن التأهل إلى دوري أبطال أوروبا في الموسم الأول الكامل بعد الاستحواذ السعودي كان يتجاوز التوقعات، وكان القرعة الصعبة خليطًا من النعمة والنقمة؛ فمن ناحية هناك الإحساس بالفخامة، ولكن من ناحية أخرى أصبحت فرص التقدم صعبة للغاية.
سيبقى لدى نيوكاسل ذكريات الليلة التي استضاف فيها باريس سان جيرمان في ملعب سانت جيمس بارك – بمشاركة كيليان مبابي، جانلويجي دوناروما، وعثمان ديمبيلي – وهزمهم بنتيجة 4-1، لكن مغامرتهم الأوروبية ربما أثرت على أدائهم في الدوري، والنتيجة كانت إنهاء الموسم وهم يحتلون المركز السابع، وبخلاف الموسم السابق، كان هذا أفضل مركز لهم منذ موسم 2011-2012، ولكن التوقعات ارتفعت، فمستوى الإنجاز الاستثنائي لموسم واحد يصبح بسرعة معيار الموسم التالي.
في الموسم الماضي، كان المشجعون في الغالب متفهمين لهذه النتائج، لكن ما حدث بعد ذلك كان بمثابة الصدمة حيث خسر نيوكاسل ست مباريات من أصل سبع في الدوري، وبدأت بعض الشكاوى تظهر، خاصة بعد الهزيمة أمام بورنموث. وكان من الممكن أن يُختبر صبر الجماهير بشكل كبير لو خسروا في كأس الاتحاد أمام سندرلاند، ولكنهم فازوا بسهولة، وبعد ذلك تم الاستغناء عن المدرب مايكل بيل.
انتصار مانشستر يونايتد المفاجئ في نهائي كأس الاتحاد حرم نيوكاسل من التأهل إلى دوري المؤتمر الأوروبي، والذي على الرغم من إزالتهم من منافسة كانوا من بين المرشحين للفوز بها – وبالنسبة لنادٍ لم يفز بأي شيء منذ كأس المعارض عام 1969، كان احتمال رفع الكأس في فروتسواف مغريًا أكثر بالنسبة لنيكاسل من العديد من الأندية – قد لا يكون أمرًا سيئًا إذا كان الهدف هو العودة إلى دوري الأبطال.
لكن في كل الأحوال، يشعر الجماهير الآن أن صندوق الثروة السعودي تخلى عن النادي وخيب آمالهم بعدما توقعوا أن الملايين ستُضخ لإنعاش صفوف النادي بلاعبين محترفين من الدرجة الأولى، وبتوفير معسكرات تدريب على أعلى مستوى، وغيرها من الرفاهية التي حلم بها الجماهير!
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا