اعتاد المصريون في الآونة الأخيرة على الاستيقاظ صباح أي يوم على موجة غلاء جديدة، وكانت آخر موجة من تلك التي أغرقت المصريين، هي قرار رفع أسعار تذاكر المترو، على أن تصبح تذكرة عبور تسع محطات ثلاثة جنيهات، و16 محطة خمسة جنيهات، وأكثر من 16 محطة سبعة جنيهات، في حين كانت أغلى تذكرة لا تتجاوز جنيهين.
وفي ظل هذه السياسة التي تقوم بها الحكومة لاستنزاف كل ما يملكه الفقراء من أموال محدودة، حتى يصل بها الأمر لرفع ثمن تذاكر المترو بنسبة 250%، لم يجد أفراد الشعب البسطاء أي وسيلة أمامهم غير الاعتراض بالدعوة إلى حملات مقاطعة المترو على الفيسبوك، أو السخرية بتقديم حلول للاحتيال على الحكومة في ثمن التذكرة.
وربما زاد من حدة الاحتجاج التي عُبئ بها الشارع المصري، أن هذه الزيادة في تذاكر المترو كانت الثانية في نفس العام.
وخرجت التصريحات الرسمية لتبرير هذه الزيادة المبالغ فيها تجاه البسطاء ومحدودي الدخل، الذين هم أكثر الفئات ارتيادًا للمترو، أن هذه الأموال موجهة لاستكمال خطط التطوير المنشودة لمستخدمي مترو الأنفاق وتطوير وتحديث أنظمته.
وذرًّا للرماد في العيون، قالت وزارة النقل إنها راعت البعد الاجتماعي، فلم تزد من أسعار اشتراكات الطلبة وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، وأن هذه الزيادة جاءت لتحقيق العدالة الاجتماعية، وللحفاظ على هذا المرفق الذي يخدم ملايين المصريين.
ويعتبر هذا الإجراء خطوة ضمن تحقيق الإجراءات التقشفية التي تم الاتفاق عليها للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لمدة ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار، والتي تم توقيعها عام 2016، وهذه الإجراءات تتمثل في رفع الدعم، وخاصة دعم الطاقة، وزيادات في الضرائب، حتى يتم إيقاف العجز بميزانية الدولة، وجذب المستثمرين الأجانب الذين ابتعدوا عن الاستثمار في مصر عقب ثورة 2011.
اعتراض الجهات الحكومية والخاصة
أصدر عدد من أعضاء مجلس النواب بيانًا استنكروا فيه هذه الخطوة التي لم يتم الرجوع فيها إلى الجهات المختصة وأعلاها المجلس، وقال وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، النائب محمد عبدالله زين الدين، أن المصريين لم يعد باستطاعتهم تحمل أية زيادة في الأسعار، خاصة أن هذه الزيادات طالت كافة السلع والخدمات.
كما صرح محمود العسقلاني، رئيس جمعيه “مواطنون ضد الغلاء”، أن زيادة أسعار تذاكر المترو بهذا التوقيت يفتقد الحنكة السياسية والشعور بمعاناة الناس، معتبرًا أن هذه الزيادة في هذه الأوضاع الاقتصادية قاسية جدًّا، خاصة أن من يعتمد على المترو في تنقلاته هم الطبقة الفقيرة الكادحة، مما سيدفعهم إلى اللجوء إلى الأتوبيسات العامة والميكروباصات، مما سيحدث زيادة في التكدس غير المؤهلين له.
وطالب الحكومة بالتراجع عن هذه السياسات القاسية، والتي لا تضع المواطن في حساباتها، وتنفصل تمامًا عن معاناته، ويتوقع أن استمرار هذه السياسة قد يهدد السلام الاجتماعي الذي بدا في التراجع مؤخرًا، حيث تشير الإحصائيات إلى ارتفاع معدلات الجرائم الخاصة بالسرقات التي اعتادها حاليًا المارة، سواء كانت سرقات حقائب السيدات بالدرجات البخارية، أو الهواتف المحمولة.
وتوجه “عسقلاني” بمطالبة رئيس الحكومة بتأجيل هذه القرارات لبعد شهر رمضان؛ حتى تتخطى الأسر المصرية هذه الظروف الاقتصادية التي تواجهها بهذا الشهر.
مآسي المصريين أمام شباك التذاكر
وعلى صعيد آخر، اكتظت محطات المترو برجال الشرطة؛ للحيلولة دون تصاعد هذه الاحتجاجات التي أعلنها المواطنون ضد قرار وزير النقل برفع ثمن التذكرة، وقال ابراهيم مصطفى، أحد ركاب المترو: أنا مرتبي 1200 جنيه، كل يوم بركب المترو متجهًا إلى عملي، فإذا صرفت من المرتب على المترو فقط – دون المواصلات الداخليه الأخرى- 450 جنيهًا، فماذا يتبقى من الراتب لإيجار وأكل وشرب وملابس؟!… واحنا داخلين على رمضان بضغوطه المادية… بالإضافة إلى إننا أصبحنا كل يوم نستيقظ على زيادة جديدة في الأسعار!… “نجيب فلوس منين”؟!.
أما عماد أحمد، فأضاف: “المفروض الحكومة تعمل خطة لمساعدة المواطن المصري بكيفية الحفاظ على راتبه ليكمل الشهر”.
وفي إحدى المحطات التي تكدس بها المواطنون كل منهم يقف لفترة يحسب عدد المحطات التي سيركبها، بينما يختفي البائع خلف لوح من الزجاج يخفي هذا الارتباك الذي انتابه أمام هذه الأنواع من التذاكر التي تحمل ألوانًا مختلفة وأسعارًا أيضًا مختلفة، تقف إحدى السيدات لتحسب ثمن الرحلة العائلية فتقول: “يعني لو ركبت أنا وعيالي وجوزي هندفع في المشوار رايح بس 28 جنيه واحنا راجعين زيهم، دا غير المواصلات التانية اللي بنركبها بعد المترو، يعني أكتر من خمسين جنيه مواصلات بس.. طيب نجيب منين فلوس لكل ده؟!”.
بينما وقف رجل آخر، يحمل بيده حقيبة بها أدوات نجارة، ظل واقفًا في الطابور إلى أن اقترب من الشباك، فأخرج من جيبه 50 جنيهًا، فنظر إليها، ثم خرج من هذا الطابور ليقف بعيدًا ليحدث نفسه قائلًا: “14 جنيه مترو، و30 جنيه فطار وغدا… طيب أجيب مصاريف ولادي منين؟!.. حسبي الله ونعم الوكيل!”، وبعد تردد رجع مرة أخرى إلى الطابور.
احتجاجات العالم الافتراضي
أما على صعيد مواقع التواصل الاجتماعي، فقد امتلأت الصفحات بأصوات الرافضين تحت وسمي #المترو #مقاطعة_المترو، حيث تساءل أحدهم عن إمكانية هجرته من تلك البلد التي ولد فيها دون اختيار ليتحمل غلاء الأسعار.
وقال آخر: “هناك فئة من المواطنين بيفرق معاهم النص جنيه، ويعيشون في قهر الزيادات منذ عدة أشهر” #مقاطعة_المترو
وفي تعليق آخر: “الناس داخلة على رمضان وأعياد، ويزودولهم الأسعار بالشكل ده!، وهما أصلا مبقوش لاقيين ياكلوا والمرتبات بتنزل، والشركات بتخفض العمالة، والبطالة بتزيد، تيجوا انتوا تزودوا الوزراء و تخصموا من الشعب!.. بتفكروا بإيه لا مؤاخذة يعني؟! #مقاطعة_المترو.
وكتب ناشط: “والله قلتها من زمان دا جاي يقضي على الفقير تمامًا، واللي هيتكلم إما في القبور أو السجون”.
مصر كلها مبقاش فيها حاجة عدلة، كفاية إنها تكون سبب في إنك تستمر تعيش فيها #مقاطعة_المترو.
الناس ماشية تكلم نفسها في المترو، والست الكبيرة بتعيط وهي بتدفع 7 جنيه، وهي متعودة تدفع 2، والراجل واقف يشوف حد يستلف منه عشان معهوش إلا الـ 2 جنيه اللي عامل حسابه عليهم، كسرة نفس مفيش بعد كدة يعني، الغم والاكتئاب مالي الوشوش، والله حاجة تسد النفس عن أي حاجة #مقاطعة_المترو.
#اغضب واعمل حاجة وبطل ولولة# المقاطعة التامة لشركاتهم ومحطات وقودهم هي بداية التحرك الحقيقي الفاعل على الأرض.
استلهموا التجربة المغربية، وكونوا رجالًا على قدر مسؤولية المواجهة التي لن تكلفك شيء #المترو.
أنا خلاص كطالب بالنسبالي بقا مفيش عندي حاجه اسمها فلوس حلال أو حرام!!، أي سكة هجيب منها فلوس علشان معادتش تفرق في دولة زي دي. #المترو.
النهارده بنت فضلت تشتم السيسي وتزعق وتكسر في إزاز المترو من القهر، لحد ما أغمى عليها والرجالة عمالة تزعق، والقهر مسيطر على مصر النهارده.. حسبي الله ونعم الوكيل! #المترو.
حيل جديدة للتحايل على غلاء تذاكر المترو
إلا أن فريقًا آخر اتخذ أسلوبًا ساخرًا للاعتراض، فقد اختار أحدهم صيغة إعلان للجوء لحيلة للتوفير من ثمن التذكرة، فقال:
“ليه تشتري تذكرة واحدة لما تقدر تشتري 2، اضحك على المترو ووفر جنيه”، وكانت الحيلة باقتراح البعض أن يشتري المواطن الذي يرغب في تجاوز الـ 16 محطة تذكرة بثلاثة جنيهات يستقل بها 9 محطات ثم ينزل ليشتري أخرى بنفس السعر، ليستهلك مرة أخرى 9 محطات، وبذلك يكون قد دفع 6 جنية فقط بدلًا من 7، أي أنه يكون قد وفر جنيهًا.
وأنشأ مجموعة أخرى صفحة بعنوان “محدش هيشتري غير تذكرة الـ 3 جنية فقط”، وقال أحد أعضاء المجموعة إن أفضل حل للجميع هو تبادل تذاكر المترو في الاتجاهات المختلفة في منتصف الطريق، فقال: “أنا هقطع من حلوان، ولما أوصل المرج هبدل تذكرتي مع واحد قطع من المرج ورايح حلوان مثلًا، فيبقى كأني دخلت وخرجت ومركبتش ولا محطة، ولو هبدل المحطات أنزل في محطات التبادل أبدل تذكرتي مع واحد راجع في الاتجاه اللي ركبت منه، فيبقى أنا وهو ركبنا أقل محطات، فالناس كدا كلها هتركب بـ٣ جنيه”.
كما اقترح آخرون كتابة “أبلكيشن” يتيح للركاب تبديل التذاكر من خلاله، وقال المقترح: “الفكرة تبقى إن اللى يركب يحدد المحطة وهيروح فين، والأبلكيشن بقا هيجمع الاتنين فى محطة فى النص، يبدلوا التذاكر بحيث تبقى التذكرة اللي معاك توديك محطة قبل أو بعد المحطة اللي ركب منها اللي اداك التذكرة و يبقى عدد المحطات أقل من ٩”.
وعكست التعليقات على صفحات “فيسبوك” مدى السخط الذي يشعر به المصريون، وكانت هذه بعض التعليقات كالتالي:
مين عاقل يتخيل أن المصري اللي كان بيدفع في المترو جنيه واحد حتى 2014 لازم يدفع النهارده 7 جنيه لنفس التذكرة لنفس المشوار؟! هل دخله زاد في الفترة دي 700% ؟!.
لا حول ولا قوة إلا بالله!..
#المترو
— (@namsy14) 10 مايو 2018
شوية عسكر مجرمين قتلة فشلة
بيذلوا في شعب عظيم وعريق بدبابة دفع ثمنها..!
عبث يفوق الخيال
#المترو
— Haytham Abokhalil (@haythamabokhal1) 11 مايو 2018
حرام عليكم الناس الغلابة
حرام عليكم الشعب المصري
حرام عليكم ملايين المصريين كل يوم
حرام عليكم اللي بتعملوه في مصر
7 جنيه تذكرة #المترو
أسامة جاويش (@osgaweesh) 10 مايو 2018
حدوتة المترو وغيره في كلمتين:
علاقة آثمة مع إسرائيل
تصل لحد قتل وتهجير أهالي سيناء وحفل في قلب القاهرة
=دعم إسرائيلي صريح للسيسي وعصابته
لأنه يسحق المصريين بإسلامينهم وليبرالييهم وبكل فئاتهم
= انتظروا الأسوأ
استبداد أكثر
غلاء أكثر
تفريط وخيانات أكثر
#المترو
— Haytham Abokhalil (@haythamabokhal1) 10 مايو 2018
تذكرة المترو ب 7ج ليست استخفافا
بشعب !!
ولكنها قتل ممنهج
لمن تبقوا منه أحياء..!
#المترو
— Haytham Abokhalil (@haythamabokhal1) 10 مايو 2018
إيه يا شعب ناكر للجميل!
مش السيسي ده اللي حماكم من الإرهاب وأنقذكم من مصير سوريا والعراق؟!!
تستحمل زيادة 250؟ في سعر تذكرة #المترو ولا تبقى لاجئ؟؟؟
رد بصراحة
عشان لو مش عاجبك ابعت أمك تقف على الحدود
— Nada Mostafa (@NadaMostafa66) 10 مايو 2018
كان الله في عون شعبنا
لم يجد حاكما يرأف به
أو يخفف معاناته
وكلما جاء حاكم جديد
ألقى بالتبعية على سابقه
وطالبه بربط الأحزمة
كل حكومات الدنيا
تتفانى في خدمة شعوبها
وتبذل جهدها لنيل رضاها
إلا حكوماتنا
فإنها تتفانى في تعذيب شعبنا
وتبذل جهدها ألا يرى راحة بالليل أو النهار #المترو
د.طارق الزمر (@drtarekelzomor) 11 مايو 2018
اضف تعليقا