العدسة – معتز أشرف:

زيارة ناجحة ومثمرة لم تشوهها ألعاب الصبيان الإماراتية المفضوحة ، ولكن عززت فرص نجاحها حرص  شعبي ورسمي في بريطانيا على دعم قطر أميرا وشعبا في مواجهة حصار باتت المملكة المتحدة لا تقبله البتة.

“العدسة” يرصد عن قرب أسباب النجاح القطري الجديد والذي يسجل نقطة فشل جديدة لدول الحصار في ذات الوقت.

فزاعة الإرهاب !

تصدر ملفات المباحثات القطرية البريطانية ، العلاقات الاستراتيجية والتعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات، خاصة في مجال جهود البلدين في مكافحة الإرهاب ومحاربة تمويله، في ضربة للحملة الممنهجة لدول الحصار التي تحاول وصم دولة قطر بالإرهاب ودعمه وتمويله!.

أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني غرد من بريطانيا عقب المباحثات قائلا :” كانت زيارتي إلى لندن عظيمة ” ، بينما كان وزير دفاعه القطري خالد العطية يسدد بالتوازي ضربة جديدة للإرهاب، ولكن هذه المرة من الولايات المتحدة، وفق ما كشفته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية نقلا عن وزير الدفاع حيث أعلن أن بلاده ستنفق 1.8 مليار دولار لتطوير قاعدة العديد، التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية في عملياتها العسكرية لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، ويشمل التطوير مرافق سكنية أسرية جديدة لأكثر من 200 ضابط وتوسعات أخرى في البنية التحتية، إلى جانب التحسينات التشغيلية”.

ويرى مراقبون أن تصدر هذا الملف بالتزامن مع هذه التحركات ضربة ناجحة ، للحصار الذي انطلق في 5 يونيو 2017  الماضي، بقيادة السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بدعوى دعم قطر للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة، مرارا واتهمت رباعي الحصار بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.

كسب بريطانيا !

زيارة تميم هي الزيارة الأولى لأمير قطر إلى إحدى الدول الأوروبية، منذ بدء الحصار، وجاءت بدعوة من رئيسة الوزراء ​تيريزا ماي وفقاً لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، في محاولة فيما يبدو بحسب مراقبين لتثبيت أركان الصديق الداعم لقطر في مواجهة الحصار ودفاتر الشيكات التي تتواصل من السعودية والإمارات والزيارات التحريضية ضد قطر.

وكانت بريطانيا استقبلت في مارس الماضي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتناول العلاقات بين البلدين، كما استقبلت ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة في مايو الماضي، مع استمرار الاتصالات بين المملكة وبين الإمارات ، وهو ما يجعل الزيارة بناء على دعوة “ماي” ذات دلالة قوية لتعزيز كسر الحصار على قطر وفق مراقبين، الذين اعتبروها كذلك تعزيزا للنجاح الدبلوماسي لقطر على دول الحصار.

في المقابل كان موقف بريطانيا منصفا رغم الزيارات والاتفاقات الاقتصادية مع السعودية على وجه التحديد ، وحثت مؤخرا على لسان وزير خارجيتها آنذاك، بوريس جونسون، دول الخليج بما فيها السعودية على تخفيف الحصار على قطر، وإيجاد حل فوري للمأزق من خلال الوساطة والمفاوضات.

وزارة الدفاع القطرية، بدورها ، في إطار هذا الموقف الإيجابي ، أعلنت أنها أنشأت مع بريطانيا منظومة جوية لحماية المجال الجوي القطري، تزامنا مع مرور العام الأول على مقاطعة السعودية والبحرين والإمارات ومصر لها، وصرح وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد بن محمد العطية: “قمنا بإنشاء أول (سرب عملياتي) مع المملكة المتحدة، وهو أول سرب يتم إنشاؤه في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945”.

وأضاف الوزير أن دولة قطر والمملكة المتحدة تنشئان هذا السرب المكون من طائرات التايفون ليقوم بمهام واجب الدفاع عن الدولتين، وكافة المهام الدفاعية ، وهو ما يمكن معه فهم الثقة التي خرجت به المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية، لولوة الخاطر، مؤكدة أن بلادها على قناعة واطمئنان بتجاوز مرحلة الحل العسكري للأزمة الخليجية خاصة بعد ما نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية بشأن رسالة تهديد عسكري سعودي لقطر إذا ما تم شراء صفقة صواريخ “إس 400” الروسية.

كسب بريطانيا ، إذن قرار استراتيجي ، لدولة قطر ، التي حرص أميرها على مشاركة وزارة الدفاع البريطانية احتفالها بمناسبة اتفاقية أعلن عنها سابقا وتتعلق بمشاركة سلاح الجو البريطاني في تقديم الخبرات والمساعدة في تأمين الأجواء القطرية خلال تنظيم قطر كأس العالم 2022.

يأتي هذا كله مع إعلان استراتيجي سبق للمملكة المتحدة أن أعلنته قبل عام عن تطلعها لتوطيد العلاقات التجارية مع قطر بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، في حين أعلنت الدوحة بدورها أنها ستنفق أكثر من خمسة مليارات جنيه إسترليني في دعم الاقتصاد البريطاني وتعزيز الاستثمارات بين البلدين.

البرلمان داعم !

وعلى عكس زيارتي ولي عهد السعودية محمد بن سلمان ، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ، فقد شكل مجلس العموم البريطاني والذي يعد أقدم البرلمانات في العالم حالة دعم لقطر ، بتقديم نواب بالمجلس رسالة إلى رئيسة الوزراء تطالبها بالتدخل لانهاء الأزمة الخليجية فيما كانت الرسائل في زيارتي سلمان وحمد تطالب بعدم مقابلتهما ، ومن هنا يمكن فهم أسباب المؤامرة التي دبرتها دول الحصار لشراء متظاهرين للاحتجاج أمام البرلمان ضد أمير قطر وهي الفعاليات التي فشلت بجدارة بحسب مراقبين.

وبحسب قناة الجزيرة الفضائية ، فإن المحادثات بين الجانبين القطري والبريطاني تناولت أيضا الرسالة التي وجهها نواب في مجلس العموم البريطاني لرئيسة الوزراء، يطالبون فيها بالتدخل لإنهاء الأزمة الخليجية، وذلك بعد أن التقى أمير دولة قطر الاثنين الماضي أعضاء من مجلس العموم في مقر البرلمان البريطاني بلندن، من بينهم زعيمُ حزب العمال المعارض جيرمي كوربين.

كما التقى كذلك عمدة الحي المالي في لندن تشارلز بومان الذي أكد أن شركات بريطانية تتطلع للاستثمار في البنى التحتية وقطاع الأمن الإلكتروني والقطاعات الأخرى المرتبطة باستضافة قطر لكأس العالم 2022.

يأتي ذلك طبقا للمحللين ، تتويجا لجولات مكوكية سابقة لقيادات دولة قطر ، مع البرلمان البريطاني والشخصيات العامة ، والتي بدأت نتائجها بوضوح مع لقاء علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر في أكتوبر 2017 مع نواب مجلس العموم واللوردات بالبرلمان البريطاني، ووزير بحكومة الظل، ومسؤولين بوزارة الخارجية ، والذي شكل ضربة مبكرة للحصار على قطر .

كما تقدم اللورد نورمان وارنر عضو مجلس اللوردات البريطاني في نهاية يناير الماضي بطلب لمناقشة الحكومة البريطانية حقوق المواطنين القطريين جراء الحصار ووجه “وارنر” استجوابًا إلى ممثل الحكومة في المجلس يسأل فيه الحكومة البريطانية عما إذا كانت هناك أية مناقشات تمت بين الحكومة البريطانية والسلطات في السعودية والإمارات والبحرين بشأن الحصار.

كما وجهت البرلمانية البريطانية البارونة ” ليندساي باتريشيا نورث وفر” عن الحزب الليبرالي الديمقراطي استجوابا موقعا من قبلها إلى ممثل الحكومة في مجلس اللوردات البريطاني، وذلك بشأن معرفة أحدث الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البريطانية للمساعدة في حل أزمة الخليج والتي امتدت لأكثر من 9 أشهر منذ يونيو من العام الماضي .

وفي وقت سابق وقع 13 عضوا في البرلمان البريطاني على وثيقة برلمانية تطالب بمناقشة موضوع حصار قطر وأثره على حقوق الإنسان في مجلس العموم البريطاني ، مؤكدين على رفضهم للحصار الذي تفرضه المملكة العربية السعودية وحلفائها على قطر

وشارك عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال ” جراهام موريس” وفدا برلمانيا مكونا من 8 أعضاء في زيارة إلى قطر للاستماع إلى شهادات المتضررين من القطريين جراء هذا الحصار ، والوقوف عن قرب على انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارس على القطريين من قبل دول الحصار .