العدسة – أحمد عبد العزيز
باتت زيمبابوي، تلك البلد الإفريقية التي لا نسمع عنها عادة إلا في مباريات كرة القدم، أشبه بقنبلة موقوتة تستعد للانفجار في أية لحظة، بعدما وصلت فيها الأوضاع السياسية إلى طريق مسدود.
وحاول ألبرتو موجابي، القابع على سدة الحكم منذ عام 1980، الاستمرار في الحكم قبل إعلان البرلمان في زيمبابوي استقالته، بعد رفض كل الدعوات التي تطالبه بالتنحي لإنقاذ البلاد من الأزمات الطاحنة التي عصفت بها خلال حكمه، وحولتها إلى بلد منكوب يعاني مواطنوه للحصول حتى على شربة الماء.
الأوضاع تفجرت مؤخرا، عندما أقدم “موجابي” على إقالة نائبه، إيمرسون نينجا جو، بعدما طرح اسمه خليفة محتمل وقوي “لموجابي” البالغ من العمر 93، والذي تنتظر الجماهير الزمبابوية ابتعاده عن المشهد السياسي بين عشية وضحاها بحكم سنه، وكونه أقدم حاكم على وجه الأرض!
قرار الإقالة تسبب في اندلاع المظاهرات الغاضبة في الشوارع التي طالبت باستقالة “موجابي” فورا، كما أغضب قادة الجيش، الذين كانوا حتى ذلك الوقت يتخذون موقفا شبه محايد بشأن الخلافات السياسية في البلاد، خاصة تلك التي تنادي بتنحي “موجابي”، إلا أن الجيش تخلى عن حياده عندما رأى أن “موجابي” يعد زوجته لخلافته في منصب الرئاسة! .
“موجابي” وزوجته
وأمام هذا الوضع، خرجت بعض قيادات الجيش الزمبابوي، وبعض قدامى المحاربين، لمطالبة “موجابي” بالتنحي إنقاذا للبلاد، فيما هدد زعيم قدامى محاربي حرب التحرير، كريس موتسفانجوا، بأنه سيلجأ إلى المحكمة للحصول على الشرعية للعمل العسكري الذي قد تقوم به بعض القوات ضد “موجابي”، داعيا إلى مزيد من الاحتجاجات.
من جانبه، لم يجد الحزب الحاكم بدا، من الإسراع إلى إعلان إقالة “موجابي” من رئاسته، بعدما عقد اجتماعا طارئا لمناقشة تطورات الأوضاع في زمبابوي، كما طالبه بالاستقالة من رئاسة الدولة، فيما تم تعيين نائب “موجابي” السابق، الذي كانت إقالته سببا في اندلاع الأحداث، “منانجاجوا” زعيما جديدا للحزب الحاكم.
ومنح الحزب الحاكم “موجابي” مهلة أخيرة لإعلان تنحيه طواعية، حتى الثانية عشر من مساء الاثنين 20 نوفمبر، قبل البدء في اتخاذ إجراءات نيابية لإقالته.
وبدأت تسري أنباء غير مؤكدة، أن “موجابي” وافق على التنحي فعلا، لكن بشروط معينة، وأن أصحاب القرار في البلاد، وعلى رأسهم الجيش الزمبابوي، يعقدون جلسات للنقاش والتداول والبحث عن الاستجابة لهذه الشروط لإجبار “موجابي” على الاستقالة.
” الجيش الزيمبابوي “
ويوم الأحد الماضي أعلن التليفزيون الرسمي أن الرئيس سيلقي خطابا هاما، فحبست زمبابوي أنفاسها، وتوقع الجميع أن يعلن “موجابي” أخيرا بداية عهد جديد لهذا البلد الإفريقي الذي يعاني من أعلى نسبة تضخم في العالم.
إلا أن المفاجأة كانت صادمة للجميع، فقد تحدث “موجابي” مطولا عن الأوضاع في البلاد والحزب الحاكم، معترفا بمسؤوليته عن العديد من المشاكل، إلا أنه لم يعلن استقالته، بل على العكس، أكد لمواطنيه أنه باقٍ في منصبه، عبر تأكيده أنه سيشرف بنفسه على فعاليات مؤتمر الحزب الحاكم خلال أسابيع!
ويتطلب الإجراءات النيابية التي هدد باتخاذها الحزب الحاكم خلال الساعات القادمة، الحصول على تصويت أكثرية بسيطة من النواب لصالح تشكيل لجنة، وفتح تحقيق نيابي تمهيدا لاتخاذ موقف موحد ونهائي من قبل البرلمان.
فيما ترى “بي بي سي” عبر مراسلها في زمبابوي، أن الجيش ليس لديه أي نية لإجبار “موجابي” على التنحي بقوة السلاح، بل على العكس يميل قادته إلى ترك هذا الموضوع للحزب الحاكم لمواصلة إجراءات عزل الرئيس وسحب الثقة منه في البرلمان إذا اقتضى الأمر.
ويرى محللون أن “موجابي” يحاول تأخير خروجه من السلطة أطول فترة ممكنة، حتى يستطيع التوصل إلى اتفاق، يضمن من خلاله لنفسه ولعائلته الحماية خلال الفترة المقبلة.
ويتوقع أن تندلع موجة جديدة من المظاهرات في مختلف المدن الزمبابوية خلال الأيام القليلة القادمة، لدفع “موجابي” إلى التنحي وترك السلطة.
وشهدت البلاد خلال الفترة الماضية، العديد من التظاهرات الضخمة بالتزامن مع الأحداث، بعدما نزل الآلاف إلى العاصمة الزمبابوية “هراري” في مواجهة الرئيس التسعيني، حتى إن قوات الجيش منعت بعض تلك التظاهرات من الوصول إلى القصر الرئاسي، حيث تصدوا لهم وأجبروهم على العودة دون وقوع مصادمات بين الطرفين.
” تظاهرات زيمبابوي “
وعن المكان الذي قد يتوجه إليه “موجابي” إذا ما نجحت الجماهير الهادرة في إجباره على التنحي، تقول بي بي سي، إن لأسرة “موجابي” عقارات في ماليزيا وجنوب إفريقيا وربما دبي، ولكن محللين يرجحون أن يتوجه إلى سنغافورة كمنفى اختياري، هربا من مصير مجهول قد يواجهه إذا أصر على البقاء في زمبابوي عقب التنحي.
وتضيف أن “موجابي” اعتاد الذهاب إلى سنغافورة للعلاج منذ أكثر من عقد، ويبدو أن له علاقات صداقة مع السلطات هناك، كما أنه قد يتوجه إلى جنوب إفريقيا، حيث يرتبط بصداقة قوية مع رئيسها جاكوب زوما، كما توجد علاقات تاريخية بين البلدين.
اضف تعليقا