قدمت سبع خادمات شكاوى ضد أحد أفراد العائلة المالكة في المملكة العربية السعودية، حيث تقول هؤلاء النساء، ومعظمهن من الفلبينيات: إنهن يتعرضن للعبودية ويعانين من ظروف معيشية قاسية.

وذكرت صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية أن هؤلاء النساء يعملن داخل مبنى رائع التصميم يقع بالقرب من “حديقة التأقلم ” في بلدية “نويي سور سين” بإقليم “هوت دو سين” على حدود العاصمة باريس، مشيرة إلى أنها أحد أرقى المناطق بفرنسا.

وأوضحت أن الظروف المعيشية للخدم الذين عملوا في مبنى الأحلام هذا كانت مروعة، مؤكدة أن الشكوى مقدمة ضد الأمير فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود، البالغ من العمر 44 عامًا، وهو فرد من العائلة المالكة السعودية.

وبحسب ما أفاد مكتب المدعي العام في مدينة “نانتير ” للصحيفة، فإن الشكاوى السبع المقدمة ضد الأمير السعودي تتعلق بارتكاب جريمة “العبودية الحديثة”.

وذكرت أنه من بين ما كان يتعرض له الخادمات السماح لهن بتناول الطعام فقط أوقات محددة، ويجبرن عن ترك أكلهن فورًا عند طلبهم.

كما وأوضحت أن الخادمات تمكن من الهروب، لكن أكثر ما لفت الانتباه خلال تقديمهن الشكاوى أنهن كن يبكين من الجوع.

كما بين مكتب المدعي العام أفادت الخادمات بأنه من سن الرابعة، يحق لطفل الأمير أن يبصق في وجههن، كما أنه ليس لهن أي حقوق أو رأي فعلى سبيل المثال “إذا أراد الطفل أن يأكل العديد من الآيس كريم على التوالي، فلا يمكنهن رفض طلبه، وإذا مرض، يتم توبيخهن في أحسن الأحوال”.

 

أمر شائع

والانتهاكات ضد الخادمات هو أمر شائع في السعودية، ففي مايو/ أيار الماضي نشرت منظمة العفو الدولية “أمنستي” تقريرا مطولا عنها على موقعها الإلكتروني.

وأعطت المنظمة مثالا على ذلك بمقطع فيديو انتشر على نطاق واسع لخادمة من بنجلاديش في السعودية تشكي من وضعها المأساوي قائلة ” قد لا أعيش أكثر من ذلك. من فضلكم ساعدوني. حبسوني لمدة أسبوعين في غرفة مظلمة وبالكاد أعطوني القليل لآكله. أحرقوا يدي بالزيت المغلي”.

وتتوسل الخادمة سومي في المقطع المصور وهي تبكي؛ لإنقاذها من الجحيم الذي تعيشه منذ مغادرتها وطنها، وبعد ضجة أثيرت بسبب هذه الفيديو تم إعادتها إلى بنجلاديش. 

وتقول “أمنستي”: إن العبودية الحديثة للخادمات في دول الخليج ليست نادرة ولا جديدة، فوفقا لمنظمة براك للتنمية ومقرها بنجلاديش، منذ عام 1991، عادت حوالي 13000 امرأة بنجالية بعد تعرضهن للتعذيب الجسدي، والاعتداء الجنسي المماطلة في دفع أجورهن.

داليا أكتر، 23 سنة، أم لطفل يبلغ من العمر 5 سنوات، هي واحدة منهن، ففي 2018، عرضت عليها وكالة توظيف السفر إلى السعودية لرعاية مسن وطفل، مقابل راتب شهري قدره 22 ألف تاكا بنجالية (214 يورو).

وبدون تدريب أو معرفة كلمة واحدة باللغة العربية، غادرت بلادها وبمجرد وصولها للرياض، صادر صاحب المنزل جواز سفرها وهاتفها.

وتقول ” وجدت نفسي في منزل من ثلاثة طوابق يعيش فيه رجل، وزوجتيه وأطفالهما، جميعهم ثمانية أشخاص، اضطررت لعمل كل شيء، التنظيف وإعداد الطعام ورعاية كبار السن، لم يكن لي مواعيد عمل أو أيام عطلة”.

ولمدة شهرين، كانت تأكل بشكل سيئ، وتعرضت للإهانة والضرب، وفي محاولة يائسة للهروب، قفزت من نافذة الطابق الثالث، فكسرت ساقها وظهرها لتنقل إلى المستشفى حيث مكثت لمدة شهرين. 

وخلال فترة النقاهة، التقت بأحد مواطنيها الذي أعطاها هاتفه، وبعد اتصالها بأسرتها توجت الأخيرة إلى جمعية براك على أمل إعادتها إلى وطنها، لكن صاحب العمل رفض وتم تأجير الخادمة من قبل وكالة توظيف سعودية لعائلة أخرى. 

لكن بسبب مرضها لم تستطع القيام بأي عمل، وبعد أربعة أشهر، انتهى الأمر بالعائلة التي استغلتها إلى الاتصال بسفارة بنجلاديش التي لم توافق على دفع تكاليف إعادته إلى الوطن إلا بعد أربعة أشهر. لتكون بذلك داليا أكتر عملت قرابة ستة أشهر دون تلقي أي راتب. 

 

22 جثة

ووفقا لشريف إسلام حسن، المسؤول في براك: نظام الكفالة يربط تصريح إقامة الموظف بكفالة صاحب العمل، الذي تُشترط موافقته الخطية على تغيير الوظيفة وحتى مغادرة البلاد، وهذا النظام، الموجود في العديد من دول الشرق الأوسط، يجعل الموظفين أكثر عرضة لسوء المعاملة والاستغلال.

وأكدت المنظمة على أنه يتم الإبلاغ عن عشرات القصص التي تتعرض للانتهاكات في السعودية كل عام، وفي بعض الأحيان لا يعود هؤلاء الخدم أحياء، فبين يناير/ كانون ثاني وأكتوبر/ تشرين أول 2020 فقط، أعيدت جثث 22 امرأة بنجالية توفيت لأسباب غير طبيعية من المملكة العربية وفقًا لمكتب رعاية المغتربين في مطار شاه جلال بدكا.

 

ليست المرة الأولى

ويشار إلى أن وهذه ليست المرة الأولى التي تجد العائلة المالكة السعودية نفسها بمواجهة القضاء الفرنسي، ففي 2019 بدأت محكمة الجنح في باريس محاكمة الأميرة حصة بنت العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بتهمة إصدار أمر لحارسها الشخصي بضرب عامل كان يقوم بأشغال في شقتها الباريسية في عام 2016 بعد اتهامه بالتقاط صور بهدف بيعها للإعلام.

كما أنه في مارس/ آذار 2013، أمر القضاء الفرنسي بمصادرة ممتلكات مها السديري، زوجة ولي العهد السابق نايف بن عبد العزيز آل سعود (توفي عام 2012)، في فرنسا لتخلفها عن سداد فواتير.

ووجدت الأميرة السعودية مها السديري نفسها في قلب فضيحة بعد إقامتها في باريس بين 22 ديسمبر/ كانون الأول 2011 و17 يونيو/ حزيران 2012، حيث اتهمت بمغادرتها فندق “شانغري-لا” الفخم في باريس مع 60 شخصاً كانوا برفقتها من دون تسديد فاتورة قدرها 6 ملايين يورو.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر 1 اضغط هنا

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر 2  اضغط هنا