حصل طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري على جائزة صحيفة “جلوبل ماركتس” – الصادرة عن الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين-، كأفضل محافظ لعام 2017 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

هذا الإعلان عن الجائزة أثار حالة من الاستهجان والسخرية الشديدة بين المراقبين، خاصة مع سياسات عامر التي ساهمت في زيادة معدلات التضخم ومعاناة الشعب المصري جراء موجات من الغلاء خلال الفترة الماضية وتحديدا عقب قرار تعويم الجنيه المصري العام الماضي.

ورغم ترويج النظام الحالي لنجاحات قرارات عامر، يبدو أن مصر مقبلة على موجة ارتفاع أسعار جديدة على خلال الأشهر القليلة المقبلة، على الرغم من ارتفاع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى 36 مليار دولار.

ويفترض أن يكون هذا الاحتياطي النقدي مؤشرا على تحسن الوضع الاقتصادي المصري، ولكن محاولات الدفع بهذا الاتجاه من قبل المسؤولين المصريين ووسائل إعلامية موالية للنظام الحالي لم تستمر طويلا مع الكشف عن وجود التزامات خارجية مستحقة خلال العام المقبل.

ويحاول النظام الحالي عبر محافظ البنك المركزي الحفاظ على هذا الحد من النقد الأجنبي على الرغم من موعد الالتزامات الخارجية المستحقة، ولكن كيف سيفعل ذلك؟، وهل سيشكل هذا مزيدا من الضغوط على المواطن المصري؟.

 

Image result for ‫طارق عامر و السيسي‬‎

طارق عامر و السيسي

التزامات مستحقة

بث الإعلان عن وصول الاحتياطي النقدي لأعلى مستوى له منذ سنوات الأمل في نفوس المصريين من ناحية تجاوز الأزمة الاقتصادية بما ينعكس على خفض الأسعار وتحسن مستويات المعيشة.

ولكن الصدمة الكبيرة كانت مع الإعلان عن اقتراب سداد التزامات خارجية بداية من الشهر الجاري وحتى نهاية العام المقبل، بمبلغ يقدر بـ 13 مليار دولار.

ومع اقتطاع هذا المبلغ من الاحتياطي النقدي المقدر بـ 36 مليار دولار، فإن المتبقى سيكون 23 مليار دولار، ولكن هناك تأكيدات من محافظ البنك المركزي على البقاء عند المستوى الحالي رغم الاستحقاقات الخارجية خلال الأشهر المقبلة.

ولكن كيف سينفذ النظام الحالي هذه المعادلة الصعبة؟، الإجابة جزء منها كان عند عامر، إذ قال إن بعض الالتزامات الخارجية سوف يتم تجديدها، وضمان تدفقات نقدية خلال الفترة القادمة تعزز أرصدة الاحتياطي الأجنبي لمصر.

إذن في معالجة هذا الاقتطاع من الاحتياطي النقدي لن يتم تعويضه من خلال زيادة الاستثمارات أو التصدير للخارج أو زيادة حجم التبادل التجاري مع دول العالم، بما يحقق مكاسب لمصر ونهضة اقتصادية حقيقية.

ولكن الحلول المتوفرة لدى أفضل محافظ بنك مركزي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا كانت عبارة عن مسكنات لعدم فضح “فشل” السياسات النقدية والمصرفية للنظام الحالي منذ وصوله للحكم.

 

Image result for ‫بن زايد و بن سلمان‬‎

بن سلمان و بن زايد

واعتمد النظام الحالي على الاستسهال في الحلول من خلال مطالبة الجهات التي لها أموال مستحقة الدفع بالتأجيل، وهو ما حدث مع السعودية والإمارات بعد الموافقة على تأجيل تحصيل الودائع.

الحل الثاني وفقا لعامر، كان ضمان التدفقات النقدية ولكن لم يشر إلى كيفية تنفيذ هذا الحل، ولكن هذا لم يكن خفيا إذ سيكون بلجوء النظام الحالي إلى الاقتراض من الخارج مع وصول باقي شرائح صندوق النقد الدولي.

قروض جديدة

عملية الاقتراض لم تتوقف عند الحصول على أموال من الخارج ولكن أيضا سحب من البنوك المصرية بما يفاقم الدين الداخلي.

وزارة المالية أعلنت رغبتها في طرح سندات دولية جديدة بقيمة تصل لنحو 4 مليارات دولار خلال شهر يناير المقبل، وسط تخوفات من زيادة أعباء مصر جراء هذه السياسات المالية والاقتصادية.

وتبحث سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، في واشنطن، إجراءات التوقيع على الشريحة الثالثة بقيمة مليار دولار من التمويل المخصص بقيمة 3 مليارات دولار لدعم البرنامج الاقتصادي للحكومة.

أما محليا، تشير بعض التقارير الإخبارية إلى  عزم الحكومة باقتراض 389.2 مليار جنيه ما يعادل 22 مليار دولار من السوق المحلية، خلال الفترة من شهر أكتوبر الجاري وحتى نهاية ديسمبر المقبل.

واقترضت الحكومة في نفس الفترة من العام الماضي نحو 273.5 مليار جنيه ما يعادل 15.5 مليار دولار، وبذلك يصبح حجم الاقتراض هذا العام قد زاد بنسبة 42.3%.

وتتوقع وزارة  المالية ارتفاع الدين المحلي خلال عام 2017/2018 إلى 9.3 تريليون جنيه 94.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وتقدر مصروفات الفوائد على الديون بالموازنة بحوالي 381 مليار جنيه 31.6% من إجمالي المصروفات العامة.

وارتفع الدين العام المحلي إلى 3.073 تريليون جنيه في مارس 2017، كما ارتفع الدين الخارجي إلى 79 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2016-2017.

 

Image result for ‫الحكومة المصرية‬‎

الحكومة المصرية

رفع الأسعار

ولتعويض هذا العجز الكبير وتوفيرا للعملة الأجنبية التي سيتم ردها للجهات المانحة، يبقى المتاح فقط مسألة رفع الأسعار خلال الفترة المقبلة وتحديدا على السلع المستوردة وخاصة المواد البترولية.

وتدرس الحكومة رفع أسعار الوقود بحد أقصى خلال الربع الأول من العام المقبل في إطار خطة الرفع التدريجي للدعم عن الطاقة.

وأشارت تقارير إخبارية إلى أن هناك اتجاها داخل الحكومة لزيادة أسعار الوقود مرة أخرى قبل بداية العام المالي المقبل، للحد من ارتفاع فاتورة دعم الوقود خلال العام المالي الحالي.

وقد بات هذا الأمر مؤكدا على الرغم من نفي الحكومة، خاصة مع مقارنة ذلك بتحذيرات صندوق النقد الدولي من تأخر رفع أسعار الوقود وضرورة عدم الانتظار للعام المالي الجديد.

وقال صندوق النقد إن التأخير في خطة زيادة أسعار الوقود حتى العام المالي المقبل، سيعرض مصر لمخاطر زيادة تكلفة المواد البترولية بسبب الأسعار العالمية وسعر الصرف.

وأضاف أن مصر أقدمت على إصلاحات هامة وحاسمة في ملف إصلاح دعم الطاقة لكنها لا تزال “متأخرة”، خاصة مع ارتفاع سعر البترول العالمي.

ولكن هذه الزيادة المرتقبة سيكون لها تأثيرات سلبية كبيرة على النظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، بما يزيد من الغضب الشعبي ضده ويضاعف من تآكل شعبيته التي تراجعت بشكل كبير بحسب استطلاع رأي لمركز بصيرة.

ويبقى السؤال هل يقدم السيسي على اتخاذ هذا القرار قبل الانتخابات الرئاسية خاصة مع إمكانية خوض المنافسة من شخصيات قد تكون ندا قويا له؟.