العدسة – منذر العلي
يبدو أن أزمة سد النهضة الإثيوبي فتحت شهية الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق للظهور مرة أخرى على سطح الأحداث.
“عنان” وجه أصابع الاتهام إلى الحكومة بالتسبب في ما وصفه بـ”الوضع الكارثي” لأزمة مياه النيل، معتبرًا في تدوينة نشرها حساب منسوب له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن بداية الفشل في هذا الملف، كانت منذ أن وقعت مصر على إعلان الخرطوم الثلاثي في مارس 2015.
هذا الإعلان وصفه عنان، المتواري عن الأنظار، منذ أشهر بمؤتمر “حسن النوايا ورفع الأيدي”، قائلًا: “العلاقات الدولية لا تُدار بحسن النوايا ولكن بالمصالح”.
“يصل إلى حد الخطيئة” تعبير قاس استخدمه “عنان” لوصف فشل الحكومة بإدارة لملف، مشددًا على أنه “يجب محاسبة كل من أوصل مصر إلى هذا الوضع الكارثي المهين”.
استعداد للرئاسة؟
التصريح المنسوب لعنان لم يكن الأول من نوعه فيما يخص القضايا المصيرية الحساسة التي تشهدها مصر، فقد سبقه في يونيو الماضي بتصريح آخر تزامن مع التصديق على اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
صفحة “الموقف المصري” على “فيسبوك” نشرت التصريح المنسوب لعنان قال فيه إنه “ليس المهم الآن إثبات مصرية تيران وصنافير، فمصريتهما ليست مشكوك فيهما، لكن المشكوك فيه هو مصرية من يعارضون مصرية الجزيرتين”.
الصفحة قالت إنها تأكدت من نسبة التصريح لعنان، كما أنه لم ينف صلته بالتصريح من خلاله مباشرة، أو عن طريق حزبه “مصر العروبة”.
القيادي في الحزب “رجب هلال حميدة” كان قد أعلن في تصريح صحفي يعود لمايو الماضي أن عنان سوف يترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية 2018، ليس للمنصب، ولكن من أجل “الحرية والديمقراطية والشفافية”، التي يرى أن استقرار مصر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لن يتحقق بدونها، على حد قوله.
لكنه سرعان ما عدل تصريحه قائلًا: “إنه من المحتمل أن يترشح.. والفريق عنان هو الوحيد المعني بهذا الأمر”، ثم يتلوه بتصريح آخر في سبتمبر الماضي، قال فيه إن عنان طالبه بعدم التحدث عن ترشحه في الانتخابات مرة ثانية.
” رجب هلال حميدة “
بطبيعة الحال، فإن الأمر يمكن ألا يخرج عن كونه مؤامرة من جانب عنان لا ييد فيها التصادم مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، أو حتى تأخير هذا الصدام إلى مرحلة أخرى، كما يمكن أن يكون قطعًا من الفريق بعدم خوض الانتخابات فعلًا.
ومما يوحي بأن ترشح عنان لانتخابات الرئاسة مجرد “فرقعة إعلامية” ما يتردد عن الحالة الصحية والنفسية للرجل السبعيني، وهو ما كان مثار كلمات مؤثرة أدلى بها المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق ورفيق عنان في مختلف مراحل حياته.
“طنطاوي” رد، خلال جولته الشهيرة بميدان التحرير في نوفمبر 2016، على سؤال مواطن عن عنان بقوله: “عنان في بيته بقى.. كبر”.
“طنطاوي” و “عنان”
صراع الأجهزة
الشكوك التي تحيط بالآراء المعارضة للسلطة والتي يبديها “عنان” بين الحين والآخر، وتردد الأقاويل بشأن صحتها من عدمه، ربما تشير إلى صراع ما كثُر الحديث بشأنه في الآونة الأخيرة بين أجهزة مختلفة في الدولة.
هذا الصراع المحتدم، نشأ بسبب رفض دوائر معينة في السلطة وخارجها تضم أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية ظطبقة رجال الأعمال المحسوبين على دولة حسني مبارك وقيادات الحزب الوطني المنحل، لاستمرار تواجد السيسي في السلطة.
ولعل تلك الآراء ليست إلا صدى لهذا الصراع، الذي رأى فيه أحد الفريقين أن “عنان” هو الشخصية الأكثر مناسبة لإلصاق هذا الأمر به، نظرًا لقوة الرجل ومكانته في مؤسسة الجيش.
“سامي عنان “
وإذا صح نسب آراء عنان له بالفعل، فإن الأمر يعد انعكاسًا آخر لحالة الصراع تلك، فإما أن يكون عنان مدفوعًا من الفريق السابق، وإما أن يكون هذا الصراع داخل الجيش.
فمع وجود السيسي مرشحًا لفترة ثانية في 2018، بجانب عنان، فإن الأمر لا يخرج عن سيناريوهين داخل الجيش.
السيناريو الأول، ينسجم مع الرأي القائل بأن ترشح عنان يتم بالتنسيق مع السيسي من أجل قطع الطريق على أي مرشح مدني يحاول الاقتراب من هذا المنصب، وحصر المنافسة داخل مؤسسة الجيش.
يعزز من هذا التوجه، رغبة الجيش بطبيعة الحال الاستمرار في إحكام القبضة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، إن لم يكن مع السيسي بسبب ما يواجهه من أزمات داخلية وخارجية، فمع عنان الرجل القوي داخل القوات المسلحة.
أما السيناريو الثاني فيقود إلى احتمالية وجود صراع بين أجنحة متنازعة على السلطة داخل قيادات الجيش، أحدها يتصارع من أجل استمرار السيسي في الحكم، لاعتبارات قربهم منه، أو مصالحهم التي ازدهرت بشدة في عهده.
” السيسي “
الفريق الآخر، يعترض على ذلك ويرى أن سياسات الرئيس أفضت إلى مشاكل وأزمات عدة رغم مساندة كل أجهزة الدولة له، وبذلك يكون من الأنسب أن يتصدر المشهد أحد رجال الجيش الأقوياء الذين يتمتعون بسمعة طيبة، وربما لا يوجد أحد تنطبق عليه الصفات أفضل من عنان.
نأخذ أولا فقرة من سد النهضة:
«مشددًا على أنه “يجب محاسبة كل من أوصل مصر إلى هذا الوضع الكارثي المهين».
وعن الترشيح يقول السيد حميدة:، «ليس للمنصب، ولكن من أجل “الحرية والديمقراطية والشفافية».
لربما لذات صلة ربط قضيتين متشابهتين لحدٍ ما، تذكرت
مجاعة البطاطس التى وقعت فى (أيرلندا) وأسبابها ودواعيها المختلف التى لعب فيها عدد من الأطراف الكبار دورا أدى لتلك المجاعة الكارثية وقتها. نقرأ قليلا منها فضلا:
«مجاعة أيرلندا الكبرى أو مجاعة البطاطس الإيرلندية حدثت بين 1845م و1852م.
وسببت وفاةَ مليون إنسان وهجرة مليون آخر من أيرلندا فانخفضت نسبة السكان بحوالي 20% – 25% بالمئة في
الجزيرة، كان ثلث سكان أيرلندا يعتمد
على أكل البطاطس في التغذية بسبب الفقر، وفي أربعينيات القرن التاسع عشر أتلفت آفة زراعية تُسمى باللفحة المتأخرة محاصيل البطاطس في أنحاء أوروبا وكذلك تضررت أيرلندا ولكن بشكل كبير فتفاقمت فيها الخسائر البشرية ويرجع ذلك إلى عدد من الأسباب الاقتصادية والسياسية والثقافية التي تظل محل جدل تاريخي، وفي أثناء هذه المجاعة استمر دفع الإيجارات والضرائب والتصدير، لقد غيرت هذه المجاعة المشهد السكاني والسياسي والثقافي في أيرلندا إلى الأبد وأصبحت نقطة تاريخية فاصلة في تاريخها».
من الوارد أن يقع مثلها في مصر، ليس تشاؤماً، ولكن بدراسات صادرة عن خبراء، كم سيموتون، وما هى المساحات الزراعية المتوقع خرابها، فى حال بدء تنفيذ ملء خزان سد النهضة والذى يقول خبراء يحتاج ثلاث سنوات لتعبئته. ناهيك
بحسب جهات إعلامية تحرك السودان منفردا لتغليب مصالحه
وتلك عادة العرب والمشهد السياسي والاجتماعي اليوم يؤحد ذلك. أما عن الإهانة التى طالت الشعب المصرى وكاتب تلك السطور مصرى، فالإهانة كما نعلم ليست تجريح فحسب، ولكن الإهانة وارد أن يكون مشاركا فيها شعب وليس عدد قليل من الأفراد نسبتهم نعُدّها على خَمسِ أصابعنا قياسا
بـ100 مليون مواطن، مخطئ من يظن أننا من الممكن أن نعفي تلك الملايين من المسؤولية كاملة.
فإذا أردت قياس مجتمع، عليك فورا بالنزول إلى مناطقه الشعبية، ومصر كلها تقريبا مناطق شعبية، في لحظة وبخطفة
ذكية نقيم نحن- وليس الحكومة- منطقة شعبية عشوائية كاملة بإرادتنا في لحظة انفصال عن القوانين والأعراف المتظمة لكى نمارس فيها كل أشكال الرذيلة والمحرمات.
بالتبعية يزداد عدد سكان العشوائيات، نبكي ونلطم الخدود، ونسرع إلى المنظمات الحقوقية مهللين مكبرين على الأرصفة وبالميادين”إلحقونا” الحكومة والأمن أهانونا وضربونا وطخّونا بالرصاص المطاطي! فمن أقام بيده خيّاً عشوائيا لممارسة تجارة المخدرات والرذيلة وبيع الممنوعات وممارسة البلطجة والاستقواء على بعضنا البعض، فتوقعوا أن يكون كذابا ويستاهل ما وقع له بيده هو وليس بيد الحكومة. (إهانة) كما ترون سيادتكم وبأيدينا نحن صنعناها بحرفية بالغة بأيدينا.
البعثات الدبلوماسية تتابعنا، ترسل تقاريرها تباعا لحكوماتها، مراسلين صحف عالمية ووكالات أنباء يتابعوننا، ومسلسل إحراج الحكومة مستمر. فإذا أرسلت الحكومة إلينا بمناطقنا الشعبية القذرة عددا من دوريات الأمن المتحركة لضبط الشارع عندنا “بخرائبنا” الشعبية، ضربناهم وقتلناهم وهشمنا لهم سياراتهم. وإذا أرسلت الحكومة عددا من رجالها لتأديب موظفين بالمحليات غير مؤهلين من بيوتهم أخلاقيا ليفهموا أن تمرير المخالفات هو تهديد صارخ للأمن القومي المصرى،
اكتشف رجال الرقابة أنهم سيسجنون ثُلُثَيّ شعبنا. هم هؤلاء (الثُلُثَيّ) الذين يجب أن يموتون عطشا ولا رحمة بحقهم. فستّون عام على أقل تقدير كافية لمنحنا الفرصة تلو الفرصة،
وفي لحظة يأمر الله تعالى وتبارك في علاه بعد طول تلك المدة لعلنا نعتدل وننتظم، أن يدمرنا تدميرا. نيل يحري من قديم الزمان، أرض زراعية بِكر، مناخ ليس موجودا بكثير من دول العالم، وأن تكون النهاية في نوفمبر 2017 بهذا المشهد المأساوي في مصر وبعالمنا العربي؟، والسيد عنان يتكلم عن الديقراطية والرفاهية والإهانة؟! والسيد حميدة يتكلم عن الترشح للرئاسة؟! أى ديقراطية وأى رفاهية ونحن بمناطقنا الشعبية نحارب تلك المصطلحات بشتى أشكال أسلحة الدمار السلوكي العدواني. تكفير، إخوان مسلمين، جماعات بيت المقدس، القاعدة، داعش، مجرمين من جارتنا ليبيا يتسللون لقتل جيرانهم في مصر، كما كانوا يهجمون في الماضي على أهل الواحات الداخلة ويقتلونهم ويسرقون مواشيهم وزعهم وبيوتهم، وبحجة إقامة شرع الله. بالقتل وترويع الآمنين وتخريب وإضعاف بلاد العرب أمام العالم؟ والله لا نستاهل، لا شَربة ماء، ولا لتر بترول من أرض الله تعالى. وفّر المشقة يا سيادة الفريق واشتري دماغك واستريح، فوالله لو نزل علينا رئيس من السماء، فلن نؤمن له
بنُظم ولا قوانين ولا أعراف، والإيمان بالله، بالمناسبة وحده لا يكفي، هناك مليارات المقومات التي تدعم الإيمان بالله ليست موجودة بعالمنا العربى، وكل رئاسة جمهورية وانت طيب يا سيادة الفريق عنان.