العدسة – ربى الطاهر
بعيدا عن كون النوم نشاطا إيجابيا يُحَسِّن الاكتئاب، وقد يلغي الحاجة للطبيب النفسي تماما، فإن عدم انتظامه يؤدى إلى الخمول وتراجع القدرة على القيام بأية أنشطة، وهو ما يؤدي إلى اعتلال المزاج.
فقد أظهرت دراسة أمريكية أجراها علماء في ولاية أريزونا أن الحصول على قسط من النوم لمدة تصل إلى 7 ساعات و6 دقائق من النوم ليلا يوميا، هو سر سعادة الأشخاص الذين يحصلون عليها يوميا.
وأوضحت الدراسة التي أجريت على 2000 شخص، أن هؤلاء الذين حصلوا على قسط من النوم ليلا لمدة أقل من 6 ساعات و48 دقيقة بانتظام، كانوا أقل سعادة في علاقاتهم بشكل عام، هذا إلى جانب معاناتهم الدائمة من القلق وعدم القدرة على الشعور بالامتنان تجاه الكثير من النواحي المختلفة بحياتهم.
ولتأكيد هذه النظرية استهدف الباحثون العينة المختارة (2000 شخص)، وقاموا بإجراء بعض الاختبارات، وبعد تحليل المعلومات وجد الباحثون أن أولئك الذين لا ينامون لساعات كافية خلال الليل يسببون الضرر لصحتهم النفسية.
وعلق أحد الباحثين القائمين على الدراسة أنه اعتقد منذ القدم أن قلة النوم هي المسؤولة عن الإصابة بالاكتئاب والقلق، ولكن هذه الدراسة تفيد العكس، فالنوم لساعات مناسبة خلال الليل من شأنه أن يؤثر بشكل إيجابي على الصحة النفسية الخاصة بالإنسان.
وأكد الباحثون أن المشتركين الذين حظوا بساعات نوم كافية، انخفض خطر إصابتهم بالقلق والاكتئاب، بنسبة وصلت إلى 50% تقريباً، كما انخفضت الكوابيس لديهم بنفس النسبة.
ورغم ما أصدرته هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) من توصيات تؤكد أن مدة النوم المثالية ليلا هي 7 ساعات، فإن الدراسة الجديدة تشير إلى أن التأخير ليلا ووضع المنبه على وضعية التأجيل (Snooze) لمدة 6 دقائق قد لا يكون خيارا سيئا.
فيبدو أن العلاقة بين النوم والسعادة أقوى ارتباطا مما كنا نتخيل فربما يكون الفرق بين هؤلاء الأشخاص السعداء والآخرين السعداء جدا، هو فارق مدة لا تزيد عن 7 دقائق من النوم، فهؤلاء الأشخاص السعداء يحصلون على قدر من النوم لا يتخطى الـ 7 ساعات، بينما هؤلاء السعداء جدا، يحصلون على مقدار من النوم يعادل الـ 7 ساعات و6 دقائق.
وأوضحت الدراسات أن الأشخاص الذين يأخذون قسطا من النوم أقل من ذلك أو لا يحصلون على كفايتهم من النوم، قد يكون السبب في ذلك عدة عوامل؛ منها أنهم غالبا ما يقومون باستخدام الهاتف الخلوي أو الحاسوب بكثرة، خاصة قبل النوم، كما أنهم يكونون من هؤلاء الذين يحملون معهم بعضا من ملفات العمل إلى المنزل، بالإضافة إلى أنهم غالبا أشخاص منفصلون عن شركاء حياتهم، وهو ما يؤثر بالطبع على حالتهم المزاجية، بل وعلى صحتهم العامة فهم دائمو الشعور بالتوتر، وتقول الدراسة إن أغلب هؤلاء الأشخاص من النساء.
وبالمقارنة، فإن الأشخاص الذين يحصلون على قدر كافٍ من النوم، غالبا ما يقومون ببعض الأنشطة التي تساعدهم على ذلك، كالتأمل مثلا أو بعض الأنشطة التي تساعدهم على النوم ليلا، ويرجح أنهم الأشخاص غير المرتبطين عاطفيا، وأعمارهم أقل من 25 عاما، ويقومون بالاستحمام قبل الخلود إلى النوم.
ولا يقتصر تأثير جودة النوم السيئة على مجرد الشعور بالتعب، فعدم حصولك على كفايتك من النوم ليلاً قد يؤدي إلى إصابتك بالاكتئاب، وزيادة فرص إصابتك بالسمنة وأمراض القلب، والسكري، والجلطات، والتقليل من فترة الحياة المتوقعة، والحصول على درجات متدنية لدى الطلاب.
كما وجدت دراسات أخرى أن كمية النوم ليست هي العامل الرئيسي في جودته، بل إن الخلود إلى النوم في ذات الوقت كل ليلة قد يكون بذات الأهمية، وتشير العديد من الدراسات الأخرى إلى أن روتين النوم عموماً مهم جداً.
ليس هذا فقط، فالتوقعات العلمية قد تخطت تأثر السعادة إلى الإصابة بالجنون، فقد كشفت نتائج دراسة جديدة نشرت في المجلة العلمية “Lancet Psychiatry” أن الأشخاص الذين لا يحظون بساعات نوم كافية يكونون أكثر عرضة للإصابة بجنون الارتياب (paranoia) والاكتئاب والقلق.
ووفق ما سبق فإن الدراسات العلمية تربط بين عدد ساعات النوم وعمر الإنسان، وهي على النحو التالي:
فالمراهقون (14- 17 سنة) يجب أن يناموا من 8- 10 ساعات، والبالغون الصغار (18- 25 سنة) من 7- 9 ساعات، والبالغون (26- 64) من 7- 9 ساعات، و كبار السن (فوق الـ 65 من عمرهم): من 7- 8 ساعات.
اضف تعليقا