قبل 8 أيام كشفت السلطات الزامبية مصادرتها طائرة خاصة قادمة من مصر على متنها ملايين الدولارات ومئات السبائك الذهبية والأسلحة، ما أثار ضجة كبيرة في الأوساط الدولية حول السبب الحقيقي وراء وجود هذه الشحنات “السرية” على تلك الطائرة، وشبهات حول عملية تهريب كبيرة متورط بها النظام المصري وكبار رجاله.

في هذا التقرير نستعرض أبرز التحليلات وراء هذه الفضيحة المدوية، مع إبراز تفاصيل الواقعة والاعتقالات التي تبعتها وتداعيات الحادث على كل من مصر وزامبيا، والكشف عن دور النظام الإماراتي في هذه العملية.

خلفية

في تحول غريب للأحداث، توصلت السلطات الزامبية إلى اكتشاف “صادم” عندما فتشت طائرة خاصة وصلت من مصر، ما وجدوه داخل الطائرة كان عبارة عن حقائب محملة بملايين الدولارات نقدًا وسبائك قيل في البداية إنها ذهبية ومجموعة من الذخائر.

عملية التفتيش تسببت في اعتقال اثني عشر شخصا، من بينهم ستة مسؤولين مصريين -يُشتبه أن حسن نجل السيسي واحدًا منهم-، وقد أثارت هذه الواقعة تساؤلات عدة حول حقيقة ما يحدث، وسر الكشف عن هذه الطائرة الآن بالرغم من وجود أنباء أنها ليست الأولى التي تسافر من مصر وعليها شحنات مشابهة.

المصادرة

هبطت الطائرة الخاصة، التي انطلقت من القاهرة، في مطار كينيث كاوندا الدولي في لوساكا في رحلة بدت روتينية، لكن أثيرت الشكوك عندما تلقى المسؤولون الزامبيون معلومات حول الشحنة المشبوهة على متن الطائرة، وتحركت السلطات بسرعة، وقررت إجراء بحث، لكن وحسب تصريحات بعض المسؤولين فإن المضبوطات كانت “مفاجأة مروعة” بالنسبة إليهم لم يتخيلوا أبدًا أنها ستكون أموال وذهب وأسلحة.

عثرت السلطات الزامبية على مبلغ نقدي كبير وصل إلى 5.7 مليون دولار بالعملة الأمريكية، أثار وجود مثل هذا المبلغ الكبير من المال مخاوف فورية ودفع إلى مزيد من التدقيق في العناصر الأخرى الموجودة على متن الطائرة، لتعثر القوات الزامبية على 602 سبيكة ذهبية، كما تم العثور على خمس مسدسات و126 طلقة ذخيرة.

الاعتقالات والتحليلات الأولية

وفي أعقاب هذا الاكتشاف الصادم، لم تهدر السلطات الزامبية أي وقت في القبض على الأفراد المتواجدين على الطائرة الخاصة ومن على صلة بهم في زامبيا، وتم القبض على اثني عشر شخصًا، من بينهم ستة مصريين وإسباني ولاتفي ومواطن هولندي وزامبي، ومع فحص هوياتهم وخلفياتهم المهنية والسياسية، تكونت طبقة أخرى من الغموض إلى الغموض الذي موجود بالفعل بسبب هذه الأحداث غير المتوقعة.

وانتشرت التكهنات في كل من مصر وزامبيا مع انتشار أخبار الاعتقالات، وأثيرت تساؤلات حول طبيعة المواد المضبوطة ونوايا المتورطين والتداعيات المحتملة على كلا البلدين، وقد حظيت عمليات اعتقال المواطنين المصريين، على وجه الخصوص، باهتمام كبير، حيث أشارت التقارير إلى أن بعضهم تابعًا للأجهزة العسكرية والأمنية المصرية حتى أن شائعات ترددت أن أحد المعتقلين هو نجل الرئيس عبد الفتاح السيسي وأنه سافر بهوية مزورة لضابط متوفي منذ 6 سنوات.

سر اللغز

بينما بدأت السلطات في زامبيا تحقيقاتها في المواد المضبوطة، بدأ الغموض وراء اللغز في التلاشي ببطء، وسرعان ما تم فضح حقيقة السبائك التي قيل في البداية إنها ذهبية لكن عادت السلطات ونفت ذلك مشيرة أن السبائك من الذهب المزيف الذي يسعى المتورطون الاحتيال به على تجار من الخارج، وذلك بعد أن كشف وزير المناجم وتنمية المعادن الزامبي، بول كابوسوي، أن السبائك كانت في الواقع مزيفة، ومصنوعة من النحاس والزنك ومطلية بالذهب.

ووصف ناسون باندا، المدير العام للجنة مكافحة المخدرات في زامبيا، الحادث بأنه حالة واضحة من عمليات الاحتيال والنصب على تجار الذهب، ولا تزال النية وراء تحميل الطائرة الخاصة بسبائك الذهب المزيفة غير واضحة، ولكن يُعتقد أنها كانت محاولة لخداع عدد من التجار الأجانب، وزاد وجود المبلغ الكبير من النقود والأسلحة من عمق الغموض، مما أثار تساؤلات حول الدوافع والأنشطة الإجرامية المحتملة للمتورطين.

رد مصر

حافظت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة المصرية على صمت حذر، وامتنعت عن التعليق على الأحداث أو الأشخاص المعتقلين أو حتى كشف هويتهم.

هذه الحادثة جاءت بمثابة ضربة في مقتل لمحاولات نظام السيسي تحسين سمعته وسجله في مجال حقوق الإنسان وتعزيز صورته العالمية، خاصة وأن عدد من المقبوض عليهم في هذه الواقعة على صلة بالجيش وأجهزة الأمن، مما أثار تساؤلات حول التزام البلاد بمكافحة الفساد وإعلاء سيادة القانون.

العلاقات الثنائية وتداعياتها الإقليمية

أدى حادث الطائرة الخاصة إلى توتر العلاقات الثنائية بين مصر وزامبيا، وعلى الرغم من الاختلافات الصارخة في سجلات الحكم وحقوق الإنسان بين البلدين، إلا أنهما حافظا على علاقات وثيقة في السنوات الأخيرة، وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زامبيا في يونيو/حزيران، بهدف تعزيز التجارة الإقليمية بين شمال أفريقيا وجنوبها، لكن مع الحادث الأخير، من المحتمل أن تؤثر تداعيات الطائرة المحتجزة والاعتقالات اللاحقة على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين.

علاوة على ذلك، فإن الحادث له آثار إقليمية أوسع، لأنه يسلط الضوء على وجود أنشطة غير مشروعة محتملة تشمل السلع والأموال والأسلحة والذهب المزيف.

كما يؤكد الحادث على الحاجة إلى زيادة التعاون واليقظة بين الدول الأفريقية لمكافحة مثل هذه المؤسسات الإجرامية، ويعد هذا الحادث بمثابة دعوة للاستيقاظ للحكومات في جميع أنحاء المنطقة لتعزيز جهود إنفاذ القانون، وتعزيز أمن الحدود، وتعزيز الشفافية لمنع تهريب البضائع غير المشروعة.

دور الإمارات

أرجح محللون وخبراء أن سر الكشف عن هذه الطائرة في هذا التوقيت هو وجود خلاف إقليمي بين الإمارات والسعودية وعدم تحديد مصر الجانب الذي ستقف معه، فقامت الإمارات بتسريب معلومات حول وجود الطائرة ومحتوياتها لإحراج مصر ووضعها في مأزق، خاصة مع وجود احتقان إماراتي ضد النظام المصري الذي وعده بالحصول على جزيرة الوراق في القاهرة الكبرى وطرد سكانها لإقامة مدينة ضخمة، لكن حتى الآن يتلكأ النظام المصري في تنفيذ وعوده.