العدسة – معتز أشرف
“جميلة بوحيرد” مقاومة جزائرية معروفة، من المناضلات اللائي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي، في منتصف القرن العشرين، وتعرضت للملاحقة والتعذيب والتوقيف، لكن صدمت الرأي العام المعارض في مصر، عندما قبلت بعرض النظام المصري الحالي المتهم بانتهاكات صارخة ضد البنات والمرأة المصرية، وخاصة المعارضة للنظام العسكري منذ ثورة 25 يناير، وصولا إلى الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، وما تبعه من انتهاكات وصلت إلى انتهاك العذرية والاغتصاب!.
استقبال رسمي
بينما كان النظام المصري يسارع الوقت للترويج لاستقباله الرسمي للمناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، في مطار أسوان الدولي، للمشاركة في فعاليات مهرجان أسوان الدولي الثاني لسينما المرأة، الذي أطلق باسم المناضلة في دورته الحالية، خلال الفترة من 20 إلى 27 فبراير الجاري، كان القاضي يصدر قراره بتأجيل قضية المعتقلة رحيق سعيد، لشهر مايو القادم، ليضيع عمرها ظلما خلف القضبان، وكانت أمهات المعتقلين ينتظرن على “باب الجبل”، كما يسمونه، في انتظار الدخول إلى ذويهم في سجن العقرب سيء السمعة، بينما بعضهن ممنوعات من الزيارة، وكانت نساء أخريات يصرخن في معهد أمناء الشرطة، شرق القاهرة، بعد أن أصدر رئيس أحد دوائر الإرهاب أحكامًا بالإعدام ضد أبنائهن وأزواجهن، بينما كانت بنات أخريات يتعرضن للإخفاء القسري، أو الحبس التعسفي، أو يعانين من صدمة اعتقال والدهم بعنف أمام أعينهن البريئة أو يعانين من غياب والدهن في غيابات السجن، بعد رؤيته في أعلى المناصب في الدولة أو النقابات المهنية.
كان في استقبال المناضلة جميلة بوحيرد، اللواء مجدي حجازي، محافظ أسوان، فضلاً عن وفد نسائي ممثلاً عن المرأة الأسوانية، وفضلا أيضًا عن منظمي مهرجان السينما، بجانب فرقة أسوان للفنون الشعبية، والتي استقبلتها برقصات الفلكلور الأسواني والورود، بينما قبلها بقليل كانت قوات الأمن تستقبل بالقيود الحديدية، الدكتورة نهى قاسم المتحدثة باسم رابطة أسر المعتقلين بالإسكندرية، والأم لثلاثة بنات، وزوجة المعتقل محمود عبد المؤمن، المحكوم عليه بالمؤبد في قضايا رفض الانقلاب، لتنضم إلى العشرات من المعتقلات السياسيات في مصر.
استباحة المرأة
انتهاكات نظام السيسي ضد المرأة المصرية متزايدة، بشكل يشين المناضلة الجزائرية إذا تعرفت عليه، حيث أكدت حركة “نساء ضد الانقلاب” في تقريرها في ذكرى ثورة يناير مطلع العام، تحت عنوان ” 7 سنوات من الثورة والمرأة المصرية ما زالت تدفع الثمن باهظا”، أن المرأة المصرية واصلت التضحية على مدار 7 سنوات هي عمر الثورة المصرية، وقدمت سجلا حافلا من الثبات في مواجهة آلة القمع العسكرية، حيث قدمت المرأة المصرية ما يزيد عن 140 شهيدة في مواقع مختلفة، تنوعت بين شهيدات مجزرتي فض رابعة والنهضة، وشهيدات الاعتداءات على المسيرات المناهضة للانقلاب، وشهيدات مهاجمة الجامعات المصرية، وشهيدات التنكيل بأهلنا في سيناء، وغيرهن الكثيرات.
وكشفت الحركة عن استمرار ما يزيد عن 43 فتاة وسيدة مصرية في سجون السيسي، يواجهن أحكامًا مختلفة بالسجن، وصلت في بعض الحالات للأشغال الشاقة المؤبدة، مثل الحاجة سامية شنن، والدكتورة سارة عبدالله، كما يوجد قرابة 10 سيدات وفتيات مصريات ما زلن رهن الإخفاء القسري، حيث إن السيدة رانيا علي عمر، مختفية قسريًّا هي وزوجها منذ أكثر من 4 سنوات، كما أن هناك 6 فتيات وسيدات مصريات يمثلن أمام المحاكم العسكرية، منهن من أخذن أحكاما عسكرية وصلت لـلسجن المؤبد، مثل د.سارة عبدالله، والسجن 18 سنة، مثل الطالبة إسراء خالد، والسجن 10 سنوات، كالسيدة إيمان مصطفى.
وأشارت الحركة إلى أن نظام السيسي استخدم القضاء كوسيلة لردع المرأة المصرية التي لم تسلم من الأحكام الجائرة، حيث وصلت الأحكام للإعدام، كما في حالة الصحفية أسماء الخطيب والسيدة سندس عاصم، وهناك أحكام بالسجن المؤبد كالحاجة سامية شنن، والسجن 10 سنوات، كالسيدة فوزية الدسوقي، والسجن 5 سنوات، كالسيدة شيماء أحمد سعد، وغيرهن العشرات، كما وصل عدد السيدات والفتيات اللاتي أدرجت أسماؤهن علي قوائم الإرهاب أكثر من 120 سيدة وفتاة؛ أبرزهن السيدة نجلاء محمود مسيال، زوجة الرئيس محمد مرسي، وابنته شيماء، والدكتورة بسمة رفعت، المحكوم عليها بالحبس المشدد 15 سنة، كما وصل عدد السيدات والفتيات اللاتي صدر قرار بمصادرة أموالهن أكثر من 106 سيدة وفتاة.
انتهاكات قبل الاستقبال
وبحسب حركة نساء _ ضد الانقلاب في حصادها الأسبوعي من الخميس 8 فبراير حتى الخميس 15 فبراير، الذي سبق وصول المناضلة الجزائرية مباشرة، فإن الانتهاكات والتعسف تواصلا ضد المرأة المصرية، حيث قضت محكمة جنايات القاهرة الدائرة 18 جيزة (إرهاب) بالحكم على الصحفية “أسماء كامل عبدالله حسن” والشهيرة بـ “أسماء زيدان”، بالسجن المشدد 5 سنوات في القضية رقم 59703 جنايات الهرم، فيما أجلت محاكمة الشابة سمية ماهر حزيمة، لجلسة 26 فبراير الجاري، واستمر اعتقال رحيق سعيد (من معتقلات بورسعيد) 6 أشهر كاملة في السجن، بعد توقيفها يوم 9/ 8 / 2017، أثناء زيارة والدها بالسجن، وطال اعتقال سارة جمال (من معتقلات الجيزة) 8 أشهر في السجن، فيما أكملت المعتقلة علا محمد حسين سنة وشهرين في السجن، حيث تم اعتقالها وهي حامل في شهرها الثالث، ووضعت مولودها في السجن، كما أكملت المعتقلة رشا إمام بدوي (من معتقلات القاهرة) 4 أشهر كاملة في السجن، كما أكملت المعتقلة فاطمة علي جابر سنة و6 أشهر في السجن، وتوفي والدها ووالدتها وهي في السجن، وأكملت المعتقلة جهاد عبد الحميد سنتين و شهرًا في السجن، حيث تقضي حكما معيبًا قانونيًّا بالحبس 3 سنوات، وأكملت المعتقلة رباب عبد المحسن سنة و4 أشهر في السجن، رغم أنها مريضة بسرطان الدم وفيروس سي، كما تم تجديد حبس المعتقلة رقية مصطفى 45 يوما على ذمة التحقيقات، فيما تواصل الإهمال الطبي بحق المعتقلة علياء عواد، رغم النزيف المستمر بسبب ورم ليفي في الرحم، كما تم رفض الإفراج الصحي عنها، فيما أجبرت السلطات الأمنية السيدة رقية مصطفى، على خلع نقابها أثناء جلسة محاكمتها، كما استمر احتجاز المعتقلة سمية ماهر حزيمة، في مكان مجهول، ومنع تواصلها مع أسرتها، وعدم توفير الطعام والملابس لها.
الاغتصاب الممنهج!
وكانت الطامة الكبرى هي وصول جرائم السيسي بحق النساء إلى الاغتصاب، حيث اتهمت حركة “نساء ضد الانقلاب” جهاز الشرطة بممارسة جريمة اﻻغتصاب، داخل أماكن اﻻحتجاز والسجون والأقسام، بشكل ممنهج، ووصلت الأعداد إلى 50 حالة اغتصاب لنساء، تم توثيق 20 منها فقط، لظروف خاصة بالحالات، فيما نقلت مصادر داخل التحالف الوطني لدعم الشرعية بمصر في وقت سابق أنها وثقت 54 حالة اغتصاب لفتيات داخل مقار الاحتجاز، وأكدت أن بعضهن حملن نتيجة ذلك، وذلك بعد أن شكل التحالف لجان استماع، في فبراير ومارس 2014، ووثقت حدوث حالات الاغتصاب داخل مقار الاحتجاز المختلفة، بينها مراكز شرطة وسجون وسيارات ترحيلات ومدرعات شرطة، وبعضها في أماكن مجهولة.
وتابعت تلك المصادر، أن بعض الفتيات اللاتي تعرضن للاغتصاب أصبحن حوامل نتيجة هذا الاغتصاب، وتم إجهاضهن، إلا أن أخريات لم يقع إجهاضهن، حيث كان يشكل خطرا على حياتهن، وهن الآن في الشهر السابع أو الثامن من الحمل، وأشارت إلى أن هناك حالتين تم اغتصابهما أكثر من 14 مرة في يوم واحد داخل معسكر للأمن المركزي، في حين ظلت إحدى المعتقلات تعاني الاغتصاب يوميا لمدة أسبوع داخل أحد مراكز الشرطة، وهو ما أكدته عضوة “الائتلاف الأوروبي من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان”، داليا أحمد، بتعرض معتقلات مناوئات للسلطة الحاكمة للاغتصاب الجماعي في مقار أمنية، حيث قالت للجزيرة إنه جرى توثيق عدد من الانتهاكات وحالات الاغتصاب، حيث تم تعليق إحدى المعتقلات عارية وتحرش بها كل رجال الشرطة داخل المركز الأمني، في حين تم إجبار بعضهن على مشاهدة فيديوهات إباحية، مضيفة أن بعض البنات تم مسح أرضية السجن بأجسادهن العارية، مؤكدة أن حالات الاغتصاب ينفذها ضباط ورجال شرطة بصفة جماعية، وبمعرفة المسؤولين عن المراكز الأمنية المتهمة، وهكذا المعاناة بالغة! لكن الاستقبال والتكريم كان أعلى صوتًا حتى الآن لدى المناضلة جميلة بوحيرد.
اضف تعليقا