بعد أكثر من سنتين رهن الاعتقال، ينتظر الداعية السعودي “سلمان العودة” المعتقل في السجون السعودية، يوم الخميس الموافق للعاشر من أكتوبر/تشرين الأول- موعدًا للنطق بالحكم، في عدة اتهامات يواجهها العودة، يغلب على معظمها طابع الهزلية كعادة الأنظمة القمعية في تلفيقها التهم لمعارضيها.
ومن أبرز التهم الموجهة إليه، بحسب ما ذكرت سابقًا صحيفة “سبق” السعودية: “الإفساد في الأرض؛ بالسعي المتكرر لزعزعة بناء الوطن، وإحياء الفتنة العمياء، وتأليب المجتمع على الحكام، وإثارة القلاقل، والارتباط بشخصيات وتنظيمات، وعقد اللقاءات والمؤتمرات داخل وخارج المملكة لتحقيق أجندة تنظيم الإخوان الإرهابي ضد الوطن وحكامه”.
“بن سلمان” متحمسًا لأفكار العودة!!
نشر موقع شبكة “سي إن إن” الأمريكية تقريرًا أعدته تامارا قبلاوي بعنوان “بحث “م ب س” مرة عن نصيحة من رجل الدين هذا، والآن يطالب الإدعاء السعودي بإعدامه” في إشارة للشيخ سلمان العودة.
وقالت إن الشيخ العودة انتظر في بيته بالرياض الأمير محمد بن سلمان، وكان هذا في عام 2012 حيث استقبل الداعية الجذاب الأمير البالغ من العمر 27 عاما بدون ضجيج.
ونقلت كاتبة التقرير عن نجل العودة الباحث القانوني في جامعة جورج تاون “عبد الله العودة” قوله: “لم نعتقد أن الزيارة كانت أمرا كبيرا” و “قد كان أميرا من الأمراء”.
ورغم طموحاته السياسية الواضحة فقد كان بن سلمان مبتدئا في السياسة. وكان والده أمير منطقة الرياض ولم يتول العرش بعد.
وفي عين الطبقة السياسية في البلد فلم يكن إلا عضوا من أعضاء العائلة المالكة التي تعد بالألاف.
وبدا الأمير الذي أصبح فيما بعد وليا للعهد متحمسا لأفكار التغيير التي يدعو إليها الشيخ سلمان العودة.
وفي هذا اللقاء ولقاءين اثنين واحد منهما عقد في الديوان الملكي وحضره ملك المستقبل سلمان بن عبد العزيز، أثنى الشيخ سلمان الذي كان في سن الـ 55 وبحماس على قيم الإصلاح والحكم الذي يجمع الكل، وذلك بحسب نجل الداعية المعروف.
ماذا تغير في “بن سلمان”؟
وبعد خمسة أعوام عين الملك سلمان نجله وليا للعهد ليقوم بعد ثلاثة أشهر من تنصيبه ضمن حملة قمع أشرفت عليها وكالة أمنية أنشأها ولي العهد الجديد.
وأمضى الشيخ سلمان عاما في المعتقل قبل تقديمه للمحاكمة حيث أعلن المدعي العام في أيلول (سبتمبر) 2018 وأوصى بإعدامه.
تعبئة الجمهور
أكد نجل العودة أن “محمد بن سلمان” لم يكن في الواقع مهتما بأفكار الداعية الإصلاحية بقدر ما كان يريد تعبئة جمهوره الكبير لدعم طموحه السياسي.
وأشار عبد الله عن وضع والده الذي اعتقل مطلع سبتمبر/أيلول 2017 وظل منذ ذلك الوقت في زنزانة انفرادية.
مؤكدًا تعرضه لصنوف من المعاملة القاسية والتعذيب، ومنها إبقاؤه مقيد اليدين والرجلين.
وأبلغ سلمان العودة عائلته حين زارته بعد ستة أشهر من اعتقاله عما يتعرض له في سجنه من معاملة قاسية تشمل الحرمان أحيانا من النوم والطعام، فضلا عن توقيعه على وثائق لم يعرف ما فيها.
واعتقل سلمان العودة بعد يوم واحد نشره تغريدة دعا الله فيها أن يؤلف بين القلوب بعد إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقتها الدبلوماسية مع قطر وفرض حصار عليها.
سجون السعودية تعرفه على مر السنين
ليست هذه هي المرة الأولى التي يعتقل فيها العودة، فقد اعتقل عام 1994 بتهمة الدعوة للتمرد على المملكة. وكان اعتقاله بسبب ارتباطه بحركة الصحوة التي تعود بجذورها لظاهرة الإحياء الإسلامي في السبعينات من القرن الماضي.
وفي التسعينات من القرن الماضي، كان العودة واحدًا من أبرز الدعاة الذين انتقدوا دعوة المملكة القوات الأمريكية إلى السعودية وانتقد العائلة المالكة في خطبه.
تحول فكري ومطالبة علنية بالإصلاح السياسي
وبعد خروجه من السجن عام 1999 بدا سلمان العودة وكأنه مرة بفترة تحول في أفكاره وأصبح يدعو علنا للإصلاح السياسي والتسامح الديني والسلمة ومواجهة الفساد.
وشجب هجمات 9/11 التي نفذتها القاعدة فيما صمتت القيادة الدينية البارزة في المملكة. وكان يقدم في عام 2008 برنامجا حواريا شهيرا على قناة تلفزيونية.
العودة .. نصير ثورات الربيع العربي
وفي أثناء الربيع العربي بدأت المملكة تراقب الداعية وبشك خاصة بعد دعمه انتفاضات عام 2011.
فمع التظاهرات التي خرجت في المنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية والاحتجاجات التي خرجت في البحرين وأدت لتدخل الجيش السعودي إلا أن العودة كان عنيدا في دعمه للقوى الديمقراطية في العالم العربي.
وبدأ باستخدام منابر التواصل الاجتماعي حيث أصبح له 13.4 مليون متابع على “تويتر” ونشر مقاطع فيديو، فلم يعد الداعية المتحمس بل الداعية في منتصف العمر الذي فضل التحدث بعفوية أمام الكاميرا.
ماذا قال عنه “خاشقجي”؟!
ووصف الصحافي جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية بلاده في إسطنبول، الشيخ العودة مرة بأنه “من أجل الأمثلة على التحولات الشخصية”.
وفي مقابلة تلفزيونية قال خاشقجي “أنظر للشيخ سلمان اليوم”، “الداعية الجميل المبدع الذي يجمع الشباب ويقودهم إلى العالم”. وفي مقابلاته قال العودة إنه مدين بتحولاته الأيديولوجية للكتب التي قرأها في السجن.
الإعدام .. أو تأييد علني للرياض!
كان المدعي العام السعودي طلب الإعدام للشيخ العودة عند بدء محاكمته في أيلول/سبتمبر 2018، بحسب ما نقلت صحف محلية، موضحة أيضا أنه يواجه 37 تهمة.
وتقول عائلة سلمان العودة إن السلطات طلبت منه مع معارضين آخرين تقديم دعم علني للرياض في نزاعها مع الدوحة، وهو الأمر الذي رفضه.
اهتمام عالمي “على استحياء”!!
ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية قضية «العودة» في تقريرها للحرية الدينية الدولية لعام 2018 والذي نُشر في يونيو الماضي، في حين انتقد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اعتقاله في بيان صدر في يناير/كانون الثاني 2018، حول الحملة السعودية.
ولدى سؤاله عما إذا كانت عائلة «العودة» تتوقع إعدام رجل الدين، قال عبدالله العودة إن الآمال في إطلاق سراح والده بدأت تتضاءل بعد مقتل خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018. وهو يعيد ترديد ما يقوله النشطاء السعوديون بأن كل شيء ممكن.
يقول عبدالله العودة: «مع العقلية الحالية، هل أعتقد أنه من الصعب أن يقوم محمد بن سلمان بإعدام والدي؟ هذا ليس صحيحاً».
اضف تعليقا