لا تزال السمعة المتردية في مجال حقوق الإنسان شبحاً يطارد السعودية وعائقاً حقيقياً أمام تنفيذ بن سلمان لرغباته الحالمة، حيث لم تفلح كل محاولات التبييض التي اتخذتها السعودية في السنوات الماضية في إزالة هذه السمعة التي أصبحت ملتصقة بالمملكة وباسم ولي عهدها بن سلمان علي وجه الخصوص.

ويعتبر ملف شراء السعودية لنادي نيوكاسل الإنجليزي من أبرز الملفات التي تأثرت بسجل السعودية السيء في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن اتهامات القرصنة لمجموعة قنوات بي إن سبورت الفضائية والتي ما زالت السعودية تلاحق بها قضائياً.

اعتراض في العموم البريطاني

ونشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا، قالت فيه إن النواب في مجلس العموم البريطاني قاموا بمحاولة أخيرة لوقف استحواذ السعودية على نادي نيوكاسل يونايتد.

وقال معد التقرير، توم مورغان إن مجموعة من النواب تمثل الأحزاب في البرلمان شنت محاولة الدقيقة الأخيرة لنسف عرض السعودية شراء أسهم نادي الدوري الممتاز “نيوكاسل يونايتد”.

وبحسب الرسالة التي وجهها النواب إلى مدير الدوري الممتاز (بريميير ليغ) ريتشارد ماسترز، قالوا إن على أهم سلطة في البلاد (السعودية) “عمل ما لديها من قوة من أجل جلب أفراد يرتبكون انتهاكات حقوق إنسان للمحاسبة”.

 وعبر النواب تحديدا عن قلقهم من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مدير هيئة الإستثمار العام التي تريد شراء 80% من أسهم نادي نيوكاسل.

وفي الرسالة التي وقع عليها كل من جون نيكلسون وداميان كولينز وكارولين لوكاس وجون ماكدونال وكريسبن بلانت وفيرندرا شارما وأليستر كارمايكل والقاضي لود وكريس لو والبارونة يونغ أوف هورنسي: “حتى تصلح السعودية نظامها الجنائي وتفرج عن المعتقلين السياسيين، فلا يمكن للدوري الممتاز أن  يوقع على بيع نادي نيوكاسل لهيئة الإستثمار العام”.

وتقول الصحيفة إن عملية القتل التي أمرت بها الدولة للصحافي في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي كانت كارثية لمحمد بن سلمان وحملته للبحث عن حلفاء جدد ولكنه مضى في محاولاته لتنويع الإقتصاد.

وتلقى ماسترز عددا من التحذيرات، من مثل منظمة العدل الدولية بسبب انتهاكات النظام لحقوق الإنسان والقرصنة على حقوق مجموعة قطر الرياضية “بي إن سبورتس” ودور الدولة في فضيحة “بي أوت كيو” القناة التي سرقت مباريات الدوري الممتاز وغيرها من القناة القطرية.

وقالت الصحيفة إن مدير هيئة الإستثمار العام، ياسر الرميان مرشح لأن يكون مديرا لمجلس إدارة نيوكاسل يونايتد.

  وتقوم إدارة الدوري ومنذ مدة بفحص بند “المدراء والملاك” في بروتوكولها والتحقق من الملاك الجدد، وسط تكهنات عدة من الصحف وانتظار من مشجعي النادي الذي يملكه رجل الأعمال مايك أشلي.

ويرى النواب والحالة هذه في رسالتهم المحاولة الأخيرة لعرقلة الصفقة، وجاء في الرسالة: “هناك مخاوف كبيرة فيما يتعلق به (محمد بن سلمان) كـ “شخص مناسب وكفؤ” كما عرفه دليل الدوري الممتاز، فقرة أف 1.6 والتي تطبق على ملاك ومدراء نوادي كرة القدم.

 وتنص على أن أفرادا لا يمكنهم تولي مناصب لو قرر مجلس (الدوري) أن هناك جنايات ارتكبت خارج المملكة المتحدة وتمنعهم من تولي ذلك المنصب”.

تبييض رياضي

وفي ذات الرسالة قال نواب في العموم البريطاني إن محاولة بن سلمان شراء نادي نيوكاسل لا تعدو كونها محاولة تبييض رياضي للصورة القمعية المعروفة عن المملكة.

وقال النائب عن الحزب الوطني الأسكتلدي جون نيكلسون وعضو اللجنة المختارة للرقمية والثقافة والإعلام والرياضة في مجلس النواب والموقع على الرسالة: “فوق الإغتيال المخزي لجمال خاشقجي تواصل السعودية تحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان وعلى مستوى فاضح، سواء عبر الإعتقال كوسيلة للقمع السياسي. أو استمرار اعتقال الناشطات مثل لجين الهذلول ومئات من المعتقلين الآخرين ويحاول السعوديون تبييض صورتهم من خلال هذا الاستحواذ”.

 ويزعم النواب أن كتاب قواعد الدوري الممتاز يجب أن تستبعد عملية الشراء “وبحب الفقرة الفرعية أف 1.5.3 فإن هذه التجاوزات تشتمل على أي فعل قد يعتبر غير شريف”، مشيرة إلى ظروف القمع ضد النساء “نطالب بتوضيحات حول الكيفية التي سيحاول الدوري الممتاز تعريف واحد من أكثر الأنظمة قمعا في العالم “كمناسب وكفؤ” وهذا هو رئيس نظام في اليمن الذي أدت حربه في اليمن إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم والذي أعدم 184 شخصا عام 2019 ويواصل كبت أي شكل من المعارضة باستخدام السجن غير القانوني”.

وجاء في الرسالة: “السعوديون واعون بهذه المزاعم ومن خلال حملة تببيض رياضي متقدمة يحاولون تبييض سمعتهم كنظام قمعي.

 وبمساعدتهم يقوم الدوري الممتاز بتسهيل هذا النشاط ويلعب دور المغسلة للأنظمة القمعية وتحسين صورتها دوليا”.

 وانتقدت منظمة التجارة العالمية في الشهر الماضي الدول السعودية بحرف النظر عن القرصنة. وفي هذا الأسبوع صعدت السعودية النزاع المستمر مع قطر من خلال منع مشاهدة قناة بي إن سبورتس في السعودية، وهي القناة التلفازية التي اشترت حقوق بث مباريات الدوري الممتاز الذي ترغب السعودية بشراء أحد نواديه.

 وجاء في الرسالة: “نشعر بالقلق العظيم للاتجاه الذي تسير به السعودية ونعتقد أن على الدوري الممتاز أن يعمل كل ما بوسعه لجلب الأفراد الذين ارتكبوا انتهاكات حقوق إنسان للمحاسبة” و”حتى تقوم السعودية بإصلاح نظامها القضائي وتفرج عن المعتقلين السياسيين فالدوري الممتاز لا يمكنه التوقيع على بيع نيوكاسل يونايتد لهيئة الإستثمار العام.

 ويجب أن تكون حقوق الإنسان الخط الأحمر في أي عملية بيع مقترحة”.

 وكان أشلي مالك النادي منذ عام 2007 قد وضعه للبيع عام 2017 وكان المالك الجديد يأمل بتوقيع العقد الذي دعمته الممولة البريطانية أماندا ستيفلي قبل بداية الموسم في الشهر الماضي.

 شراء الشخصيات

وفي محاولة لتحسين الصورة المشوهة وسعياً لاستمالة البريطانيين عمدت السعودية لشراء بعض الشخصيات صاحبة الثقل والتي يمكنها التأثير في دوائر صناعة القرار البريطاني حيث نشرت مجلة “ذي سبكتاتور” البريطانية، خبرا عن تعيين وزير الخزانة البريطاني السابق، فيليب هاموند، مستشارا للسعودية.

  وأكدت المجلة أن العمل الذي سيتولاه هاموند سيكون مدفوع الأجر وكمستشار لوزارة المالية في المملكة في وقت تحضر فيه لاستقبال قمة العشرين في تشرين الثاني/نوفمبر.

وكشفت لجنة تقوم بالرقابة على تعيينات الوزراء السابقين، عن مجموعة من الوثائق التي أظهرت أن هاموند سيتولى وظيفة مع الحكومة السعودية.

وأخبر هاموند اللجنة بأن الدور الذي سيقوم به هو التعاون مع الدول الأعضاء بما فيها بريطانيا نيابة عن السعودية.

 وتعلق المجلة بأن وزير الخزانة السابق الذي قال في أيلول/سبتمبر، إن حزب المحافظين لم يعد “متسامحا” ومصاب بمرض “الأيديولوجية الطهورية التي لا تتسامح مع أي معارضة” ليست لديه مشكلة في التعاون مع نظام يقوم باضطهاد نقاد الحكومة ويقطع رؤوس المتهمين ومتهم بقتل وحشي للصحافي جمال خاشقجي عام 2018.

ويقيم هاموند علاقات قوية مع السعودية منذ سنوات، ففي 2015 عندما كان وزيرا للخارجية تعرض للشجب بعد قبوله ساعة قيمتها 2,000 جنيه إسترليني من رجل أعمال سعودي، رغم المنع على مسؤولي الحكومة قبول هدايا.

 وفي تموز/يوليو العام الماضي، زار هاموند المملكة بصفته وزيرا للخزانة في محاولة للترويج لعمليات الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.

وفي تلك الزيارة التي دفع كلفتها دافع الضرائب البريطاني، قابل وزير المالية السعودي الذي عرض عليه الوظيفة.

ويبدو أن هذا لم يضايق اللجنة الحكومية التي ختمت على التعيين. وطلبت اللجنة من هاموند أن يشارك شخصيا مع الحكومة رغم أن هذا لن يمنعه من التواصل مع الحكومة البريطانية نيابة عن السعودية.

وتأمل اللجنة أن يعمل هاموند، بما يخدم المصالح القومية البريطانية، وفي رد من المتحدث باسمه قال: “تحظى السعودية حاليا برئاسة مجموعة جي20، وهو يقدم لها الاستشارة في هذا السياق”.

وتلعب جي20 دورا حيويا في تحضير الاقتصاد العالمي لمرحلة ما بعد التعافي من كوفيد والتأكد أن التعافي شامل قدر الإمكان.

اقرأ أيضًا: معارض سعودي بارز يحذر من عواقب استحواذ بن سلمان على نيوكاسل