العدسة – منصور عطية
لم تكد تهدأ حرب التصريحات الهجومية بين البلدين، حتى اشتعلت من جديد على لساني زعيمي البلدين، في تطور لافت فتح الباب على مصراعيه أمام السيناريوهات المستقبلية لهذه المعركة.
“الأزرار النووية” كانت محل الجدل هذه المرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي “كيم جونج أون”، بدأها الأخير بتصريح مثير، الاثنين الماضي، حين قال: “الولايات المتحدة بأسرها تقع في مرمى أسلحتنا النووية والزر النووي دائما على مكتبي وهذا واقع وليس تهديدًا”.
بعدها بيومين فقط رد ترامب بتغريدة على تويتر قال فيها: “كيم جونغ أون قال إن لديه زر نووي موجود بشكل دائم على مكتبه. هل يمكن لشخص ما من نظامه، أن يبلغه بأن لدي أيضًا زرا نوويا، لكنه أكبر بكثير وأكثر قوة ويعمل”.
تواصل أزعج ترامب
وبالتزامن مع تصريح ترامب، أقدمت كوريا الشمالية على خطوة أزعجت ترامب كثيرًا، حيث أعلنت إعادة الاتصالات المباشرة مع جارتها وعدوتها الجنوبية، المتحالفة مع الولايات المتحدة.
وأكدت كوريا الجنوبية أنها تلقت اتصالا من بيونج يانج صباح الأربعاء، كبداية لفتح خط ساخن للتواصل بعد عامين تقريبًا من تعطيله.
وكان الزعيم الكوري الشمالي قد أعلن في وقت سابق أنه مستعد للحوار مع سول وإرسال فريق إلى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية الشهر المقبل.
وعلى الرغم من أن رد فعل ترامب كان مشيدًا بخطوة المحادثات، إلا أنه لم يخف امتعاضه من الأمر، فقال في تغريدة الخميس: “هل يعتقد أحد حقا أن المحادثات ستجرى بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، لكن إذا لم نكن جادين وصارمين وعازمين على استخدام القوة الكاملة ضد كوريا الشمالية سيكون غباء.. لكن المحادثات أمر جيد”.
الحل الدبلوماسي حاضر
وعلى الرغم من لهجة التهديدات المتصاعدة بين الفريقين، إلا أن ثمة لغة أخرى هادئة تتبناها الإدارة الأمريكية على لسان مسؤولها العسكري الأول وزير الدفاع جيمس ماتيس.
فعلى مدار الشهر الماضية، سعى الرجل إلى التأكيد على استبعاد شبح نشوب مواجهة عسكرية بين البلدين، والتحذير من خطورة مآلاتها، آخرها كان في ديسمبر الماضي.
“ماتيس” رد على تساؤل بشأن فشل الجهود الدبلوماسية غداة إطلاق بيونج يانج صاروخا بالستيا جديدا عابرا للقارات، بقوله: “أنا لست مستعدا للقول أن الدبلوماسية فشلت.. سنواصل العمل على المسار الدبلوماسى، سنواصل العمل مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وسنفعل ذلك بلا كلل”.
قبلها بنحو شهر واحد قال ماتيس في تصريحات صحفية: “هل نمتلك حلولا عسكرية للدفاع في حال تعرضنا لهجوم، أو تعرض حلفاؤنا لهجوم؟ طبعا لدينا.. لكن الجميع يسعون لحل سلمي”.
وفي أغسطس قال إن الولايات المتحدة “لا زالت تأمل في حل أزمة كوريا الشمالية دبلوماسيا”، وبعد أيام من تصعيد في اللهجة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، قال ماتيس إن الحرب ستكون “كارثية”، وإن الجهود الدبلوماسية “تحرز نتائج”.
سيناريوهات الخناقة النووية
هذا الحديث عن الدبلوماسية لا يخفي بطبيعة الحال المخاوف الأمريكية من إقدام كوريا الشمالية على توجيه ضربة نووية مباشرة ضد أمريكا أو حتى لجارتها الجنوبية.
وهذا ما عبر عنه وزير الدفاع الأمريكي، بقوله إن بلاده أعدت خطة عسكرية اطلع عليها الرئيس، لا تعرض كوريا الجنوبية لخطر الانتقام العسكري، الذي يتخوف منه كثيرون.
الترسانة النووية لكوريا الشمالية تعتبر مصدر التهديد الأول بالنسبة للولايات المتحدة، لذلك من المحتمل أن تسعى إلى القضاء عليها، وفق المآلات الأكثر قتامة والتي تقود جميعها لهجوم تشنه أمريكا وفق 3 سيناريوهات محتملة.
-الأول تنفيذ هجوم ضد كوريا الشمالية قصد ضرب منشآتها النووية، عن طريق الغواصة النووية “ميشيجان”، التي وصلت في الآونة الأخيرة إلى المياه الكورية، بمرافقة حاملة الطائرات “سترايك جروب”.
هذا السيناريو يعتبر كافيا لإلحاق أضرار جسيمة بمفاعلات القاعدة النووية “يونبيونج” و”تايشون”، فضلًا عن المنشآت الثانوية، لكنه الأقل تعقيدًا ووحشية لأن الهجوم يستثني المدنيين.
في المقابل من المؤكد أن تنفذ كوريا الشمالية هجوما مضادا، يمكن أن يتمثل في ضرب أهداف تابعة للولايات المتحدة، على غرار حاملة الطائرات “سترايك جروب”، والقواعد الأمريكية في اليابان، وكوريا الجنوبية، أو إطلاق صواريخ قصيرة أو متوسطة المدى، محملة برؤوس حربية تقليدية.
-السيناريو الثاني يشير إلى أن تعمل الولايات المتحدة على تدمير المنشآت العسكرية، إلى جانب المنشآت النووية والصاروخية، وفي هذه المرحلة، ستطلب أمريكا الدعم من القوات المسلحة التابعة لكوريا الجنوبية والبحرية اليابانية، لأجل القضاء على المفاعلات وقواعد إطلاق الصواريخ التابعة لكوريا الشمالية، فضلا عن مواقع تخزين الصواريخ المحمولة، وتلك التي تخزن فيها الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
هذا السيناريو سيكلف الولايات المتحدة خسارة قواعدها المتمركزة في كل من اليابان وكوريا الجنوبية، فضلاً عن ذلك، من المحتمل أن تطال الصواريخ التابعة لكوريا الشمالية الولايات المتحدة الأمريكية أيضا، خاصة أنها أصبحت ضمن محور الهجوم الذي وضعته.
-أما السيناريو الثالث، سيكون عبارة عن هجوم واسع النطاق، كانت قد أدرجته الولايات المتحدة في مخططها التنفيذي السري “أوبلان 5015″، لأجل تدمير كوريا الشمالية والشروع في توحيد شبه الجزيرة الكورية.
وفي هذا الإطار ستعمل الولايات المتحدة على تسديد ضربة وقائية ستشمل المنشآت الأساسية العسكرية لكوريا الشمالية، ومخازن الأسلحة، وكذلك كبار قادتها.
ومن المحتمل أن تنفذ هذا المخطط بالاعتماد على أسلحة نووية تكتيكية، حيث سيقع استهداف المقرات الرئيسية في كوريا الشمالية، بما في ذلك القوات المسلحة، ومراكز الاتصالات والقيادة، ناهيك عن قواعد إطلاق الصواريخ، حيث توجد مختلف القوات المدرعة.
لكن من شأن هذا الهجوم أن يدفع كوريا الشمالية إلى خوض حرب فعلية ضد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، وخلال هذه الحرب، قد تستخدم “بيونج يانج” ما يربو عن 50 رأسا نوويا لأجل ضرب المدن الكبرى، والمنشآت العسكرية التابعة لكوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة.
اضف تعليقا