ِأشار “دانيال بايمان” أستاذ دراسات الأمن في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون الأمريكي، إلى وجود 5 سيناريوهات محتملة للرد الإيراني الخطير المتوقع، على اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” بالعراق.
وفي تحليل نشره بموقع VOX الأمريكي، الجمعة، قال “بايمان”: إن عملية اغتيال “سليماني” ستكون على الأرجح نقطة تحول في علاقات واشنطن مع العراق وإيران، وسيؤثر بشكل كبير على الموقف الأمريكي الشامل في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن رد الفعل الإيراني قد يكون ضخمًا وخطير.
واعتبر “بايمان” شن هجمات على القوات والمصالح الأمريكية في العراق بمثابة سيناريو أول للرد الإيراني المحتمل، خاصة أن طهران أمضت أكثر من 15 عامًا في بناء شبكات واسعة موالية لها من الميليشيات العسكرية والسياسيين على السواء.
وأضاف أن مدى نقطة التحول يعتمد على مدى استعداد الولايات المتحدة لرد فعل إيران ووكلائها في الشرق الأوسط إزاء اغتيال “سليماني”.
وفي السياق، أشار الخبير الأمريكي إلى أن إيران حشدت وكلاءها المحليين، قبل مقتل “سليماني”، للتظاهر بعنف بمحيط السفارة الأمريكية في بغداد، ما خلق مخاطر أمنية جسيمة على الموظفين هناك.
ويزيد من احتمال هكذا سيناريو، بحسب “بايمان”، أن الولايات المتحدة قتلت زعيم ميليشيا كتائب حزب الله العراقية الموالية لإيران “أبو مهدي المهندس”، بعد أن شنت الكتائب العديد من الهجمات على القوات الأمريكية والعراقية، بطلب من إيران على الأرجح.
وبالإضافة إلى الرغبة في إرضاء طهران، فإن المليشيات الموالية لإيران في العراق لديها غضب خاص من مقتل “المهندس” والاعتقالات التي طالت قادتها، وتتوق إلى الانتقام لهم.
وعلى المستوى السياسي، يرجح “بايمان” أن يعزز مقتل “سليماني” سطوة إيران على المسؤولين العراقيين، الذين يرتبطون – بحكم الضرورة وفي بعض الحالات باختيارهم – بروابط وثيقة مع طهران، وربما ازداد الضغط عليهم لإخراج القوات الأمريكية من البلاد، وهو ما يمكن أن يستجيبوا له.
السيناريو الثاني والثالث للرد الإيراني، بحسب “بايمان”، يتمثل في شن هجمات على القوات الأمريكية في أفغانستان أو سوريا، سواء عبر الحرس الثوري الإيراني أو وكلائه المحليين.
فالحرس الثوري، الذي يتصدره فيلق القدس، هو الرابط الرئيسي بين إيران ووكلائها المحليين في عدة دول، بينها سوريا وأفغانستان إضافة إلى لبنان والعراق واليمن، ويمكنه تكرار ما فعله في العراق، عندما زود وكلائه بعد عام 2005 بمتفجرات متطورة يمكنها اختراق المركبات المدرعة الأمريكية، ما أدى إلى مقتل ما يقرب من 200 أمريكي.
وقد ينتج عن هكذا اتجاه السيناريو الرابع لرد الفعل الإيراني، متمثلا في استهداف سفارات أمريكية بالتفجير، وهو ما سبق لحزب الله اللبناني، فعله في بيروت، إضافة إلى استهدافه ثكنات قوات مشاة البحرية (المارينز) هناك، ما أسفر عن مقتل 220 من مشاة البحرية وعشرات الأمريكيين الآخرين.
أما السيناريو الخامس، فيتمثل في أن تستهدف إيران أو وكلاؤها المدنيون الأمريكيون، خاصة أن بعض هؤلاء الوكلاء “يفتقرون إلى المهارة اللازمة لضرب الأهداف الرسمية المحمية جيدًا” حسبما يرى “بايمان”.
ويشير الخبير الأمريكي إلى أن هكذا سيناريو سينطوي على رسالة أوسع من طهران لترهيب الولايات المتحدة.
لكن هل إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” مستعدة لعواقب تصعيدها باغتيال “سليماني”؟
يرى الخبير الأمريكي أن الإجابة تعتمد على مدى استعداد الولايات المتحدة للرد الإيراني المحتوم، عبر قدرتها على إقامة تحالفات قوية.
ويؤكد “بايمان” أن هكذا تحالفات ضرورية لردع إيران ودعم المزيد من العمليات العسكرية ضدها إذا فشل الردع، والمساعدة في حراسة المنشآت الأمريكية، إضافة إلى تقاسم عبء الحشد الدفاعي.
لكن إقامة هكذا تحالفات مهدد لسوء الحظ، حسبما يرى الخبير الأمريكي، خاصة بعدما رفضت إدارة “ترامب” الرد عسكريا بعد أن هاجمت إيران منشأة نفطية سعودية في 14 سبتمبر/أيلول الماضي وأرسلت رسالة مفادها أن السعودية تقف وحدها من أجل أمنها.
ويعزز القلق بشأن القدرة الأمريكية على التحالف ضد إيران موقف إدارة “ترامب” من اتجاه كل من قطر والسعودية وتركيا والإمارات لتحقيق أهداف مشتركة في بلدان مثل سوريا وليبيا، بدلاً من محاولة إيجاد موقف مشترك من شأنه أن يزيد من نفوذ الولايات المتحدة وقوة المساومة في الصراع مع إيران.
ومن غير الواضح ما إذا كان الحلفاء سيتجمعون الآن على راية واشنطن، وحتى إذا فعلوا ذلك، فقد لا يكونون متحمسين للوقوف إلى جانب الولايات المتحدة، حسب تقدير “بايمان”.
ويشير الخبير الأمريكي، في هذا الصدد، إلى أن “ترامب” نفسه لم يخف رغبته في إنهاء الوجود العسكري الأمريكي بالشرق الأوسط، ولذا فإن الولايات المتحدة قد تواجه معضلة في حال إبقائها قوات محدودة في العراق وسوريا وأفغانستان، لأنها ستكون عرضة للهجمات الإيرانية.
ولذا يخلص “بايمان” في تحليله إلى أن سياسة “ترامب” في الشرق الأوسط تؤشر إلى أن إدارته غير مستعدة على الأرجح لرد فعل إيراني خطير، بما يعني أن مقتل “سليماني” ليس سوى “انتصارا أجوفا وقصير الأجل”.
اضف تعليقا