العدسة – ياسين وجدي :
ضحايا في قلب عرض عسكري في إقليم مضطرب إيرانيا ويبحث عن حقوقه ، وهو إقليم الأهواز كفيلا في ظل التصعيد الامريكي السعودي الاماراتي ضد إيران بحسم من الفاعل ، ولكن النفي لازال سيد الموقف.
“العدسة” يبحث عن المستفيد من الهجوم في هذه التوقيت مع تقارب طريقة الحادث من طريقة اغتيال الرئيس المصري الاسبق أنور السادات ، وفي ظل التخطيط المحكم للجريمة وهو ما يرجح أن جرس الاتهام مازال معلقا في رقبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحليفيه الأميرين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد حتى اشعار آخر .
نفي يثير الشك !!
رفضت أمريكا الاتهامات التي وجهت لها ضمنيا ومباشرة من النظام الايراني والمحسوبين عليه في جريمة الأهواز التي أودت بحياة 25 شخصا ، وألقت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة نيكي هيلي الكرة في ملعب النظام الايراني، وبألفاظ حادة قالت هيلي : “بإمكان الرئيس الإيراني حسن روحاني أن يلقي اللوم علينا كيفما يشاء ولكن عليه النظر إلى الداخل”، ولكن اضافتها أثارت الريبة بما يكفي لالقاء مزيدا من الشكوك حول تورط أمريكا بشكل أو آخر.
هيلي رجحت في تعقيبها أن الداخل الايراني هو المسئول لكن لم تتحدث عن الداعم ، حيث أكدت أن النظام الايراني أمام إيرانيين يحتجون، لأن – بحسب رأيها – كل المال الذي يصل إلى إيران يذهب إلى جيشها، والنظام يقمع شعبه منذ أمد بعيد.
هيلي تلخص ما حدث بقولها – وهي من أقرب المسئولين للرئيس الامريكي دونالد ترامب كما هو رائج عنها – : “أعتقد أن الإيرانيين ضاقوا ذرعا وهذا هو سبب ما يحصل” لكن سرعان ما أوضحت في تصريحاتها اللافتة ، أن الإدارة الأمريكية لا تسعى إلى “تغيير النظام” الإيراني أو أي مكان آخر في العالم.
ورغم تورط الامارات الواضح في دعم الارهاب وحرب العصابات والحروب والاغتيالات وفق وثائق وتقارير متواترة ، فقد نفى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أي علاقة لبلاده في الهجوم لكن بنفس الطريقة الأمريكي القى بالكرة في الملعب الايراني متهما طهران بـ”التحريض” ضد بلاده ، واستخدامها للتنفيس المحلي في مشابهة لافتة في طريقة الرد.
لكن إيران التي اتهمت دولة خليجية بالتورط في الجريمة دون أن تسميها ، حذرت القائم بالأعمال الإماراتي من أن “الحكومة الإماراتية ستتحمل مسؤولية أي دعم فاضح للإرهاب يعلنه أفراد مرتبطون” بها، وهو ما يحسم الاتهام.
من المتهم
ايران حسمت المسألة على لسان المرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي ، الذي صرح بأن المهاجمين الذين قتلوا 25 شخصا في عرض عسكري تلقوا رواتبهم من السعودية والامارات العربية المتحدة، وبالفاظه قال الرجل الأول في إيران : “بناء على التقارير فان هذا العمل الجبان ارتكب من قبل أشخاص يقدمهم الأمريكيون للمساعدة عندما يكونون محاصرين في سوريا والعراق ويتقاضون رواتبهم من السعودية والامارات”.
لكن الإتهامات الإيرانية واقعيا لم تتوقف عن الامارات والسعودية والولايات المتحدة الامريكية ، حيث سمى مسؤولون إيرانيون الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراء الهجوم ، وسمى الرئيس الايراني حسن روحاني من وصفهم بـ” دمى الولايات المتحدة”.
في نفس الوقت حملت “الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية” “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني مسؤولية الهجوم لـ”حماية مصالح النظام الإيراني، وكذلك فعل وليد الطبطبائي، النائب بالبرلمان الكويتي، الذي ألقى باللائمة على المخابرات الايرانية ، مرجحا أن هجوم الأهواز من تدبير المخابرات الايرانية لغرض يخدم النظام الايراني مثل شن حملة على السعودية او غيرها و اشغال الايرانيين عن اوضاعهم المتردية”، وهي نفس الاسباب التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية والامارات ، لكن الطبطبائي نقل الاتهام إلى الداخل ، وسمى “المخابرات”.
وفي المقابل أعلن تنظيم “داعش” الإرهابي المسؤولية عنه، في بيان منسوب له عبر صفحات محسوبة عليه على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع اعلان يعقوب حر التستري المتحدث باسم حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، وهي جماعة عربية مناهضة للحكومة الإيرانية، أن المنظمة التي تنضوي حركته تحت لوائها والتي تضم عددا من الفصائل المسلحة، هي المسؤولة عن الهجوم.
من المستفيد ؟!
والأمر هكذا ، فالأفضل وفق باحثين ومراقبين أن نلجأ لنظرية من المستفيد ، حيث يقول الباحث في الشأن الإيراني حكم أمهز، أن اتهام بلاده للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بالوقوف خلف هجوم الأهواز، مستندا إلى أدلة تتمثل بعضها في تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من قبل بتحويل المعركة إلى داخل إيران إضافة إلى ما وصفه بوقوف السعودية وراء دعم كل التنظيمات الإرهابية، كما أشار إلى تصريح مستشار ولي عهد أبو ظبي في إطار التعقيب الإماراتي على الهجوم.
وقد يكون المستفيد بحسب البعض جماعات الاهواز المعارضة المسلحة ، خاصة في ظل تصاعد السياسات العنصرية للنظام الإيراني ضدهم ، ومواجهة مظاهراتهم النظام بالقمع والرصاص، وهنا يمكن فهم ظهور جماعة معارضة اهوازية في تبني الحادث بسرعة ، لكن قد تكون لافتة لجهات أخرى ، حققت من خلالها مكاسب ميدانية بجانب تحقيق ضربة للنظام الايراني في الداخل الذي يتعرض للقمع .
شبح السادات الذي استخدمته مصر عبر منصة شبه رسمية قد يكون هو النموذج الذي جرى به استهداف العرض العسكري بغرض التخلص من الرئيس الايراني نفسه حسن روحاني ، وهو ما أشار إلى بعضه موقع اليوم السابع المحسوب على اجهزة أمنية مصرية سيادية ، حيث كتب مدير تحرير بارز بالموقع تحت عنوان ” قتلوا السادات بالمنصة فاحتفلت إيران بالقاتل.. وبعد 37 سنة تكرر الحادث فى طهران!!”، واستعرض أوجه الشبه بين الحادثين ، وهو ما يعزز رواية استهداف النظام الايراني بالتغيير والتي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية نفيها !!.
ما المتوقع ؟!
اللهجة الايرانية حتى الآن حادة ، لكنها متوقعة في سياق تخفيف البعد الداخلي بحسب مراقبين ، حيث قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف علی الهجوم : ” سنرد ردا حاسما وسریعا علی الهجوم الإرهابي في أهواز” ، لكن التلفزيون الرسمي الإيراني نقل عن نائب قائد الحرس الثوري حسين سلامي قوله، : على زعماء أمريكا وإسرائيل توقع رد إيراني “مدمر ، لقد رأيتم انتقامنا من قبل، سترون أن ردنا سيكون ساحقا ومدمرا وستندمون على فعلتكم”، وفي نفس السياق قال وزير الدفاع الإيراني، العميد أمير حاتمي: “إن بلاده سترد على الهجوم ردا مباغتا وسريعا”.
سياسة الاستدعاءات استهدفت تفريع الشحن الايراني فيما يبدو ، حيث جرى مساء السبت استدعاء عدد من السفراء منهم سفیري هولندا والدنمارك إلى الخارجیة الايرانية ، وجرى ابلاغهم إحتجاج ایران الشدید على اقامة بعض المتورطين في هذین البلدین بحسب بيان رسمي.
ولكن قد لا يستمر التصعيد فوق هذه الاجراءات الكلامية والدبلوماسية ، بحسب البعض، إلا إذا جرى تفعيل تعليمات الرئيس الايراني حسن روحاني بأن يكون “رد إيران على أدنى تهديد سيكون قاطعا ومدمرا” خاصة أنه جري تهديد من اسمتهم إيران بـ” الذين يقدمون الدعم الإعلامي والمعلوماتي للإرهابيين” قائلة : “عليهم أن يتحملوا المسؤولية”.
لكن روحاني، في هذه الاطار حدد شرطين لانفاذه وعده بأن ” حادثة الأهواز الإرهابية، لن تبقى دون رد،” حيث لفت الانتباه إلى أن الرد سيكون متماشيا مع الأطر القانونية والمصالح الوطنية للبلاد، دون أن يحدد معايير لذلك وهو ما يجعل الرد معلقا على تحقيق الشرطين.
اضف تعليقا