كشف تقرير لشبكة “سي إن إن” الأمريكية، الضوء عن الأسباب التي جعلت مصر، أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان، إلى دولة مدمنة للقروض والديون.
وذكر التقرير أن أحدث هذه القروض التي ستتحصل عليها مصر، سوف يقدمه صندوق النقد الدولي، وتصل قيمته 3 مليارات دولار، وهي حزمة المساعدات الرابعة لمصر خلال 6 سنوات بالتزامن مع تدهور وضعها المالي.
وقال خبراء، إن القرض المذكور، إلى جانب مليارات الدولارات من التدفقات النقدية الواردة من أبو ظبي والرياض، عبارة عن مساعدات إسعافية، مصممة لإبقاء أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان واقفة على قدميها.
ومع ذلك، فبدون الإصلاحات المناسبة، قد لا تتمكن مصر أبدًا من التخلص من مشاكلها المالية المزمنة وكسر إدمانها المتزايد على الديون.
وخلال الأشهر الأخيرة، انخفضت قيمة الجنيه المصري، حيث فقد 14.5٪ من قيمته مقابل الدولار في أكتوبر/تشرين أول.
وأصبحت مصر الآن مدينة بأكثر من 52 مليار دولار لمؤسسات متعددة الأطراف، 44.7٪ منها على الأقل مستحقة لصندوق النقد الدولي وحده، بينما يبدو أنه لا نهاية تلوح في الأفق لهذه الديون وتدهور الوضع المالي لمصر.
ويرى محللون أن أزمة مصر تكمن في عجزها الواضح عن تغيير الطريقة التي يعمل بها اقتصادها، بما في ذلك تخفيف الرقابة الصارمة التي يمارسها الجيش ومؤسساته العديدة.
وأوضح المحللون أن هذا الأمر يعيق التنافس من قبل القطاع الخاص كما يبعد الاستثمار.
وقال الموقع إن مصر على طريق إدمان الديون منذ عدة سنوات، ففي عام 2016، أبرم رئيس البلاد “عبدالفتاح السيسي” صفقة مع صندوق النقد الدولي لمنح حكومته قرضا بقيمة 12 مليار دولار.
وتم منح مصر هذا القرض بشرط تعويم العملة المصرية، الأمر الذي أدى في النهاية إلى خفض قيمة الجنيه بمقدار النصف في غضون أسابيع، ما أدى إلى ارتفاع التضخم.
وأقدمت الحكومة على تطبيق إجراءات تقشفية قاسية – بما في ذلك خفض الدعم على الوقود والكهرباء – في محاولة لاستعادة الموارد المالية الحكومية.
وعلى الرغم من خطة الإنقاذ، كافحت مصر لانتشال نفسها من الوضع المالي المتدهور، حيث عزا المحللون الإخفاقات المتكررة في إنعاش الاقتصاد إلى الاتفاقات الفضفاضة وسوء إدارة القروض.
وقال “تيموثي قلدس” زميل السياسة في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط: “إنها (القروض) ليست فقط مجرد ضمادات مؤقتة، ولكنها أيضا ليست مشروطة بطريقة من شأنها أن تدفع في الواقع للإصلاحات اللازمة للسماح للاقتصاد المصري بالتعافي”
وأضاف: “مؤخرًا يبدو أنهم (المقرضون متعددو الأطراف) بدأوا يلاحظون ذلك أخيرًا، ويبدو أنهم يريدون رؤية بعض هذه الإصلاحات، لكنهم لم ينجحوا في إقناع المصريين بها”.
وتنفق الدولة التي تعاني من ضائقة مالية، الكثير من أموالها على المشاريع الضخمة الفاخرة التي يصفها النقاد بأنها “غير ضرورية”، في حين يبدو أن القطاعات الأخرى في حاجة ماسة إلى الدعم، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية.
وقال “ستيفان رول” رئيس قسم الشرق الأوسط في المعهد الألماني للشؤون الدولية: “لم تُستخدم القروض في المقام الأول لتحسين ظروف الإطار الاقتصادي، ولكن لحماية عائدات وأصول القوات المسلحة، ولتمويل المشاريع الكبرى التي يمكن للجيش أن يكسب فيها أموالاً كبيرة.
ودافعت السلطات بشكل متكرر عن المشاريع العملاقة للدولة، بحجة أنها حسنت البنية التحتية والنقل والاتصالات.
وقال رئيس الوزراء “مصطفى مدبولي” بمؤتمر صحفي في مايو/ أيار “هذه مشروعات لا يمكن وضعها جانبا لأنها مشروعات يحتاجها المواطن المصري”.
وألقى “مدبولي” باللوم على جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وتداعيات حرب أوكرانيا في تفاقم مشاكل مصر المالية.
وتصر السلطات المصرية على أنها تحرز تقدما، ودعا “السيسي” مرارًا وتكرارًا الشركات المملوكة للجيش إلى إدراجها في البورصة، لكن لم يتم اتخاذ سوى القليل من الخطوات الملموسة لتحرير تلك الشركات.
اقرأ أيضا: صندوق النقد يصرف الشريحة الأولى لمصر من قرض قيمته 3 مليار دولار
اضف تعليقا