العدسة _ باسم الشجاعي
في الوقت الذي يتباهى به حكام دولة الإمارات العربية المتحدة، بجهود دولتهم في تعزيز واحترام حقوق المرأة وتمكينها، تكشف شهادات معتقلات بسجون أبوظبي، الوجه الآخر لأبناء زايد.
ووفق الشهادات التي وثقتها مؤسسات حقوق الإنسان، فإن أبوظبي لا تكف عن تعذيب المعتقلات الإماراتيات والأجنبيات، داخل السجون.
شهادات حية
وفي ندوة خاصة عقدت مساء أمس “الأربعاء” 30 مايو، استمع حقوقيون وناشطون بريطانيون لشهادات من معتقلات إماراتيات وأجنبيات، روين ما قاسينه من أصناف التعذيب النفسي والجسدي داخل سجون أبوظبي.
وعرضت سيدتان للحاضرين عبر “سكايب” (موقع اتصال مرئي عبر الإنترنت) تجربتهما في الاعتقال بالإمارات، إذ تعرضت إحداهما، وهي من جنسية غير عربية، للاعتقال في أبوظبي، لكنها طلبت عدم ذكر اسمها خوفًا على ذويها.
وقالت إنه ألقي بها في السجن لستة أشهر دون السماح لها بمعرفة التهمة، وأضافت أنها وقّعت على أوراق، رغم أنها لا تفهم العربية، وشرحت لهم أنها لا تفهم العربية، ورغم ذلك أجبروها على التوقيع، مضيفة أنها ورغم كونها تواجه مشاكل صحية لم يسمح لها برؤية طبيب، ولم يسمح لها بالتواصل مع سفارة بلدها، ما جعل ذويها يعتقدون أنها توفيت.
وأما السيدة الثانية فقالت إنها كانت معتقلة منذ 25 ديسمبر الماضي بالإمارات، وأنها تعرضت للإهانة الجنسية والتعذيب النفسي والبدني، ووصفت مكان الاحتجاز بأنه مليء بالأوساخ والصراصير، مع سماعها صوت صراخ عالٍ لمن يتعرضون للتعذيب، كما أن السجون غير مزودة بأية خدمات إنسانية.
مسلسل لا يتوقف
وتأتي هذه الندوة، بعد أيام من تداول ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلًا صوتيًّا للمعتقلة الإماراتية “أمينة العبدولي” تتحدث فيه عن حجم التعذيب والمعاملة السيئة التي تتعرض لها هي شخصيًّا والسجينات الأخريات في سجن الوثبة في أبو ظبي.
ووفقًا للتسجيل، تحدثت “العبدولي” عن الظروف السيئة في السجون واكتظاظ عنابرها، مشيرة إلى وجود 20 معتقلًا في بعض الأحيان في غرف لا تتسع إلا لثمانية نزلاء.
وتقبع “العبدولي” في السجن بعد أن صدر حكم من المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات بالحبس خمسة أعوام بتهم تتعلق بحرية التعبير ودعم الثورة السورية.
كما أكدت عدم وجود تكييف هواء، والغرف ذات تهوية رهيبة، فضلًا عن انقطاع المياه لساعات طويلة.
وقالت “العبدولي” إنها تجد صعوبة كبيرة في التواصل مع أطفالها الخمسة، الذين يقيمون ويتنقلون بين منازل أقاربهم حتى يتمكنوا من العثور على مأوى، موضحة أن والدهم متزوج من امرأة أخرى ويعيش في أبوظبي، وبالتالي فإن رعايتهم صعبة وغير مضمونة.
وأشارت إلى أنه حتى في الزيارة لم تكن ترى أبناءها إلا من وراء الزجاج.
وفي السياق نفسه، قالت “مريم البلوشي”، إنها اعتقلت لما كانت في آخر سنة في كلية التقنية عام 2015، واقتيدت لأحد السجون التابعة لأمن الدولة؛ حيث بقيت فيه خمسة أشهر، وحقق معها تحت الضرب والتعذيب والتهديد بالاغتصاب وإسقاط الجنسية، بحسب تسريب مسموع للمعتقلة.
واستهلت “البلوشي” تسجيلها بالتأكيد أن النزيلات يتعرضن لما وصفته “عبودية متكاملة الأركان”، وهو ما بات جليًّا من خلال اعتداء رجال الشرطة بالضرب باستخدام الحزام والعصا والركل، ما سبب إصابات خطيرة، وحاليًا توجد نزيلة مواطنة في المستشفى.
وألمحت إلى تضاعف أعداد السجينات في شهر رمضان، وخاصة في قضايا التسول، ما يسبب الحرمان من النوم نظرًا لنظام العد في أوقات متأخرة من الليل، وتكراره أكثر من مرتين، وأحيانًا يستمر العد حتى الفجر، ما يسبب الإزعاج المتواصل طوال الليل.
وكشفت “البلوشي” عن تراجع حالتها الصحية، قائله إنها “تستفرغ دمًا”، بسبب سوء التغذية وانعدام التهوية والمعاملة السيئة من قبل الضباط والشرطيات، إلى جانب العنصرية بسبب حساسية القضايا.
ونوهت إلى أن أي مكان ترغب النزيلات بالذهاب إليه كالمكتبة أو العيادة يكون بعد صراع طويل وسوء معاملة.
وعن شكواها الحبس الأمني لرئيس نيابة أمن الدولة “أحمد راشد الضنحاني”، قالت “البلوشي” إن الأخير رد عليها بالقول: سجن الوثبة “وايد خايس” (سيئ جدًّا) فيه “بلاوي”، ولا يصح لك أن تكوني معهم، على حد تعبيره.
وذكرت “البلوشي” أن المحققة في أمن الدولة “أم حميد”، قالت لها أثناء التحقيق: “تروحين مكان وايد وسخ وتاكلين أكل بايت”.
الخيارات القانونية
وبشأن الخيارات القانونية أمام الضحايا، أوضحت “سو ويلمان”، المحامية وخبيرة العقود في مجال حقوق الإنسان بالمحاكم الدولية، أنه من حق المعذبات تقديم شكاوى أمام المنظمات الدولية والمقرر الخاص الأممي لمناهضة التعذيب.
وأكدت –خلال الندوة التي عقدت أمس في لندن- أن القوانين البريطانية تعتبر التعذيب جريمة ينبغي التحقيق فيها، وإذا توفر ذلك، فالقضاء البريطاني سيحقق ويعتقل المتورطين أثناء زيارتهم للمملكة المتحدة.
وأما الخبيرة القانونية “هايدي ديجيكستال”، فأكدت وجود قوانين وقواعد عامة دولية يمكن بواسطتها مقاضاة الإمارات، مثل لجنة مناهضة التعذيب وطبقًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذلك رغم عدم توقيع أبوظبي على كل اتفاقيات مناهضة التعذيب.
اضف تعليقا