في الذكرى الأولى لمقتلها برصاص الاحتلال الإسرائيلي، والتي تصادف اليوم 11 مايو/أيار، جدد أقارب وأصدقاء وزملاء الصحفية الفلسطينية المغدورة شيرين أبو عاقلة مطالبتهم بتحقيق العدالة لها ومحاسبة الجناة المسؤولين عن مقتلها أثناء تأدية عملها.
شيرين أبو عاقلة، الصحفية الفلسطينية الأمريكية التي كانت تعمل لقناة الجزيرة قرابة العقدين، قُتلت برصاصة إسرائيلية في رأسها قبل عام أثناء تغطيتها العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين في الضفة الغربية، ورغم توثيق مقتلها بالصوت والصورة وبث حادث الاغتيال، لم تتحقق العدالة لها بعد!
لم تكتف قوات الاحتلال بقتل شيرين بمنتهى اللامبالاة لحرية الصحافة وتقديس هذه المهنة، لكنها اقتحمت جنازة شيرين واعتدت على المشيعين وعلى أقاربها عند منزلهم، واستهدفت حاملي التابوت دون إنسانية.
في البداية ماطلت قوات الاحتلال في الاعتراف بالجريمة وألقت بأصابع الاتهام على الفلسطينيين، لكن مع التحقيقات المكثفة اعترفت السلطات الإسرائيلية بوجود “احتمال كبير” لأن يكون مقتل أبو عاقلة جاء على يد جندي إسرائيلي، لكنها تمسكت بأن الوفاة كنت حدث عرضي وليست عمدية، فيما أكدت الصور والفيديوهات أن استهدافها جاء في رأسها وخلف أذنها بطريقة لا يقوم بها سوى قناص، خاصة وأنها كانت ترتدي زي الصحافة.
على مدار عام، لم تتوقف جهود المنظمات الحقوقية البارزة في المطالبة بتحقيق العدالة لشيرين ومساءلة الجناة، لكن حتى اللحظة لم يتحقق شيء.
في تصريحات خاصة، قالت داليا حاتوقة، صديقة شيرين وزميلتها الصحفية “لم تتحقق العدالة للفلسطينيين على مدار العقود الماضية، لذلك لا أتوقع الكثير من المسؤولين… لكن هذا لا ينفي مدى أهمية شيرين وتأثيرها في الجميع، لقد ألهمت شيرين جيلًا كاملاً من النساء والرجال الذين يعجبون بها وبعملها ويريدون السير على خطاها”.
كما أعلنت مجموعة كبيرة من الجامعات عن جوائز ومنح دراسية باسم أبو عاقلة، أعيد تسمية شارع في رام الله باسمها، وسيكون اسمها أيضًا على متحف إعلامي من المقرر افتتاحه في المدينة عام 2025.
الفلسطينيون وكثير من شعوب العالم على ثقة أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل مسؤولية اغتيال شيرين أبو عاقلة، وقد خلصت العديد من التحقيقات الصحفية وكذلك تحقيق الأمم المتحدة إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت الصحفية البارزة، كما تشير بعض النتائج إلى أن المجموعة الصغيرة من الصحفيين التي كانت برفقتها قد تم استهدافهم عمداً، على الرغم من أنهم كانوا يرتدون خوذات وسترات واقية مكتوب عليها بوضوح “صحافة”.
بينما تبنت إدارة بايدن الرواية الإسرائيلية للأحداث إلى حد كبير، وحاولت عرقلة إجراء تحقيق مستقل في مقتل مواطن أمريكي، أجبرتها ضغوط الكونجرس على الموافقة على فتح تحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والذي يبدو في الوقت الحالي أنه الوسيلة الواعدة من أجل تحقيق العدالة – رغم أن إسرائيل قالت إنها لن تتعاون.
كما أحالت عائلة أبو عاقلة وقناة الجزيرة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في لاهاي، لكن الإجراءات عادة ما تستغرق سنوات، خاصة وأن إسرائيل ليست عضوا فيها.
شيرين أبو عاقلة ليست الصحفية الفلسطينية الوحيدة التي قُتلت في السنوات الأخيرة ولم يُعاقب الاحتلال على وفاتها، إذ خلص تقرير جديد صادر عن لجنة حماية الصحفيين، صدر هذا الأسبوع بالتزامن مع ذكرى وفاة أبو عاقلة، إلى أن إسرائيل لم تتهم أو تجد أي جندي مسؤول عن قتل ما لا يقل عن 20 صحفياً منذ عام 2001.
وحسب التقرير “يتجاهل المسؤولون الإسرائيليون الأدلة وادعاءات الشهود، وغالبًا ما يظهرون لتبرئة الجنود من جرائم القتل بينما لا تزال التحقيقات جارية … عندما تجري التحقيقات، غالبًا ما يستغرق الجيش الإسرائيلي شهورًا أو سنوات للتحقيق في عمليات القتل، بينا لا تملك عائلات الصحفيين الفلسطينيين النفوذ للمطالبة السلطات الإسرائيلية تحقيق العدالة لأبنائهم”.
خلال عام من مقتل شيرين أبو عاقلة، تصاعد العنف الإسرائيلي بشكل كبير، وقُتل منذ مطلع العام الجاري فقط أكثر من 116 فلسطينيًا، بينهم نساء وأطفال.
وفقًا لبيانات الجيش التي حللتها منظمة يش دين الإسرائيلية لحقوق الإنسان، يتمتع الجيش الإسرائيلي بحصانة شبه كاملة من الملاحقة القضائية في الحالات التي يتعرض فيها الفلسطينيون وممتلكاتهم للأذى على يد الجنود، وحسب البيانات فإنه في الفترة بين 2017 و2021 فتح تحقيق في 21.4٪ فقط من الشكاوى، ومن بين 248 تحقيقًا، أسفر 11 فقط عن توجيه اتهامات للمدعي عليهم، مما يجعل المعدل 0.87٪.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا