العدسة – معتز أشرف

لا يريد رباعي حصار قطر والتطبيع مع الصهاينة، وقف آلة “الشيزوفرينيا” في قصور الحكم في “الإمارات ومصر والسعودية والبحرين “، فقد جمعهم موقف واحد مناهض لحقوق الإنسان، ولكنهم يسعون اليوم -وفقا للحقوقيين والمراقبين- لتزوير الحقائق مع انطلاق أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عبر سياق مضلل لكافة الحقائق، ومتنافٍ مع التقارير المتواترة التي كشفت انتهاكات حقوق الإنسان ببلادهم، وباتت حقائب ممثليهم في جنيف تمتلئ بأكاذيب كثيرة، مراعاة للتجمل أمام المجتمع الحقوقي الدولي، الذي كثيرا ما أطلق قذائفه الحقوقية ليدك بها حصون الانتهاكات بالدول الأربع، لتكون علامات التعجب الأكثر حضورا في مشهد جنيف، في مواجهة الطغاة الأربعة (محمد بن سلمان، ومحمد بن زايد، وعبد الفتاح السيسي، و حمد بن عيسى) الذين وصلوا لقمة التناقض رغم استمرار الفضح والتحدي من قبل الحقوقيين .

فضح التناقضات !

التناقض الصارخ في مواقف الدول الأربع، دفع محاميَيْن بريطانيَّيْن لمواجهة رأس الانتهاكات وهي السعودية، وطالبا بتعليق عضوية الرياض في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قبيل انعقاده، وجاء في تقرير أعده المحاميان؛ كين ماكدونالد، ورودني ديكسون، أن السلطات السعودية تعتقل العشرات من المعارضين السلميين دون محاكمة، ودون تهمة رسمية موجهة لهم، ومن المقرر أن يقدم المحاميان التقرير إلى المجلس اليوم في جنيف، ويقولان فيه إن 61 عملية اعتقال تمت “خرقا للقانونين السعودي والدولي”، حيث يوصي التقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن “تنظر عاجلا في مسألة تعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان، وفقا للقرار الذي يقضي بإبعاد الدول التي ترتكب انتهاكات خطيرة ومنهجية لحقوق الإنسان”.

وفي السياق ذاته، أطلقت  الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات مؤخرا حراكاً دوليًّا على مستوى الأمم المتحدة، لطرد أبوظبي من مجلس حقوق الإنسان، مشددة على أن “الإمارات دولة قمعية بوليسية من الدرجة الأولى، تشبه نظام الدكتاتور التشيلي بينوشيه وأنظمة القمع الرجعية”، وقامت بتوجيه رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، تطالبه بـ”العمل على طرد الإمارات من المجلس، واستخدام أية صلاحيات ذات صلة”، مشددة على أن “دولة الإمارات جسم غريب على قيم حقوق الإنسان، حيث تقوم بارتكاب انتهاكات يومية ضد حقوق الإنسان” ،موضحة أن “أبوظبي تقتل وتجوع المدنيين في اليمن، وتعذب وتسجن المعارضين داخل الدولة، وتتاجر بالبشر، وتساعد تجار العبيد في ليبيا، وتساعد في تهريب البشر عبر دبي، دون أي رادع لمن يقوم بتلك التجارة”، مبرزة أن “دولة بتلك المواصفات الإجرامية هي عدو للمواثيق والعهود الدولية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون لاعبًا في صياغة حقوق الإنسان حول العالم عبر منصة المجلس في جنيف”، وفق البيان.

كما تصدى المقررون الخواص بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة للانتهاكات المتصاعدة في مصر، ونشطت عملية إصدار النداءات العاجلة من المجلس الأممي في الفترة الأخيرة بحسب مراقبين، كما صدر أكثر من بيان -في الفترة الأخيرة تحديدًا- يدين انتهاك نظام الرئيس المصري المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي لحقوق الإنسان، خاصة مع استمرار أحكام الإعدام، وقالت الناطقة باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ليز ثروسل، في بيان: “نشعر بصدمة شديدة جراء تقارير الإعدام، ويجب ألا يحاكم المدنيون أمام محاكم عسكرية أو خاصة، كما أنه من المهم اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لضمان أن تلك المحاكمات تجرى وفق ظروف توفر بشكل حقيقي الضمانات الكاملة الواردة في المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي تعد مصر طرفا فيه”، فيما كشفت مؤسسةكوميتي فور جستسعن قلق مقرري الخواص بالأمم المتحدة عبر نداءات عاجلة موجهة إلى مصر، بشأن الانتهاكات الموجهة للمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، واستنكار للاتهامات المرسلة، والرد القاصر علي اتهامات التعذيب والحبس التعسفي خارج إطار القانون، وطالبوا السلطات المصرية باتخاذ التدابير اللازمة لضمان قدرة المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر على القيام بعملهم المشروع في بيئة آمنة ومواتية، دون خوف أو تهديدات أو أعمال تخويف ومضايقة من أي نوع، موجهة ضدهم وأفراد أسرهم.

وشهدت تقارير مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الأخيرة ضد البحرين صدى مدويًّا لازال لليوم يحاصر حكومة المنامة، حيث وجهت لمملكة البحرين وسجلها الحقوقي، انتقادات لاذعة، دفعتها إلى الصراخ عاليا، وتوزيع اتهامات الانتقائية والتحيز والتسييس علي العديد من الدول؛ منها: الاتحاد السويسري، والتشيك، والدنمارك، وأيرلندا، وفرنسا، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية تضليلا واضحا، ومنها منظمة العفو الدولية، التي أكدت أن “المناظرات الرسمية الدبلوماسية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لا تعطينا  الصورة الكاملة حول ما يجري على الأرض في البحرين، فهناك واقع مرير من الضغط النفسي والملاحقات والقمع المنتظم، يعيشه البحرينيون يوميًا، خلافًا للانطباع المتفائل الذي تحاول السلطات إيهام العالم به”، متهمة السلطات البحرينية، منذ يونيو 2016، بقمع المعارضة عبر استخدام مجموعة كبيرة من الأساليب القمعية، بما في ذلك القبض والمضايقة والتهديد والمحاكمة والسجن، من أجل إخراس المنتقدين السلميين، كما أن قوات الأمن في البحرين لجأت حتى إلى تعذيب بعض المدافعين عن حقوق الإنسان، من الرجال والنساء، أو إساءة معاملتهم، وهو أسلوب لم يكن سائدًا في البحرين، حسب التقرير الصادر عن المنظمة.

 عقدة قطر !

ورغم الانتقادات الكثيرة التي تحاصر رباعي الحصار والتطبيع (الإمارات والسعودية ومصر والبحرين) في جنيف إلا أن الدول الأربع تحركت -تحت تأثير عقدة قطر- إلى العديد من الإجراءات المنافية للحقائق لمزيد من فرض الحصار علي قطر، رغم فشلهم بحسب المراقبين على مدار أكثر من عام، في تحقيق أية نتيجة ايجابية في هذا الصدد، حيث قام اللوبي الإماراتي الحقوقي “المشبوه”، الذي فشل في مهمته، والذي يقوده مستشار “بن زايد”، القيادي المفصول من حركة “فتح”، محمد دحلان، بتدشين لجنة جديدة تحت اسم “الإنصاف الدولية”، لتشويه صورة قطر، في محاولة لتدارك إخفاقاتها في الجلسة السابقة للأمم المتحدة، كما دفعت الإمارات والسعودية بعدد من المنظمات الوهمية الجديدة -من خلال المخابرات الإماراتية- في نفس الاتجاه الفاشل، ومن أبرزها: لجنة أسر وعائلات ضحايا المنشآت الرياضية لبطولة كأس العالم 2022 في قطر، والمنظمة الإفريقية للتراث وحقوق الإنسان، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في أوروبا وبريطانيا، والشبكة العربية (الموازية) للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والرابطة الخليجية للحقوق والحريات، والمؤسسة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا.

كما نشرت منابر الدول الأربع -بالتوازي وبتزامن- مواد إعلامية تتحدث عن مزاعم عن نجاح لهم في حصار قطر أمام مجلس حقوق الإنسان، حيث كشفت جريدة البيان الرسمية الإماراتية عن استعداد مسبق لذلك عبر منتدى عقد تحت عنوان ” مقاضاة قطر “، حيث تم خلاله إعداد مخطط لتشويه قطر عبر المنتدى، 3 تقارير حقوقية سترفع إلى الدورة 37 لمجلس حقوق الإنسان، معنية بمزاعم عن انتهاكات لدولة قطر !، وهو ذات التقرير الذي نشرته جريدة “عكاظ” السعودية الرسمية، وجريدة “الجمهورية” الحكومية في مصر، وجريدة “الأيام” البحرينية الرسمية !.

وفي المقابل، نددت قطر اليوم في كلمة أمام المجتمع الدولي باستمرار الحصار غير العادل عليها، وأشار وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى أنه “أطلع المجلس في ​الدورة​ الماضية على الحصار غير العادل لقطر ” فيما دعا مجلس حقوق الإنسان لوقف انتهاكات الحصار”.

تهديد وتوازن!

ويرى مراقبون أن رباعي الحصار والتطبيع، لا يريد خسارة المجتمع الحقوقي الدولي، ويحاول المماطلة في عرض ملفاته وتقديم أي تفنيد حقيقي للاتهامات الموجهة له في سياق التوازنات الدولية التي تفرض علي الرباعي إعلان الحرص على مبادئ حقوق الإنسان حتى لا تتعرض المؤسسة الأممية الدولية للإحراج، وهو ما لفتت الانتباه له 57 منظمة حقوقية دولية، حيث أرسلت رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة، تطالب بفتح تحقيق دولي في الانتهاكات التي ارتكبتها السعودية في اليمن، منتقدة تحفظ الأمين العام للأمم المتحدة على تقرير الخبراء الذي يدين السعودية بقتل الأطفال في اليمن، حيث أعربت عن خشيتها من رضوخ الأمم المتحدة للمرة الثانية لتهديدات السعودية التي أدت لإزالة اسمها من القائمة السوداء أواخر عهد “بان كي مون”، خصوصاً أن السعودية هددت بقطع التمويل عن منظمات الأمم المتحدة، وحرضت دولا خليجية على اتخاذ ذات الخطوة، وهو ما جعل أمينها العام السابق يزيل اسم السعودية من القائمة السوداء، ويقول إنه تعرض لضغوط هائلة بقطع التمويل عن المنظمات الأممية.