يبدو أن فترة التراشق الإعلامي والخلاف على المناصب السيادية والسياسية أوصلت حليفي الانقلاب اليمني إلى مكان يصعب معه الاستمرار.
والواضح أيضا أن عقد الشراكة المستمر منذ نحو ثلاثة أعوام بين جماعة الحوثي والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح قد انفرط، خاصة بعد وصف الأخير للجماعة بـ “الميليشيا” وحشد قواعد حزبه الجماهيرية خلال مؤتمر صحفي عقده يوم الأحد 20 أغسطس الجاري.
فبعد ثلاثة أعوام من هذا التحالف تعيش قوات “صالح” وجماعة الحوثي حالة من الاحتقان اشتدت حدته بعد سعي “صالح” الاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين على تأسيس حزبه “المؤتمر الشعبي العام”، وتنظيم مؤتمر جماهيري ضخم في 25 أغسطس الجاري لاستعراض قاعدته الجماهيرية العريضة.
وعلى الرغم من السيطرة الكاملة لجماعة الحوثي للعاصمة اليمنية صنعاء إلا أن ذلك لم يمنع “صالح” من استنفار قواعده الحزبية والقبلية في غالبية المحافظات لحشد أنصاره في ميدان السبعين بالعاصمة.
دعوة صالح أثارت حفيظة الحوثيين ودعوا بدورهم أنصارهم للاحتشاد أيضا عند مداخل صنعاء في اليوم نفسه تحت شعار “التصعيد مقابل التصعيد”، وسط تخوفات من وقوع اشتباكات مسلحة بين الطرفين.
ودعا صالح أنصاره إلى الابتعاد عن الاحتكاك ومحاولات جرهم إلى العنف، وذلك بعد تمزيق صور ولافتات كبرى له، ليلة السبت 19 أغسطس، كانت قد نصبت في “ميدان السبعين”، الذي سيحتضن مهرجان المؤتمر، بمناسبة الذكرى الـ35 لتأسيسه.
ويشير مراقبون إلى احتمالية أن يؤدي التصعيد الحاصل إلى تصدع تحالف الحرب الداخلية الذي تتهمه الحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية بالانقلاب على السلطة في 21 سبتمبر/أيلول 2014.
أسباب التوتر
اعتبر “عارف الزوكا” الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي أن الخلاف بين الطرفين بدأ عندما رفضت جماعة الحوثي انعقاد مجلس النواب لقبول استقالة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، مشيرا إلى أن الحوثيين احتلوا المجلس بصنعاء ومنعوا انعقاد الجلسة على الرغم من أهميتها – بحسب وصف الزوكا.
ولفت الزوكا إلى أن “الخلاف توسّع مع ضغوطات الحوثيين على حليفهم صالح، الذي فرضوا عليه حشد 40 ألف مقاتل، إلا أن الأخير قدم حتى اليوم 3 آلاف مقاتل رفضت جماعة الحوثي ضمهم للجبهات”.
كما اتهم أمين حزب المؤتمر الحوثيين بنهب 4 مليارات من خزينة الدولة واستمرار سيطرة اللجنة الثورية التابعة لهم على كل شيء ومنعها الوزراء المحسوبون على “صالح” من دخول الوزارات (في حكومة الحوثي ـ صالح غير المعترف بها دوليًا)”.
كما اتهم الزوكا الجماعة بعرقلة تعيين قائد لقوات الحرس الجمهوري، التي تُدين بالولاء لصالح”.
في المقابل، رد المتحدث باسم جماعة “الحوثي” محمد عبد السلام، فجر الإثنين، على خطاب صالح، الذي أبدى فيه أمس، استعداد حزبه لـ”فك التحالف مع الجماعة”.
وقال عبد السلام على صفحته في “فيسبوك” إن “تصريحات صالح تشويه بحق (الحوثيين)، وهي نتاج توجيهات مباشرة تصل من غرف عمليات العدوان (في إشارة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية)، وضمن توزيع الأدوار فقط”.
وأضاف عبد السلام إن “حزب المؤتمر قضى على مفهوم الدولة وحولها إلى ممتلكات حزبية”، مهددًا بـ”فتح ملفات فساد صالح وقيادات حزبه”.
وقالت وكالة أنباء “سبأ” التابعة للجماعة، إنه “صدر (أمس) قرار رئيس المجلس السياسي الأعلى (مشكل من تحالف الحوثي ـ صالح) صالح الصماد، بتعيين اللواء عبد الله يحيى الحاكم، رئيسًا لهيئة الاستخبارات بوزارة الدفاع”.
وبحسب الوكالة، فقد صدر قرار تعيين “الحاكم” من “الصماد” فقط، وليس بقرار من ما يسمى بـ”المجلس السياسي الأعلى” مجتمعًا، والذي ضم أعضاء من حزب صالح.
وقبل ساعات من القرار، اتهم صالح، ما تسمى بـ”اللجنة الثورية العليا” التابعة لـ”الحوثيين”، بأنها “تسيطر على المجلس السياسي الأعلى، وأن أي قرارات يصدرها غير متفقة مع اللجنة الثورية يتم إلغاؤها”، حسب الموقع الرسمي لحزب “المؤتمر الشعبي”.
دور الإمارات والمملكة
ووسط التوتر القائم بين الطرفين غرد وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش على خطاب صالح الأخير بأنه “فرصة لكسر الجمود السياسي في اليمن التي كرسها تعنت الحوثيين”.
واعتبر قرقاش أن المسار السياسي يبقى هو أساس الحل في الأزمة اليمنية “عبر اتفاق يجمع اليمنيين، ويمنع التدخل الإيراني، ويعالج مسائل “الإرهاب”، ومستقبل الجنوب (اليمن)، وطبيعة الحكم”. وأضاف” إن بناء دولة المستقبل يجب ألّا يستثنى أحدًا (دون الإشارة لأطراف محددة)”.
موقف صالح
تصريحات قرقاش تتماهى مع تصريحات صالح الأخيرة والتي غازل فيها المملكة العربية السعودية ووصفها بالشقيقة الكبرى، كما تواترت أنباء على وجود صفقة تضم المملكة العربية السعودية والإمارات من جهة والرئيس اليمني من جهة أخرى عبر نجله الذي يقيم في الإمارات ، تفضي إلى عودة صالح للحكم بعد القضاء على الحوثيين.
ونقل موقع “المؤتمر نت” الناطق باسم حزب المؤتمر (الجناح الذي يقوده صالح)، عن مصدر مسؤول في الحزب، قوله إنه “لا صحة لما تروج له بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي تزعم بأن حواراً يجري بين المؤتمر الشعبي العام والإمارات حول وقف الحرب”.
وأشار المصدر إلى أن “تلك الأخبار لا أساس لها من الصحة، وأنه لا يوجد أي حوار سواءً كان مباشراً أو غير مباشر، ولا بصورة علنية أو سرية”.
ولكنه لفت إلى أن حزب المؤتمر وشركاءه يرحبون بأي حوار لإيقاف “العدوان” (في إشارة إلى التحالف العربي الذي تقوده السعودية).
اضف تعليقا