العدسة – إبراهيم سمعان

يبدو أن التمهيد لصفقة القرن لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يجري بوتيرة متسارعة. اجتماعات في مصر وأخرى في واشنطن تسابق الزمن لإطلاق الخطة التي وعد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع، على حساب كل الثوابت العربية والحقوق الفلسطينية.

أحدث الاجتماعات كان ما كشفت عنه صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، التي قالت إن مسؤولي الأمن القومي الإسرائيلي التفوا حول طاولةٍ، هذا الأسبوع (صباح أمس الثلاثاء)، مع نظرائهم من السعودية وقطر والبحرين وعمان والإمارات، في واشنطن، لمناقشة الوضع الإنساني الفظيع في قطاع غزة.

وأشارت إلى أن قمة غزة، التي دعا إليها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره البارز للسلام في الشرق الأوسط، فضلا عن جيسون جرينبلات، ممثله الخاص في المفاوضات الدولية، تمثل لحظة غير مسبوقة في الدبلوماسية الإسرائيلية باعتبار حوارهم مع مسؤولين من الدول العربية معترف بهم علنا للمرة الأولى.

ونوهت إلى أن إدارة ترامب خططت للاجتماع على مدى عدة أسابيع، وأصدرت قائمة بالحاضرين صباح القمة التي ضمت مسؤولين من مصر والأردن وكندا ودول أوروبية عدة، ولفتت إلى أن مسؤولي السلطة الفلسطينية لم يحضروا الاجتماع.

ونقلت عن “جرينبلات” قوله في كلمات افتتاحية أمام المؤتمر: “نأسف لأن السلطة الفلسطينية ليست معنا اليوم، هذا الأمر لا يتعلق بالسياسة، وإنما يتعلق بصحة وسلامة وسعادة شعب غزة والفلسطينيين والإسرائيليين والمصريين”.

ومضى “جرينبلات” يقول: “كما تعرفون، نحن هنا اليوم لبحث أفكار حول كيفية التصدي للتحديات الإنسانية في غزة، وهو موضوع طالما كان في صدارة عقولنا، لقد كان هكذا من دون شك”.

ونوهت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن “جرينبلات” و”كوشنر” يضعان اللمسات الأخيرة على خطة السلام الشاملة للصراع العربي الإسرائيلي، التي يشكل حل أزمة غزة جزءا لا يتجزأ منها، وأضافت أن مسؤولي البيت الأبيض يقررون في الوقت الراهن كيفية طرح الخطة في غضون أسابيع أو بضعة أشهر قصيرة.

وأوضحت الصحيفة أن هذه ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها مسؤولون إسرائيليون وعرب في نفس الغرفة معا، مشيرة إلى أن الطرفين كانا في مؤتمر للسلام في مدريد في العام 1991، وفي جلسات استماع تابعة للأمم المتحدة حول محنة الفلسطينيين، لكن البيت الأبيض لم يستضف حدثا من هذا النوع من قبل، ناهيك عن إطلاق خطة تهدف إلى ترسيخ تحالف مزدهر بين العالم العربي السني والدولة العبرية.

وأشارت إلى أن الاجتماع عقد وسط تقارير من القناة العاشرة الإسرائيلية بأن مصر تستضيف سلسلة من الاجتماعات الهادئة بين المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين.

وحول الاجتماعات التي تجري في مصر، قال الكاتب والمحلل يوكانان فيزير، في موقع “إسرائيل ناشيونال نيوز”، إن اللقاءات بين المسؤولين السعوديين والإسرائيليين تناولت من الناحية الرسمية مشروع “نيوم” الذي يتكلف 500 مليون دولار، موضحا أن المشروع يضم جسرا عبر خليج العقبة ومشروعات زراعية ومائية، ما يجعل إسرائيل في الصورة.

ومضى يقول: “مع ذلك، فإن الجانب الذي ظل سرا في الاجتماعات هو التعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.

وأوضح أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أصبح لاعبا رئيسيا في محاولات إيجاد حل من خارج الصندوق للصراع المستمر منذ قرن، وأثار غضب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي استدعي إلى الرياض في يناير.

وتابع: “في الرياض، عُرضت لعباس محددات صفقة القرن التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعاد إلى رام الله في حالة صدمة”.

وأضاف: “قيل إن “بن سلمان” أبلغ “عباس” أنه يتعين عليه أن يكتفي بدولة فلسطينية منقوصة، وهذا يعني أن إسرائيل سوف تحتفظ بالسيطرة على وادي الأردن، ولن تحتاج إلى تفكيك أية مستوطنة في الضفة الغربية”.

وتابع: “سيتم تحديد الحدود البلدية النهائية للقدس في مفاوضات ثنائية بين الجانبين، ما يعني أن إسرائيل سيكون لديها حق الفيتو على أية خطة فلسطينية لإقامة القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية”.

ومضى يقول: “وفقا لتقارير غير مؤكدة نشرتها وسائل إعلام مؤيدة للفلسطينيين، فإن اقتراح ترامب سيستبعد أيضا ما يسمى بحل الدولتين”.

وأردف: “بدلا من ذلك، فإن الصفقة تتصور حكما مصريا في غزة، بينما يحكم الأردن مرة أخرى أجزاء من الضفة الغربية”.

وتابع: “علاوة على ذلك، يتم منح الجنسية الإسرائيلية للعرب الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، الخاضعة للولاية الإسرائيلية بحكم اتفاقيات أوسلو، حيث جميع سكانها يهود باستثناء 4% من العرب”.

ونوه بوجود تقارير تقول إن السعودية ومصر ضغطتا على “عباس” للقبول بالصفقة.

وأضاف: “يبقى أن نرى ما إذا كان لدى ولي العهد السعودي والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ما يكفي من نفوذ للمضي قدما بالخطة”.