ترجمة العدسة عن مقال لشبكة open democracy ( منظمة إعلامية عالمية مقرها لندن )

في ظل انتشار فيروس كورونا القاتل، والذي صنفته منظمة الصحة العالمية بجائحة عالمية، لا تزال الجماعات المسلحة في ليبيا تواصل تدمير البنية التحتية الصحية “المتهالكة” أصلاً بفعل الحرب المستمرة منذ سنوات.

في هذا المقال، يتم تسليط الضوء على الكيفية التي تعاملت بها السلطات في ليبيا مع الوباء المنتشر، وكيف أثر انتشاره على الصراع المستمر، وذلك من خلال رأي العديد من الخبراء والمحللين بالشراكة مع منظمة ” محامون من أجل العدالة في ليبيا”.

في مطلع أبريل/نيسان، ومع بلوغ فيروس كورونا ذروته في الانتشار في جميع أنحاء العالم، انتشرت صورة لثلاثة مقاتلين على أحد خطوط الجبهة الأمامية في طرابلس، أثارت جدل رواد منصات التواصل الاجتماعي بسبب الغموض الذي كان يحيط بها، حيث كانت الصورة لثلاثة رجال مدججين بالسلاح يرتدون معدات قتالية كاملة يرتدون أقنعة واقية من فيروس Covid-19.

بدأ انتشار الفيروس في ليبيا في مارس/آذار، خاصة بعد تأكيد أول حالة إصابة في نهاية الشهر، ومع ذلك، لم تتوقف الحرب الليبية، بل اشتد الصراع بين جميع الأطراف للسيطرة على طرابلس، مع عواقب مدمرة على السكان المدنيين.

كثفت القوات التابعة للجيش العربي الليبي بقيادة خليفة حفتر -والمدعومة عسكرياً ومادياً من الإمارات- قصفها للأحياء السكنية القريبة من الخطوط الأمامية في الضواحي الجنوبية لطرابلس، لتزداد الخسائر البشرية من المدنيين، التي تتحمل قوات حفتر بالفعل مسؤولية ما حدث لهم في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وفقاً للأمم المتحدة.

في الوقت نفسه، حققت حكومة الوفاق الوطني والقوات التابعة لها، تقدمًا كبيرًا منذ منتصف أبريل/نيسان، لكنها لم تظهر أي بادرة تذكر على تغيير أساليبها، التي تتسبب في إلحاق الأذى بالمدنيين أيضاً.

خلال العالم الماضي، تم توثيق انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب من قبل الجماعات التابعة إلى حكومة الوفاق الوطني والجيش الليبي بقيادة حفتر، بالإضافة إلى حلفائهم من الأجانب، حيث اشترك الجانبان في شن هجمات عشوائية وغيرها من الهجمات غير القانونية ضد المدنيين التي أسفرت عن مقتل مئات المدنيين منذ بدء النزاع في أبريل/نيسان 2019.

خلال زيارة إلى طرابلس في ديسمبر/ كانون الأول، رأينا بشكل مباشر الأثر المدمر لاستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان التي أتلفت البنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك مرافق الرعاية الصحية، كما قمنا بزيارة المستشفيات التي تضررت أو أغلقت نهائياً، وكذلك العيادات الميدانية التي لم تسلم من الهجوم، وقمنا بتوثيق الحالات التي قتل فيها أو أصيب سائقو سيارات الإسعاف أو المسعفين أثناء تأديتهم وظيفتهم.

وفي ضواحي صلاح الدين الجنوبية بطرابلس، زرت اثنتين من العيادات الخاصة، قريبتين من الخطوط الأمامية التي تضررت من القتال.

إحدى العيادات كانت متخصصة في أمراض النساء والولادة، تم إغلاقها بعد أن تسبب هجوم صاروخي في مقتل سائق سيارة الإسعاف في أكتوبر/تشرين الأول بعد هجوم جوي.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قُتل طفل يبلغ من العمر 9 سنوات أثناء مرافقته لوالدته في إحدى المستشفيات الخاصة، بعد قصف جوي بقذيفة “هاون”.

ومن خلال الرصد والتوثيق، تم الكشف عن أن الهجمات التي قتلت المدنيين ودمرت البنية التحتية، كانت تتم عن طريق غارات جوية وطائرات بدون طيار، التي لم تفرق بين ثكنات عسكرية أو مناطق سكنية حيوية، حيت تم استهداف الأحياء السكنية والمدارس والأسواق والمرافق الصحية.

أشارت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقريرها عن الخسائر البشرية في الربع الأول من عام 2020، إلى زيادة بنسبة 45 في المائة في الخسائر بين المدنيين مقارنة بالربع الرابع من عام 2019.

كما أبلغت منظمة الصحة العالمية عن 13 هجوما على الرعاية الصحية في ليبيا في عام 2020 حتى أوائل مايو/أيار الجاري، مما أدى إلى تدمير ثمانية مرافق للرعاية الصحية وثلاث سيارات إسعاف، بالإضافة إلى مقتل 5 من موظفي الرعاية الصحية وإصابة 17 آخرين.

ساهمت هذه الهجمات المزدوجة من الفريقين، والمستمرة حتى الآن، في قرار منظمة الصحة العالمية بإدراج ليبيا بين الدول المعرضة لخطر الإصابة بفيروس كورونا بنسبة أكبر من غيرها من الدول، خاصة في ظل النظام الصحي الليبي غير المؤهل مع التعامل مع حالات الإصابة بالفيروس.

وأكدت المنظمة أنه في حال انتشار المرض في ليبيا، لن تتمكن السلطات، لا سيما في الغرب والجنوب التي يمزقها النزاع، من التعامل مع أعداد كبيرة من المرضى، حيث تم تدمير النظام الصحي في ليبيا بسبب الحرب.

على الرغم من ذلك، لم يؤثر انتشار الفيروس عالمياً في خطط أطراف النزاع في ليبيا، بل ازدادت وتيرة الهجمات التي استهدفت المستشفيات والطاقم الطبي بشكل متكرر خلال الفترة الأخيرة.

إن ما يحدث في ليبيا هو انتهاك واضح وصريح للقانون الدولي الإنساني، وهو الإطار القانوني الذي يحكم النزاع الليبي، وينص على عدة أحكام رئيسية تتعلق بالكيفية التي يتم بها حماية المدنيين أثناء الصراع، وكذلك تتعلق بالوباء وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر.

وبحسب القانون الدولي الإنساني، فإنه يُحظر على الأطراف مهاجمة أو تدمير أو إزالة منشآت أو مرافق لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، مثل منشآت مياه الشرب.

ونظرًا للأزمة الحالي ، فإن مرافق إمدادات المياه ذات أهمية حاسمة لأن أي خلل يعني أن المدنيين لن يعودوا قادرين على القيام بإجراءات الوقاية الأساسية عن طريق غسل أيديهم بشكل متكرر، مما قد يؤدي إلى زيادة انتشار الفيروس.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

اقرأ أيضاً: لوفيجارو الفرنسية: انقلاب حفتر في ليبيا يهدف للتمويه على فشله الذريع