دعا العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي إلى مقاطعة إكسبو دبي 2020، الذي سيفتح أبوابه مطلع أكتوبر/ تشرين أول المقبل، وهو الحدث الذي يقام للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، فما هي أسباب هذه الدعوة؟

سؤال تصدر مقالًا بصحيفة “ليكو” البلجيكية الناطقة بالفرنسية، للباحث في الشرق الأوسط والعلاقات الأوروبية العربية وأستاذ العلوم السياسة سيباستيان بوسوا.

وقال الكاتب بناء على اقتراح من نحو عشرين عضوًا في البرلمان الأوروبي، معظمهم من صفوف اليسار والخضر الأوروبي، دعا مشروع قرار إلى مقاطعة معرض دبي العالمي إكسبو 2020، الذي سيفتتح قريبًا، والسبب الرئيسي هو اعتقال الناشط الإماراتي في مجال حقوق الإنسان أحمد منصور.

وأضاف ولكن بخلاف قضية أحمد منصور، يسعى القرار إلى تسليط الضوء على التحول الجذري والسلطوي للاتحاد الإماراتي منذ عدة سنوات.

 

واجهة رسمية جديدة

وأشار إلى أن موضوع مشروع القرار هو معرض دبي العالمي 2020، الذي تأجل لمدة عام بسبب انتشار وباء كوفيد- 19 (كورونا المستجد)، وكان بمثابة وفاة لولي العهد محمد بن زايد (MBZ) ، حيث أجبر الإماراتيين أن يتخلوا عن طموحهم الثقافي العالمي سنة أخرى بعد أن كان كل شيء جاهزًا ، وأن يعضوا اياديهم في مواجهة هذا التهديد غير المرئي الذي جعل العالم يجثو  على ركبتيه.

كان التأجيل ضربة قاسية أيضًا لدولة الإمارات العربية المتحدة التي أرادت جعل هذا الحدث واجهة رسمية جديدة للترويج لبلدهم، من أجل إخفاء أفضل لسياستهم التي يتم تنفيذها في العالم على مدار عدة سنوات.

ومن أجل هذه الواجهة، يواصل بوسوا، استثمرت الإمارات العربية المتحدة في القوة الناعمة لسنوات عديدة وكانت دبي دائمًا أكثر العروض البراقة، لكن الإماراتيين يظهرون أيضًا في المشاهد أكثر دراماتيكية من خلال السعي لتثبيت الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم العربي، في تحد للثورات والعمليات الديمقراطية، وذلك بعيدً عن خوض حروب خاسرة كما هو الحال في اليمن.

في غضون ذلك، يقبع أحمد منصور، الخصم الرئيسي لسلطة محمد بن زايد، في السجن ويظل في الحبس الانفرادي منذ عام 2017. 

وتشير منظمة العفو الدولية في هذا الصدد إلى أن أحمد منصور يقضي حاليًا عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات بعد أن أدين بشكل غير قانوني في مايو/ أيار 2018 بتهمة “ بتهمة الإساءة إلى هيبة ومكانة الدولة ورموزها، بما في ذلك قادتها، ومحاولة زعزعة علاقة الإمارات بالدول المجاورة عبر نشر تقارير ومعلومات مغلوطة على وسائل التواصل الاجتماعي”.

 

بين الأحلام والسراب

وأكد بوسوا أن الإمارات تهرول نحو بيع الأحلام والسراب لمواجهة منتقديها، في عام 2019، وهو عام قياسي للعدوان السياسي الدولي، كان الاتحاد يحتفل، وكأن شيئًا لم يحدث، بما أطلق عليه “عام التسامح”.

في هذه المناسبة، ولإخفاء الانتقادات بشكل أفضل، قامت أبو ظبي ودبي بتسجيل رقم قياسي سطحي جديد: “زهور التسامح”، التي تم إدخالها في كتاب غينيس، وأصبحت الآن أكبر سجادة من الزهور الطبيعية في العالم.

ويتابع ساخرًا، الأرقام الفردية لم تعد مفتقرة، لأن الإمارات العربية المتحدة جعلت منها محركًا للأدرينالين، وإن كانت سخيفة في بعض الأحيان: أكبر إطار صورة فارغ في العالم، أكبر سجادة منسوجة يدويًا، عدد أكبر من الناس يرتدون زي المومياوات في ثلاث دقائق.

إضافة إلى أكبر كرة عيد الميلاد في العالم، أكبر صورة لفنجان قهوة يغطي ملعب كرة القدم، أكبر مظلة على هذا الكوكب (بألوان العلم الإماراتي بالطبع)، أكبر فنجان شاي ساخن في العالم، أكبر سباق للكراسي المتحركة إلخ. هل هذا محل افتخار؟ على ما يبدو نعم.

 

استغلال العمال

وأوضح أنه هناك أيضًا قضية العمال، والتي تطرح مشكلة؛ فهؤلاء بدونهم لما كان المعرض موجودًا، حيث اعتبرت المنظمة بالفعل أن “أكبر معرض عالمي على الإطلاق” بمساحة 4.32 كيلومتر مربع، أي ما يعادل 600 ملعب كرة قدم لـ 192 دولة مدعوة وتقدير بـ 25 مليون زائر، يسلط الضوء على القضية الشائكة للعمال الأجانب.

فعبر شبكات التواصل الاجتماعي، أشارت منظمة هيومان رايتس ووتش بالفعل، في عام 2019، إلى وضع العمال المهاجرين في دبي، قبل افتتاح معرض إكسبو الدولي بوقت طويل.

وقالت “لا يزال العمال الأجانب يعانون من الاستغلال والانتهاكات بما في ذلك التأخير أو حتى عدم دفع الأجور؛ وأيضًا الحد من قدرتهم على الحركة، وظروف العمل الخطيرة، والإجهاد البدني الذي تتفاقم بشكل كبير بسبب الظروف المناخية لدرجات الحرارة الاستثنائية”.

ووفقا للكاتب الفرنسي نادرا ما تحركت اللجنة المنظمة، فالموضوع لم يعد مصدر قلق لأن “المشاريع الجديدة الـ 62 التي تم قبولها وتكريمها في يناير/ كانون ثاني 2018 ذهبت إلى الشركات التي تم إلقاء اللوم عليها بالفعل بسبب معاملة عمالها”.

وخلص إلى أنه ليس هناك أمل في أن تتغير الأشياء بشكل دائم وسريع، للأسف، وفي غضون ذلك، مع قادة الدول الذين لا يجرؤون على قول أي شيء مقابل صفقات أسلحة عادية بمليارات الدولارات، هل نحتاج إلى أصدقاء مثل محمد بن زايد؟

 

للإطلاع على النص الأصلي اضغط هنا