العدسة – إبراهيم سمعان
اختفى الدعم الذي حظي به الجنرال عبد الفتاح السيسي عام 2013؛ لأنه على مدى خمس سنوات، خيّب النظام العسكري جميع توقعات المتظاهرين الذين خاطروا بحياتهم في 2011، مطالبين بـ “الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية!”، ورغم فوزه المرجّح في الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى بسبب عدم موجود منافس حقيقي، عزوف المقترعين هاجس يؤرق السيسي.
صحيفة ” leconomiste” الناطقة بالفرنسية سلطت الضوء في تقرير لها على انتخابات الرئاسة المصرية قائلة: انطلقت الانتخابات في مصر الاثنين وستستمر حتى الأربعاء؛ حيث دُعي أكثر من 60 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع وسيتعين عليهم الاختيار بين السيسي وأحد مؤيديه غير المعروفين لعامة الناس، لكن الرئيس المتوقع فوزه قلق فقط بشأن معدل الامتناع عن التصويت الذي قد يشهد ارتفاعا ملحوظًا.
بعد فترة امتدت إلى أربع سنوات، من المؤكد أن يفوز عبد الفتاح السيسي، البالغ من العمر 63 عاماً، بالانتخابات. في الواقع، الرئيس المنتهية ولايته منافسه الرئيسي والوحيد واحد من أنصاره يدعى موسى مصطفى موسى، يرأس حزبا صغيرا اسمه “الغد”، دعم حملته عدد قليل جدا من المواطنين، حتى إنه سرعان ما أصبح أضحوكة على شبكات التواصل الاجتماعي؛ وذلك بسبب صورته الشخصية على “الفيس بوك” التي تدعو إلى انتخاب السيسي!
بالإضافة إلى عدم وجود منافس حقيقي، لم يقم رئيس الدولة المصري أيضا بحملة انتخابية على الوجه الأمثل، بل كان مقتنعا بمضاعفة الظهور المسرحي خلال الأحداث التي غطاها التلفزيون، معتمدا بشكل كبير على وسائل الإعلام لكسب أصوات الناخبين، من المؤكد أن بعد ثقته في الفوز بهذه الانتخابات، وجد الرئيس المنتهية ولايته أنه من غير الضروري الاستثمار في هذا المجال.
ورغم الفوز المؤكد للجنرال، يخشى السيسي امتناعا كبيرا عن التصويت؛ فالنتائج المعروفة مسبقا لا تشجع الشعب المصري على الذهاب إلى صناديق الاقتراع. وتأمل السلطات أن تتجاوز نسبة المشاركة أكثر من 50 ٪، وهو أمر لم يحدث في السابق!
في الواقع، خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت عام 2014، وفاز بها المشير السيسي، لم تتجاوز النسبة 37 ٪ بعد يومين من التصويت، لكن في هذه الانتخابات يستمر الاقتراع 3 أيام على أمل الحصول على نسبة مشاركة 47.5 ٪.
هناك تهديد آخر ملموس، وليس صغيرا، إنه التهديد الإرهابي الذي يحوم فوق البلاد منذ بداية الحملة؛ فالهجمات التي بدأها الجيش في التاسع من فبراير الماضي ضد الجهاديين تسببت في مقتل أكثر من مائة منهم وحوالي عشرين في صفوف الجيش.
كما أسفر انفجار سيارة مفخخة مؤخرا عن مقتل شخصين، أحدهما ضابط شرطة في محاولة لاغتيال اللواء مصطفى النمر، مدير أمن الإسكندرية أثناء مروره مستقلا سيارته في شارع المعسكر الروماني بدائرة قسم سيدي جابر.
لقد أدت ثورة 2011، على الرغم من إنكار البعض لها، إلى تغيير عميق للمصريين، فهل أولئك الذين استطاعوا إسقاط مبارك، سينحنون إلى أجل غير مسمى أمام السيسي؟
اضف تعليقا