العدسة – إبراهيم سمعان
حرب اليمن المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات وأسفرت، وفقا للأمم المتحدة، عن 100 ألف قتيل وجريح، وأدت أيضا إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بقيادة السعودية التي تسعى للقضاء على الحوثيين الشماليين، المتحالفين مع إيران وحزب الله، يبدو أنها باتت تتخذ منعطفا سيئا، على حساب الرياض.
هذا ما خلصت له صحيفة “ميديا بار” الفرنسية في تقرير لها سلطت فيه الضوء على الأحداث التي يشهدها صراع اليمن على الرغم من التعتيم الإعلامي.
وقالت الصحيفة بعيدا عن كونهم مجرد “متمردين” كما يشار إليهم باستمرار في أوروبا، الحوثيون يمثلون العنصر الشيعي لمنظمة أكبر بكثير، فيلق الحرس الثوري الإسلامي (IRGC) أو الباسداران في إيران، وجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، والفروع الثلاثة لاستخبارات حزب الله في لبنان.
وأخيرا جهاز المخابرات التابع لحماس، ومقره في غزة، لكن العملاء ينتشرون في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كما أن هذه المنظمة تتمتع بدعم سياسي، وربما عسكري من بشار الأسد في سوريا، وإذا لزم الأمر من روسيا. تضيف “ميديا بار”.
وأضافت على العكس من ذلك، التحالف العربي، الذي شكل بلا صعوبة من قبل المملكة السعودية وبدعم عسكري ومالي من الولايات المتحدة، يمثل بشكل مباشر مصالح هذه الممالك النفطية السنية التي اختارت معسكر الولايات المتحدة.
وبينت أن الهدف من هذا التحالف كان القضاء على الحوثيين وبشكل عام إيران، أولا من اليمن، ثم من شبه الجزيرة العربية ككل، لكن كما شهدنا منذ شهور، الخطة العسكرية المستمرة لهذا التحالف، تقتصر على قتل آلاف المدنيين اليمنيين، ناهيك عن تدمير القطاع الزراعي الذي يؤدي إلى انتشار المجاعات.
وأكدت “ميديا بار” أنه “رغم الأسلحة والدولارات التي وفرتها واشنطن فشل، الوريث المقبل للمملكة، الأمير محمد بن سلمان آل سعود في إنشاء قوة عسكرية ذات مصداقية. ونتيجة لذلك، تتحالف الأطراف المعارضة للسلطة في اليمن من أجل القضاء على التدخل السعودي.
ووفقا لوسائل إعلام غربية، تنوه الصحيفة، بعد مرحلة من الصراع توجت باغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح في ديسمبر 2017، قرر الحوثيون ومؤيدو حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي أسسه الزعيم السابق، وضع خلافاتهم جانبا وفتح صفحة جديدة من علاقاتهم من أجل محاربة التدخل الأجنبي.
وأشارت على أنه كجزء من هذا التقارب، قرر الحوثيون الإفراج عن مئات السجناء السياسيين والعسكريين من الجنوب الذين ألقي القبض عليهم مؤخرا نتيجة لنجاحاتهم العسكرية الأخيرة.
بادرة حسن النية قد تبدو تافه، ولكنها ليست كذلك، بل تبين كيف فهمت الرياض أن تحالف الحوثيين، المعزز من إيران وحزب الله، قد تكون قادرة قريبا على تشكيل خطر على الحكومة السعودية، وبذلك، فإنه يهدد السيادة الحالية للممالك النفطية، وحتى المصالح الأمريكية، وسيعزز النفوذ الروسي في نفس الوقت، سيكون دونالد ترامب بالضرورة مضطرة إلى أخذ ذلك في الاعتبار.
ويأتي هذا في وقت يحاول فيه الانفصاليون الجنوبيون، الذين شكَّلوا المجلس الانتقالي، إحياء دولة جنوب اليمن المستقلة التي كانت قائمة قبل توحيد البلاد عام 1990، بعد أن استولوا على آخر معقل لقوة الحماية الرئاسية التابعة للرئيس هادي، مستخدمين الدبابات والمدفعية.
ومع سيطرة الانفصاليين الجنوبيين على مدينة عدن الجنوبية، بدعم من الإمارات، الحليف الأبرز في التحالف العربي بقيادة السعودية، ويبدو أن تحالف المملكة في اليمن يتلاشى.
ويخشى كثيرون من أن يضيف صراع جديد، مزيدا من الدمار والتدهور للحالة الإنسانية لليمنيين، بعد حرب متواصلة منذ ثلاث سنوات، أدت إلى تدمير واسع في بنيته التحتية، وتفشي للأوبئة على نطاق واسع في حين تتحدث بعض التقارير الإعلامية عن حرب بالإنابة، تشهدها صنعاء بين السعودية والإمارات.
اضف تعليقا