بحلول عام 2025، يمكن أن تحصل الإمارات على طائرات من طراز “إف 35” الأمريكية، لتصبح بذلك أول دولة عربية تمتلك هذا النوع من المقاتلات، لكن لماذا وافقت إدارة الرئيس جو بايدن على هذه الخطوة؟
سؤال طرحته صحيفة “لوريان لوجور” الناطقة بالفرنسية، بعدما قال مساعدون في الكونجرس الأمريكي الثلاثاء 13 أبريل/ نيسان الجاري: إن إدارة بايدن ستمضي قدما في صفقة بيع أسلحة للإمارات تمت الموافقة عليها في ظل إدارة دونالد ترمب.
وتتضمن الصفقة منتجات من جنرال أتوميكس ولوكهيد مارتن ورايثيون تكنولوجيز، بما في ذلك 50 طائرة من طراز إف-35 لايتنينج 2، وما يصل إلى 18 طائرة مسيرة من طراز إم.كيو-9 بي وحزمة من ذخيرة جو-جو وجو-أرض.
وقالت الصحيفة: بعد نحو أربعة أشهر من وصوله إلى البيت الأبيض، تمسك الرجل الذي حرص على مراجعة العلاقات بين واشنطن والأنظمة البترودولارية في الخليج على أساس احترام حقوق الإنسان، بالواقعية السياسة.
وأضافت “بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مساعدين برلمانيين أمريكيين، فقد أبلغت إدارة جو بايدن الكونجرس بنيتها المضي قدمًا في صفقة الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات البالغ قيمتها 23 مليار دولار”.
وأشارت إلى أن الصفقة التي صدق عليها ترامب خلال الساعات الأخيرة من ولايته في يناير/ كانون ثاني؛ كان أعقبها تعليق لمبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية والإمارات بشكل مؤقت من قبل إدارة بايدن، وذلك بهدف “إعادة النظر” في القرار والتأكد من أنها تلبي “الأهداف الاستراتيجية” لواشنطن.
ووفقا للصحيفة هذه المبادرة كانت تهدف أيضًا إلى إظهار إرادة الديمقراطيين في إعادة ضبط العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج، التي حافظ دونالد ترامب على إقامة علاقات وثيقة معهم في محاولة لإحباط النفوذ الإيراني في المنطقة بأي ثمن.
ونقلت عن إليونورا أرديماغني، باحثة مساعدة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) وأستاذة مساعدة في الجامعة الكاثوليكية بميلانو، القول: واشنطن تريد طمأنة حلفائها الخليجيين بعد إظهارها عدم الاستمرار في سياسات إدارة ترامب بشأن القضايا الحساسة – مثل الحرب في اليمن وحقوق الإنسان – حيث يعيد الأمريكيون فتح المفاوضات غير المباشرة مع إيران بشأن الاتفاقية النووية (JCPOA) “.
وتابعت “هذا الإعلان يشيد ضمنيًا بإعادة ضبط الإمارات سياستها الخارجية بين عامي 2019 و2021 من خلال نهج أقل حزماً واستقطابًا في الشؤون الإقليمية”.
ولفتت إلى أن أبو ظبي كثفت مبادراتها على جبهات مختلفة، مثل انسحابها العسكري من اليمن صيف 2019، ورفع الحصار عن قطر في ديسمبر / كانون الأول، وخفض التصعيد مع إيران فيما يتعلق بالأمن البحري، أو حتى من خلال تلطيف تحركاتها في ليبيا ضد الحكومة المؤقتة.
تزايد الاحتجاجات
وبينت “لوريان لوجور” أن إعلان واشنطن يأتي في أعقاب اجتماعات جرت بين وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ونظيره الإسرائيلي بيني غانتس وكذلك ريس الوزراء بنيامين نتنياهو نهاية الأسبوع الماضي في إسرائيل، والتي تم الحديث خلالها عن مبيعات أسلحة أمريكية إلى إسرائيل، وكذلك البرنامج النووي الإيراني.
فبموجب القانون الأمريكي، يجب على الولايات المتحدة ضمان احتفاظ إسرائيل بهيمنتها العسكرية على باقي الدول في المنطقة فيما خص مبيعات الأسلحة، وهي نقطة هامة حيث تقدم واشنطن في هذا المجال كل عام مساعدات لحليفتها تصل إلى عدة مليارات من الدولارات.
ولفتت إلى أن احتمالية استحواذ الإمارات العربية المتحدة على طائرات F-35، وهي أول دولة عربية قد تمتلك هذه التكنولوجيا المتطورة، قد قوبلت باحتجاج شديد في الكونجرس، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تغيير التوازنات العسكرية في الشرق الأوسط تؤثر على الميزة العسكرية للقوات الإسرائيلية الوحيدة التي تمتلك هذا النوع من المقاتلات في الوقت الحالي بالمنطقة.
وفي إسرائيل أثار ملف F-35 الجدل أيضا الصيف الماضي، بعد أن ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” بنداً سرياً في اتفاقية التطبيع بين دولة الاحتلال والإمارات العربية المتحدة، وافق عليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو إعطاء الضوء الأخضر لواشنطن للمضي قدما في بيع طائرات F-35 وطائرات بدون طيار، إلى أبو ظبي.
وفي حين تم دحض هذه الأخبار بشدة من قبل السلطات الإسرائيلية، التي لطالما اعتبرت شراء طائرات F-35 من قبل دول أخرى في المنطقة بمثابة خط أحمر، أوضحت إسرائيل في أكتوبر / تشرين الأول المنصرم أنها لن تعارض بيع هذه المقاتلة للإمارات.
وفقًا لتقارير نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، يُشتبه في أن بيني غانتس حصل على حزمة عسكرية كبيرة كتعويض، مقابل الموافقة على المضي قدما في صفقة بيع الأسلحة للإمارات.
فك الارتباط
ورأت الصحيفة أن إدارة بايدن يبدو أنها ترغب في الجمع بين احترام حقوق الإنسان والجغرافيا السياسية، إذ أن الإمارات جزء من التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ عام 2015 لدعم القوات الحكومية، التي انتقد الديمقراطيون انتهاكاتها لحقوق الإنسان منذ عدة سنوات.
لكن المسؤولين الأمريكيين لم يعطوا تفاصيل عن مبيعات معدات عسكرية للسعودية، إذ قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: إن إدارة بايدن “تواصل مراجعة تفاصيل معينة، والتشاور مع المسؤولين الإماراتيين” بشأن استخدام المعدات والخدمات الدفاعية الأمريكية.
وأكدت أنه في حين من غير المتوقع أن يتم تسليم المعدات العسكرية الأمريكية إلى أبو ظبي إلا عام 2025 على الأقل، فإن هذه الخطوة الأولى يجب أن تعزز العلاقات الأمنية بين واشنطن وأبو ظبي في السنوات المقبلة، حيث تسعى إدارة بايدن إلى مواصلة سياسة فك الارتباط الأمريكية عن المنطقة التي أطلقتها إدارة باراك أوباما وترك القضية الأمنية للاعبين الإقليميين.
أما بالنسبة لأبو ظبي، التي كانت تضع طائرات F-35 في نصب عينها منذ عدة سنوات، تكتب “لوريان لوجور”، فإن الموافقة على هذه الصفقة بمثابة وسيلة لتعزيز ترسانتها العسكرية كجزء من استراتيجيتها للردع ضد طهران، عدوها الأول في المنطقة.
وتشير إليونورا أرديماغني في نهاية التقرير إلى أن “الإمارات العربية المتحدة بحاجة إلى الاستثمار في الخبرات المحلية بمجال صناعة الدفاع وصيانة الأسلحة والتدريب العسكري والتعليم، لكن ما يثير الاهتمام معرفة ما إذا كان لهذه الصفقة تأثير على استراتيجية الإمارات العربية المتحدة بشأن تنويع مشترياتها العسكرية، لا سيما على الاتفاقيات المحتملة مع روسيا والصين”.
للإطلاع على النص الأصلي اضغط هنا
اضف تعليقا