إبراهيم سمعان

توتر جديد بين الهند وباكستان، في منطقة كشمير المتنازع عليها بين البلدين منذ استقلالها عام 1947 والتي كانت مسرحًا للاشتباكات بين الدولتين. هذا التوتر يأتي بعد يوم من عملية نفذتها نيودلهي الثلاثاء الماذي “كضربة استباقية” ضد المعسكر جماعة جيش محمد في باكستان التي تبنت قبل أسبوعين هجومًا على حافلة تابعة للقوات المسلحة الهندية. في المقابل أعلنت القوات الجوية الباكستانية أنها أسقطت طائرتين هنديتين دخلتا مجالها الجوي وان أحد الطيارين تمتم اعتقاله.

 

وفي إطار سياق هذا التوتر المتزايد، أبدت إسلام آباد ونيودلهي رغبتهما في تفادي تصعيد جديد، إذ أعرب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عن قلقه ودعا الهند إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.

 

لكن هذا لا يمنع أن الخوف من نشوب حرب جديدة بين القوتين النوويتين أقلق العديد من الناس على كلا الجانبين، فقد غادر عدة آلاف من الأشخاص في منطقة كشمير (الهندية والباكستانية) قراهم، بينما دعا المجتمع الدولي ككل كلا البلدين للهدوء.

 

فهل يمكن أن تشهد إسلام آباد ونيودلهي نزاعًا أم أن هذه الأزمة مؤقتة فقط؟ هذا السؤال يجيب عليه كريم باكزاد ، المتخصص في المنطقة بمعهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (IRIS) ، في حديث لصحيفة L’Orient-Le Jour الناطقة بالفرنسية.

 

هل تختلف هذه الأزمة بين الدولتين عن سابقتها؟

 

كانت هناك ثلاث حروب بين الهند وباكستان منذ عام 1947 ووقعت العديد من الاشتباكات في عام 1999 بالقرب من خط كارجيل الحالي الذي يفصل بين البلدين. هذه الاشتباكات قتلت عدة آلاف من الناس على كل جانب دون أن تعقبها حرب شاملة بعد ذلك.

بعد هذه الفترة، سببت سلسلة من الأزمات مشاكل بين إسلام أباد ونيودلهي بعد الهجمات التي شنها الإرهابيون في الهند، وبعضهم من باكستان، على سبيل المثال، أسفر احتجاز الرهائن في مومباي عام 2008 عن مئات القتلى.

 

لكن الأزمة الجديدة التي ظهرت مؤخرا، وأيضا بسبب هجوم، تختلف عن سابقاتها، خصوصا أن المهاجم ليس باكستان، ولكن كشمير الهندية (أي من منطقة كشمير). ويأتي أيضا في سياق الانتخابات التي ستشهدها الهند حيث رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي (المحافظ)، الذي أصبح منصبه على المحك، في ورطة إذ يواجه صعود حزب المؤتمر (معارضة).

يحتاج رئيس الحكومة الهندية إلى خطاب قومي لتعبئة الجمهور، لكن المشكلة هي أن باكستان قد تفاعلت مع ذلك بل وسجلت نقطة من خلال اعتقال طيار هندي.

 

هل هذا التصعيد يثير الخوف من نشوب صراع جديد؟

ليس لدى أي من الفاعلين أي مصلحة في تفاقم الوضع وتحويل هذا التصادم إلى حرب حقيقية. ومع ذلك ، إذا أدى التصعيد الحالي إلى نشوب نزاع، يمكن إجراء عدة افتراضات بشأن نوع الأسلحة التي يمكن استخدامها.

اعترف رئيس الوزراء الباكستاني ضمنا بأن إسلام آباد “ليس لديها مصلحة في الذهاب إلى مواجهة (…) بوسائل عسكرية ضخمة بما في ذلك الأسلحة النووية”.

 

من جهتها، من المؤكد أن الهند لن يجيب بيد ممدودة إلى باكستان، ما سيكون مرادف لتراجع شعبية مودي، في الوقت الذي هو يحتاج فيه إلى إظهار عضلاته.

لكن، مرة أخرى، احتمال نشوب حرب ليس وارد، حتى لو لم نتمكن من استبعادها بالكامل، ومع ذلك، لا تستطيع الهند مواصلة الضغط على باكستان حتى الانتخابات، خاصة فيما يتعلق بمصير جماعة جيش محمد وحريتها في التنقل في كشمير الباكستانية، دون المخاطرة بمواجهة عسكرية واسعة النطاق.

 

ما هي القوى التي يمكن أن تتدخل وربما تستطيع تهدئة الوضع بين نيودلهي وإسلام أباد؟

يوجد العديد من القوى التي ليس لها مصلحة في نشوب صراع بين نيودلهي وإسلام أباد. لا يمكن للأمريكان أن يقبلوا أن تضعف الهند، حليفها الرئيسي في المنطقة، وخاصة بعد تدهور علاقاتها مع باكستان، والحصن الوحيد ضد القوة الصينية.

كما أن بكين، التي تدير أجزاء من إقليم كشمير، ليس لديها أي مصلحة في الاشتباكات التي تؤدي إلى حرب لأنها لا تريد أن تشارك. فالمملكة العربية السعودية، وتركيا، والأمريكيين، وأيضا الأوروبيين دعوا أخيرا كلا الطرفين إلى التهدئة ولا يريدون حربا رابعة بين قوتين نوويتين.

للاطلاع على النص الأصلي للتقرير من المصدر اضغط هنا