العدسة _ إبراهيم سمعان
أكّد توني بورمان، الرئيس السابق للجزيرة الإنجليزية وسي بي سي نيوز، على وجود العديد من النذر على أنَّ إيران والسعودية تستعدان للحرب.
وأضاف في مقال نشر بصحيفة “تورنتو ستار” الكندية، أن البلدين تتقاتلان بشكل غير مباشر في العديد من البلدان، مشيرًا إلى أن عداءهما يشكل خطرًا عالميًا أكبر من كوريا الشمالية.
وأوضح أن المواجهة بينهما تدور حول السلطة والتاريخ في الشرق الأوسط، من سيهيمن على المنطقة. من سيشكل المنطقة؟ ومن سيخسر؟
وإلى نص المقال:
أين تندلع الحرب الكارثية المقبلة في العالم؟ وما الذي يقدح زنادها؟
رغم أنَّ المأزق النووي الخطير لكوريا الشمالية مازال قائمًا، إلا أنّ ساحة الحرب الأكثر احتمالًا مرة أخرى على ما يبدو هي الشرق الأوسط.
والتنافس المتنامي بين أقوى بلدين في المنطقة ؛ إيران والسعودية، سيكون هو من يقدح زنادها.
في الأسابيع الأخيرة، كانت نقاط التوتر المحتملة في أنحاء الشرق الأوسط تتقاطع مع بعضها البعض بشكل خطير.
وهي تشتمل على الحرب المتفاقمة في سوريا، خطر التدخل الإسرائيلي، الكارثة الإنسانية في اليمن، الفوضى داخل لبنان، استمرار الصراع الطائفي في العراق، والخوف من إدخال أسلحة نووية جديدة في المنطقة.
لكن تكثيف الخطر هو ما يلوح في الأفق قبل كل هذه الصراعات.
بدرجات متفاوتة، الجميع يجري تأجيجه أو يتأثر ، كشكل من أشكال الحرب بالوكالة ، بما يخشى معه كثيرون من محللي الشرق الأوسط من المواجهة المقبلة بين إيران والسعودية.
هذه ليست فقط معركة على الدين وتقسيم الإسلام، مع وجود إيران الشيعية والسعودية السنية على طرفي نقيض الصدع الإسلامي الذي يعود إلى القرن السابع.
قبل كل شيء، هي مواجهة حول السلطة والتاريخ في الشرق الأوسط، من سيهيمن على المنطقة. من سيشكل المنطقة؟ ومن سيخسر؟
من المستحيل فرز الأزمات العديدة داخل المنطقة دون فهم السياق التاريخي لهذه العلاقة الحاسمة، وهذا أمر مهم بشكل خاص الآن.
في الأيام الأخيرة، تم بث فيلم وثائقي ممتاز من جزءين بعنوان “الأعداء الألداء: إيران والسعودية”. يمكن مشاهدته على موقع www.pbs.org/wgbh/frontline/
مع المراسل مارتن سميث، زار فريق مجلة “فرونت لاين” العامين الماضيين 7 بلدان في المنطقة، وقاموا معًا برسم صورة لما يحرك إيران والسعودية، خلال قيامهم بذلك، شرحوا القوى المعقدة الكثيرة التي تهيمن على أزمات اليوم.
على الرغم من أنَّ الصراع بين إيران والسعودية له جذور عميقة في التاريخ، إلا أنَّ أحدث تحول جاء في 2011 ردًا على ما يسمى بالربيع العربي.
شعر النظام الملكي السعودي بالتهديد من الثورات الشعبية في أنحاء العالم العربي، واتهم إيران بتأجيج النيران. من جانبهم، فإنَّ رجال الدين الذين يحكمون إيران شعروا بالقلق من أن بقاءهم على قيد الحياة بات معرضًا للخطر.
عندما كان رئيسًا لأمريكا، حاول باراك أوباما، دون جدوي ، خفض التوترات بين القوتين الشرق أوسطيتين، كان نداؤه لهم أنه ينبغي عليهما تعلم تقاسم المنطقة. رغم أنَّ ذلك أغضب السعوديبن، إلا أنه لم يكن صعبًا استنتاج أن أوباما في هذه النقطة كان على الجانب الصحيح من التاريخ.
مع ذلك، انتقل الرئيس دونالد ترامب إلى اتجاه مختلف تمامًا؛ فهو يريد إلغاء الاتفاق النووي التاريخي الذي أبرمته القوى الكبرى في العالم مع إيران، التي يراها منبوذة عالميًا.
على خلاف أوباما، لم يضع أي قيود على السعودية، وهو موقف كان واضحًا فيه في اليمن؛ حيث يجري اتهام السعودية بارتكاب جرائم حرب، في الوقت نفسه، تورّطت إيران في دعم نظام الأسد في سوريا، فضلًا عن تمويل حركة حزب الله في لبنان.
في وثائقي PBS ، تمّت الإشارة إلى وفاة أكثر من مليون شخص جراء صراعات المنطقة في العقد الماضي، كان عدد قليل منهم مواطنين إيرانيين وسعوديين.
ربما يكون البرنامج أكثر وضوحًا في وضع القصص السعودية والإيرانية في سياقها التاريخي، كثيرًا ما ينسى الأمريكيون، على وجه الخصوص، الدور الهائل ، المدمر في كثير من الأحيان، لحكومتهم وجيشهم في التاريخ الحديث للشرق الأوسط.لا يعاني الناس في الشرق الأوسط نفس هذا النوع من فقدان الذاكرة.
خصص البرنامج افتتاحيته لشيء يوضّح هذه النقطة، كان هذا الحدث يطارد الإيرانيين إلى هذا اليوم، لكن قليلًا من الأمريكيين يعرفون شيئًا عن ذلك.
في 1953، تمَّت الإطاحة بالحكومة الديمقراطية العلمانية التي كان يترأسها رئيس الوزراء محمد مصدق، في انقلاب موّلته ونظمته المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية المعروفة باسم M16.
أدَّى ذلك إلى عودة شاه إيران ونظامه الاستبدادي الذي أطاح به في النهاية آيات الله وثورتهم الإسلامية في عام 1979.
كما قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في البرنامج حول علاقات بلاده بالولايات المتحدة: “من المؤسف جدًا أنَّ الناس لديهم ذاكرة قصيرة، في الواقع ربما لا يريد بعضهم تذكر ما حدث”.
اضف تعليقا