مسؤولون دوليون: تبرئة القحطاني والعسيري هو سخرية من العدالة

أصدرت السعودية مؤخراً حكماً بتبرأة كبار مساعدي ولي العهد السعودي في اتهامهم بمقتل الصحفي جمال خاشقجي، وهو الحكم الذي لاقى هجوماَ وانتقاداً دولياً واسعاً باعتباره “تحريفاً” للعدالة واستهزاءً بها، ولم يدعم الحكم إلا الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، حيث وجدت السعودية نفسها وحيدة لا يقف معها في الصف إلا واشنطن.

صدر الحكم يوم الاثنين الماضي، حيث حُكم على خمسة أشخاص “لم يعلن عن أسمائهم” بالإعدام، وبالسجن لمدد وصلت إلى 24 عاماً على ثلاثة آخرين، اتهموا بقتل الصحفي السعودي في الواشنطن بوست جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي،

المحللون والخبراء قالوا ان الحكم يوضح بصورة لا تحتمل الشك الجهود السعودية الرامية إلى قلب الصفحة على واحدة من أسوأ أزماتها الدبلوماسية على الإطلاق، والتي شوهت سمعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العالمية، ولفتت الأنظار إلى سجل المملكة السيء في مجال حقوق الإنسان.
ومع ذلك، فإن الحكم الأخير ضاعف من الانتقاد الدولي للسعودية، وأعاد القضية على الساحة مرة الأخرى، ومن المرجح أن تظل “صُداعاً” للمملكة التي تستعد حالياً لقمة مجموعة العشرين في الرياض العام المقبل.

الحكم لاقى انتقادات دولية واسعة، حيث وصفته تركيا بأنه “فضحية”، ومنحت المخططين للعملية “إفلاتاً” من العقاب، معتبرة أنه أمر “غير مباشر” من ولي العهد.

الاتحاد الأوروبي أيضاً طالب بمحاكمة ومساءلة جميع المسؤولين عن الجريمة بغض النظر عن مناصبهم، وكذلك اعتبرت المبعوث الخاص للأمم المتحدة أغنيس كالامارد بأنه “استهزاء بالعدالة”، وأضافت على حسابها على “تويتر”: ” تم الحكم بإعدام منفذي عملية القتل، لكن العقول المدبرة لم يمسها التحقيق أو المحاكمة، وهذا يتنافى مع العدالة… وأمر يدعو للسخرية”

الجريمة التي وقعت في أكتوبر/تشرين الأول 2018 وصفتها الرياض بأنها “عملية مارقة” إلا أنها نفت وبشدة أن يكون ولي العهد متورطاً فيها أو يقف ورائها.

وكان جمال خاشقجي، المعارض السعودي صاحب الـ59 عاماً، قد دخل إلى قنصلية بلاده في إسطنبول ولم يخرج منها، حيث تم خنقه وتقطيعه على أيدي فريق سعودي مكون من 15 رجلاً، بحسب التحقيقات التركية، وحتى الآن لم يتم العثور على رفاته.

وكان ممثلو الادعاء السعوديون قد قالوا إن نائب رئيس المخابرات أحمد العسيري أشرف على مقتل خاشقجي، كما اعتبرت وزارة الخزانة الأمريكية أن سعود القحطاني -مستشار ولي العهد- كان “جزءًا من عملية التخطيط والتنفيذ أيضاً، إلا أن القضاء السعودي قام بتبرأتهما حيث قال مكتب المدعي العام إنه تم التحقيق معهما ولكن “الأدلة غير كافية” لاتهامهما من الأساس، وعليه تم تبرئتهما، على الرغم من أن المتهمين أقروا في تحقيقاتهم إنهم تلقوا الأوامر من العسيري والقحطاني.

كان كلا المساعدين جزءًا من الدائرة الداخلية المتماسكة لولي العهد الأمير محمد ، وتم إقالتهما رسميًا بسبب القتل ، لكن عسيري فقط حضر في جلسات المحكمة ، وفقًا لمسؤولين غربيين.

من ناحيتهم، رحبت الإدارة الأمريكية بالحكم السعودي، حيث أشاد مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية بالحكم باعتباره “خطوة مهمة” في مساءلة الجناة، وأضاف “نضغط عليهم من أجل مزيد من الشفافية ومحاسبة الجميع”.
كما تم الترحيب ببراءة القحطاني على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل شخصيات سعودية عامة أبرزهم الصحفي البارز سلمان الدوسري.
من الجدير بالذكر ان القحطاني لم لم يظهر علانية منذ مقتل خاشقجي، ولكن يشاع أنه ما زال يمارس السلطة وراء الكواليس.

وعلى الرغم من ترحيب إدارة ترامب بالحكم، فإنه تم انتقاده من قبل بعض المشرعين الأمريكان، حيث قال السناتور أنجوس كينج في بيان له “أي تحسن في العلاقات الثنائية (الأمريكية-السعودية) يتطلب العدالة والمساءلة”، كما قال إن رفض الإفصاح عن هوية المحكوم عليهم يؤكد عدم شفافية الأحكام، ويشكك في نية النظام السعودي نحو الانتصاف للعدالة.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا