يُعتبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، حيث يحتل المرتبة الخامسة عالميًا بقيمة أصول تقارب التريليون دولار أمريكي، إلا أن مسيرة الصندوق، التي يُفترض أن تُسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، تتخللها العديد من الاستثمارات التي تسجل خسائر فادحة.
ومن بين أبرز تلك الاستثمارات، 45 مليار دولار في محفظة الرؤية التابعة لشركة سوفت بانك، بالإضافة إلى الاستثمارات في شركات مثل لوسيد للسيارات الكهربائية. وهذا يدفعنا للتساؤل عن الكيفية التي حقق بها الصندوق هذه المرتبة العالية.
أشارت التقارير إلى أن الصندوق وصل إلى هذه المرتبة ليس من خلال عوائد ناجحة، بل من خلال بيع الأسهم المستمرة لشركة أرامكو وتحويل عائداتها إلى صندوق الاستثمارات العامة.
وفي حديثٍ لمحافظ الصندوق ياسر الرميان، أوضح أن القرارات الاستثمارية تُتخذ إما بواسطة مجلس الإدارة أو من خلال إدارة الصندوق مباشرة. لكن الغريب أن الرئيس الفعلي للصندوق، محمد بن سلمان، يمكنه تجاوز أي قرار من مجلس الإدارة، مما يعكس ضبابية في إدارة أموال الصندوق.
من هم صانعي القرار؟
مع بداية عهد الملك سلمان، برزت شخصيات جديدة في إدارة الصندوق، منها كارلا ديبيلو، التي تُعتبر صانعة المطر في صندوق الاستثمارات. تعتبر ديبيلو شخصية مثيرة للجدل، حيث ارتبطت بعلاقات وثيقة مع شخصيات بارزة في هوليوود.
لكن تساؤلات كثيرة تطرح حول مدى تأثير هذه العلاقات على القرارات الاستثمارية التي يتخذها الصندوق. وقد صرحت في لقاء لها أن دورها يكمن في تجميع الشركات والشخصيات لتكوين شراكات.
برزت ديبيلو بشكل خاص في صفقة استحواذ الصندوق على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي. ووفقًا للتقارير، حصلت على مبلغ مليوني دولار لتنظيم لقاءات بين المالك السابق للنادي وأعضاء التحالف، رغم أن هذا المبلغ لا يتعلق بنجاح الصفقة.
لكن العلاقة الوثيقة بين ديبيلو وآخرين في تلك الصفقة تُظهر كيفية تأثير شبكات العلاقات الشخصية على اتخاذ القرارات الاقتصادية، كما تربط العديد من الشخصيات المذكورة علاقات وثيقة مع ثقافة هوليوود والشخصيات السياسية.
فعلى سبيل المثال، علاقة ديبيلو مع مغنية البوب ماريا كاري والتي كانت لها مشاركة في حدث غولف ضخم في المملكة بعد اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، أثارت تساؤلات حول النوايا الحقيقية وراء تلك الفعاليات.
يتضح أن هذه الفعاليات ليست مجرد حفلات ترفيهية، بل قد تكون أدوات للتغطية على القضايا الأكثر جدلًا.
صفقات مشبوهة
في إطار سعي الصندوق لتوسيع نطاق استثماراته، تم الإعلان عن استثمار 50 مليون دولار في سلسلة فنادق هابيتاس، مع خطط لزيادة الاستثمار لاحقًا. لكن الأهم هو ظهور أول كازينو للقمار في الإمارات، الذي يُعتبر خطوة جريئة تُعبر عن التغيرات الكبيرة في السياسة الاقتصادية في المنطقة.
هذه التحركات تطرح تساؤلات حول كيفية استغلال الاستثمارات لتعزيز الاقتصاد المحلي.. تأسست أول جالية صهيونية في الإمارات عام 2019، وهو تطور يأتي في أعقاب تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
هذا التحول يُظهر أن العلاقات الشخصية والمصالح الاقتصادية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مسارات السياسة السعودية. ويطرح سؤالًا هامًا حول كيفية تأثير هذه الروابط على القرارات الاقتصادية والسياسية في المنطقة.
ماذا وراء الكواليس؟
مشروع تطوير بوابة الدرعية، والذي يُعتبر أحد أكبر المشاريع الاستثمارية، يرتبط بشخصيات مشبوهة في عالم الأعمال.
وُجهت انتقادات كثيرة تجاه كيفية إدارة هذه المشاريع، التي قد تُعزز من نفوذ شخصيات معينة على حساب الاقتصاد الوطني. هذا الأمر يثير تساؤلات حول مدى شفافية الصندوق في إجراء استثماراته.
الخلاصة على الرغم من الطموحات الكبيرة لصندوق الاستثمارات العامة، تبقى الكثير من الأمور غير واضحة.
التأثيرات المحتملة لشخصيات مثل كارلا ديبيلو ولويز تابينر تبين أن الأمور ليست كما تبدو. يُعزز هذا الضبابية المحيطة بإدارة الأموال ويدفعنا للتساؤل: إلى أين تتجه هذه الاستثمارات، وما هي الفوائد الحقيقية التي تُجنى منها؟
ويبقى الغموض يحيط بصندوق الاستثمارات العامة، مما يعقد عملية تتبع الأموال الداخلة والخارجة من الصندوق. يبقى الأمل في الشفافية والمساءلة لتحقيق طموحات المملكة الاقتصادية.
اقرأ أيضًا : فضيحة مشروع نيوم.. أين اختفى أكثر من 100 ألف عامل بالمملكة؟
اضف تعليقا