العدسة – معتز اشرف
توفيت، مساء الأربعاء، الطالبة المصرية مريم عبدالسلام، التي تعرَّضت لـ”اعتداء وحشي” من جانب فتيات في بريطانيا، وهو ما فتح ملف معاناة المصريين في الخارج خاصة في عهد الديكتاتور المتطلع لولاية جديدة عبد الفتاح السيسي قبل انطلاق التصويت الرئاسي في الخارج الجمعة، وسط دعوات للمقاطعة وعزوف عن المشاركة.
صفعة “مريم”
بينما يستعد النظام المصري بكل قوته لحشد المصريين في الخارج للمشاركة في الانتخابات الرئاسية التي تنطلق الجمعة في الخارج، تصاعدت مأساة المصريين في الخارج متجسدة، في إعلان وفاة الطالبة المصرية مريم عبد السلام، التي تعرضت لـ”اعتداء وحشي” من جانب فتيات في بريطانيا، ونعت وزارة الهجرة المصرية، في بيان لها، الطالبة مريم، التي توفيت مساء الأربعاء، بمستشفى في لندن، متأثرة بجراحها جراء الاعتداء والسحل على يد فتيات في مدينة نوتنجهام.
وفي استباق للتحقيقات يشيء بالخوف المصري الرسمي قال ناصر كامل، سفير مصر في بريطانيا، في تصريحات متلفزة لفضائية مصرية خاصة: “القضية جنائية وليست سياسية” لكن السفارة البريطانية بالقاهرة، ذكرت في بيان، صدر في 4 مارس/ آذار الجاري، أن “الاعتداء” على الطالبة عمل “خسيس وغير مقبول”. ومطلع مارس الجاري، ذكرت وسائل إعلام متلفزة محلية، أن الطالبة المصرية كانت تدرس في لندن، مستعرضة مقطعًا مصورًا لفتيات سمراوات البشرة يعنفنها.
وفي الأشهر الأخيرة، تشهد مصر حوادث متكررة لاعتداء على مصريين بالخارج، وفي واقعة هي الثانية من نوعها خلال الأسبوع الأول من مارس تم “الاعتداء” على طالب مصري يدعي محمد عزت في العاصمة البولندية وارسو، وذلك بعد أن اعتراض 4 شبان له وانهالوا عليه بالضرب المبرح مما نجم عنه إصابات في الوجه، وكشف الطالب عن مجموعة من الشبان، استوقفوه وسألوه عن جنسيته، قبل أن يخبرهم أنه مصري، بحسب موقع صحيفة “الأهرام الحكومية.
وقائع متعددة
وشهد المصريون في الخارج العديد من الانتهاكات في ظل تراجع دور السفارات والدبلوماسية المصرية في عهد السيسي، حيث اختطف مسلحون في ليبيا 6 مصريين أثناء عودتهم إلى مصر من خلال الطريق البري في عام 2016، وتعرض مواطن مصري يدعي إبراهيم مصطفى إبراهيم درويش (28 عامًا) للضرب والتعذيب في الأردن، في فبراير 2016 تعرض وليد حمدي السيد، 38 عامًا، للاحتقار ثم الضرب من قبل ثلاثة أشخاص سعوديين، ثم دهسه بسيارة أحدهم ما أسفر عن وفاته في الحال، وفي يوليو 2016، تعرض الشاب محمد النجار، 22 عامًا، من محافظة الغربية، إلى التعذيب حتى الموت في ألمانيا، وبعد تعذيبه على يد الشرطة الألمانية أدَّى إلى انفجار بالمخ، حتى لقي مصرعه وتم دفنه دون إخطار الحكومة المصرية وأخذ الموافقات الرسمية، وفي نوفمبر 2015 وقعت مشادات كلامية بين عامل مصري وشاب كويتي؛ لاختلافهم على سعر جهاز “بلاي ستيشن”، على إثرها اعتدى الكويتي وزملاؤه على المصري ودهسه بسيارة أحدهم عدة مرات والمرور فوق جسده حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، فيما تعرض 3 أطفال مصريين قُصّر تتراوح أعمارهم بين 16 و 17 عامًا للاعتداء الوحشي العنصري وذلك في مدينة كاتانيا الإيطالية.
وبحسب صحفية الأهرام الحكومية، فإنَّ “معاناة المصريين فى الخارج كثيرة ولا تنتهى“، وبخاصة في المملكة العربية السعودية، التي يعاني المصريون منها أشد المعاناة خاصة العمال الغلابة الذين يسافرون عن طريق الكفيل، ومازال ملف أزمات الطلاب المصريين فى الخارج متصاعدا بعد ورود الكثير من الشكاوى من المواطنين تجاه هذا الأمر، وحديث إعلاميين مقربين من السيسي علي الأزمة في ظل تطبيق وزارة التربية والتعليم نظام “الترم الواحد” على فى كافة المراحل التعليمية المختلفة، ورغم الدور الكبير الذى يلعبه المصريون فى الخارج من أجل مصر، إلا أنهم لم يستطيعوا تحقيق مطلب عادل لأبنائهم أن يؤدوا الامتحانات على ترمين بالمساواة مع أقرانهم فى مصر.
فلوسهم أهم!
ولم يهتم الرئيس المصري المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي بمعاناة المصريين في الخارج بقدر اهتمامه بأموالهم ومداخراتهم، وفي آخر قراراته فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14 % على الهدايا والمتعلقات الشخصية التي يصطحبها المصريون العائدون من الخارج معهم، إضافة إلى فرض جمارك على هذه المتعلقات بنسب تتراوح بين 30 و60 %، حسب نوع السلعة، كما أعلنت وزارة المالية في حكومة السيسي قائمة بعشرات السلع الخاضعة للجمارك، والتي ضمت ما أسمتها سلعًا “شائعة الورود” ولم تستثن أي سلعة من الجمارك سوى ما كانت قيمتها في حدود ألف و500 جنيه، أي نحو 85 دولارًا فقط، بالتزامن مع قرار السعودية بفرض رسوم جديدة على المقيمين الأجانب ومرافقيهم، وهو ما زاد من غضب المصريين في الخارج، بحسب تقارير متواترة.
اللجوء السياسي!
وزادت معاناة المصريين في الخارج، خاصة من المعارضين، وتحدثت تقارير محسوبة علي السيسي عن تصاعد أعداد طالبي اللجوء السياسي من جماعة الإخوان المسلمين والرافضيين للنظام المصري في ظلّ ظروف صعبة، وهو ما عبر عنه المعارض المصري البارز يحيى القزاز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان قائلًا: الأوضاع السياسية في مصر تدفع المعارضين إلى طلب اللجوء السياسي… هل يريد السيسي بسياساته ونظمه القمعية وارتفاع الأسعار وزيادة البطالة إخراجنا من وطننا والبحث عن وطن بديل، تمهيدًا لبيعه أرضًا خالية غير متنازع عليها من سكانه، أم يريدنا عبيدًا لخونة ومتصهينين ومرتزقة، ومأجورين، أم يدفعنا لطلب حق اللجوء السياسي؟! بالرغم من أننا حاليًا حاصلون على حق اللجوء الاجتماعي للعمل وزيادة الدخل في الغربة بالعذاب والدم.. مع إهدار جزء من الكرامة.. والصمت”.
وكان قسم حماية اللاجئين بكندا أعلن عن تعديلات جديدة خاصة بطلبات الهجرة المُقدمة من عِدة دول، من بينها مصر، ولم تكن كندا، أول دولة تمنح مصر حق اللجوء إليها، بل سبقها فتح الحكومة البريطانية، وأتاحت سلطات الهجرة في المملكة المتحدة لأعضاء الجماعة في مصر طلب اللجوء السياسي للمملكة، وأصدرت وزارة الداخلية البريطانية، بيانًا بعنوان “معلومات الدولة ودليل مصر.. الإخوان”، والذي جاء فيه أنّه من حق الأعضاء الفاعلين والبارزين والناشطين سياسيًا في جماعة الإخوان، وخاصة من كانوا يشاركون في التظاهرات الاحتجاجية؛ إظهار أنهم معرضون لخطر الاضطهاد، بما في ذلك الاحتجاز وسوء المعاملة وتعرضهم للمحاكمة دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة والعقوبات غير المتناسبة اللجوء السياسي للمملكة، وأضافت الوزارة، أن أنصار الجماعة البارزين أو أولئك الذين ينتمون للإخوان مثل الصحفيين، ربما يكونون عرضة أيضًا لنفس المخاطر، وفي مثل تلك الحالات، سيكون منح اللجوء لهم مناسبًا
ضحية الحلفاء!
وبحسب أرقام رسمية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يبلغ عدد المهاجرين المصريين في الخارج حوالي 9.5 مليون مواطن، منهم حوالي 6.25 مليون مصري يعيشون في المنطقة العربية، ومليون وربع يعيشون في المنطقة الأوروبية، و14 ألفًا في المنطقة الآسيوية، وحوالي مليون ونصف في الأمريكيتين، ومن بين المهاجرين المصريين في المنطقة العربية هناك 70% (أي ما يقارب 4.365.235 مصري) يتركزون في دول: السعودية والأردن والكويت والإمارات، ومع ذلك يعانون أشد المعاناة في السعودية والإمارات رغم التحالف المعلن بينهما وبين السيسي.
وبحسب مراقبين فإن تردّي أوضاع المصريين في الخليج قد أخذ منحًى تصاعديًا منذ التسعينيات وحتى وقتنا هذا، بينما معدلات هجرة المصريين إلى الخليج لم تتراجع، أو تتباطأ على أقل تقدير؛ فعام 1999، كان الجهاز المركزي للإحصاء قد قدّر حجم العمالة المصرية في الخليج بحوالي مليونين و180 ألف فرد، أي أنه خلال 18 عامًا تضاعف أعداد المصريين هناك، وتُقدر نسبة الحاصلين على مؤهل عالٍ ضمن المصريين بالخارج بحوالي 27%، أي أن الأغلبية العظمي من العمالة المصرية في الخليج تقع ضمن شريحة تعليمية متواضعة، مما يجعلها فريسة للاستغلال، والقبول بأي وظيفة مهما كانت طبيعتها، وفي ظل انهيار أسعار النفط، واستمرار الحرب اليمنية، وتطبيق خطط للتقشف؛ بات سوق العمل الخليجي يشهد نضوبًا حادًا، خاصة أمام المصريين، حيث تقلصت فرص العمل المتاحة للمصريين للعمل هناك إلى أكثر من النصف، مُسجلة تراجعًا بنسبة 56% خلال عام 2016، مقارنة بعام 2015، كما أنَّ الطلب على العمالة المصرية انخفض للغاية، لتصل إلى 80% بالنسبة للحرفيين في مجالات الزراعة والتشييد والبناء والكهرباء، وبنحو 30% في مهن مثل المهندسين والأطباء والمحاسبين، وهو ما انعكس في قيمة التحويلات الجارية من المصريين العاملين في الخارج، والتي تراجعت إلى 16.9 مليار دولار خلال العام المالي 2015 / 2016، مقابل 21.9 مليار دولار خلال العام السابق عليه.
اضف تعليقا