في خضم الصراع الدامي الذي يشهده السودان، تتزايد التقارير حول دور الإمارات العربية المتحدة في دعم قوات الدعم السريع المتورطة في النزاع ضد الجيش السوداني. وعلى الرغم من الجهود الدولية لإنهاء الحرب الدائرة، تبدو الإمارات متورطة في تقديم دعم عسكري سرّي لهذه القوات.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تشهد فيه البلاد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، كما تلعب الإمارات دورًا مزدوجًا في السودان، حيث تعلن دعمها للجهود الإنسانية وتقديم المساعدات، بينما تشير تقارير إلى أنها تقدم دعمًا عسكريًا سريًا لقوات الدعم السريع.
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن معلومات استخباراتية وصور أقمار صناعية توثق استخدام الإمارات لطائرات بدون طيار من طراز “وينج لونج 2” الصيني، والتي تُستخدم لجمع المعلومات الاستخباراتية وتوجيه عمليات الدعم العسكري لقوات الدعم السريع.
وتُظهر الصور إنشاء قاعدة عسكرية في تشاد بالقرب من الحدود السودانية، حيث يتم استخدام هذه الطائرات لمراقبة ساحات القتال وتقديم الدعم اللوجستي للمقاتلين.
وتأتي هذه التحركات بالتوازي مع إعلان الإمارات عن دورها الإنساني في السودان، حيث قدمت مساعدات بقيمة 230 مليون دولار، إضافة إلى إنشاء مستشفيات ميدانية لعلاج اللاجئين والمصابين. ومع ذلك، فإن هذا الدور الإنساني يخفي تحركات عسكرية تهدف إلى تعزيز نفوذ الإمارات في السودان.
تصاعد الأزمة
في مواجهة تصاعد الأزمة، زادت الضغوط الدولية على الإمارات لوقف تدخلها في السودان. وفي هذا السياق، أشار تقرير “نيويورك تايمز” إلى مواجهة نائب الرئيس الأمريكي كامالا هاريس لقادة الإمارات، بمن فيهم الشيخ محمد بن زايد، بشأن دعم بلاده لقوات الدعم السريع.
وتحدثت هاريس في لقاء جرى في ديسمبر 2023 عن مخاوف واشنطن بشأن تورط الإمارات في تأجيج النزاع السوداني، مطالبة بوقف هذا الدعم، الذي وصفته الولايات المتحدة بأنه يزيد من تفاقم الأوضاع.
وعلى الرغم من هذه الضغوط، تستمر الإمارات في تقديم الدعم السري لقوات الدعم السريع. وذكرت التقارير أن الطائرات بدون طيار تُستخدم لتوجيه شحنات الأسلحة إلى هذه القوات، التي اتُهمت بارتكاب فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك استهداف المدنيين وحصار المدن، مما أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص وتشريد الملايين.
أبعاد إقليمية ودولية للصراع
تتداخل الأبعاد الإقليمية والدولية في الصراع السوداني، حيث تسعى قوى خارجية مثل روسيا وإيران إلى تعزيز نفوذها في البلاد من خلال تقديم الدعم لأطراف النزاع. بينما يُنظر إلى الإمارات كأكبر داعم خارجي لقوات الدعم السريع، تحاول دول أخرى مثل مصر وإيران تعزيز مصالحها في السودان من خلال تقديم الدعم للجيش السوداني.
ويشير محللون إلى أن التدخل الإماراتي يأتي في إطار سعيها لتعزيز نفوذها الإقليمي وتوسيع دورها كقوة إقليمية مؤثرة في الصراعات التي تشهدها المنطقة. وتعتمد الإمارات على علاقاتها الاقتصادية والعسكرية لتعزيز مصالحها في أفريقيا، حيث أعلنت عن استثمارات بقيمة 45 مليار دولار في القارة.
ومع تصاعد الأوضاع في السودان واستمرار المعارك بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، يحذر الخبراء من أن الحرب قد تستمر لفترة طويلة، خاصة في ظل التدخلات الخارجية التي تسعى لتحقيق مصالحها على حساب الشعب السوداني. كما تتزايد المخاوف من وقوع المزيد من الانتهاكات والفظائع في ظل غياب حل سياسي ينهي الصراع.
الإمارات ونفوذها المتنامي في أفريقيا
التدخل الإماراتي في السودان يأتي كجزء من توجه أوسع نحو تعزيز نفوذها في أفريقيا، وهو ما بدأ يظهر بوضوح في السنوات الأخيرة. ففي 2021، قدمت الإمارات دعماً حاسماً للحكومة الإثيوبية في حربها ضد جبهة تحرير تيغراي، مما ساعد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على تحقيق انتصار عسكري. ويبدو أن الإمارات تحاول الآن تكرار هذا السيناريو في السودان.
ويرى المحللون أن هذا التدخل يأتي في سياق استراتيجية إماراتية تهدف إلى السيطرة على ممرات حيوية في المنطقة، بما في ذلك موانئ البحر الأحمر. كما تعزز الإمارات من علاقاتها مع الفصائل المسلحة في العديد من الدول الأفريقية لتحقيق أهدافها الجيوسياسية والاقتصادية.
اقرأ أيضًا : أربع سنوات على خيانة التطبيع.. كيف أصبحت الإمارات موظف لدى حكومة نتنياهو بالمنطقة؟
اضف تعليقا